تحركات مريبة للإخوان على حدود السودان.. والقاهرة بالمرصاد
عقب الإطاحة الشعبية بتنظيم الإخوان الإرهابي من السلطة في مصر عام 2013، كان السودان بوابة مهمة لتنظيم الإخوان الإرهابي للهروب من مصر ومحطة عبور.
واليوم وفي ظل أجواء الحرب بالدولة الأفريقية عاود التنظيم تحركاته المريبة على الحدود من جديد.
ثالث أكبر دولة بأفريقيا لم تكن مجرد محطة عبور فقط ولكن استقر فيها عدد غير قليل من الإخوان، وبخاصة المجموعات المسلحة التابعة للتنظيم، وقامت الجماعة بإنشاء رابطة تجمعهم كان مسؤولًا عنها قيادي بالجماعة يُدعى محمد الحلوجي.
خلال هذه الفترة، كان السودان المحطة الأهم للتنظيم، وكان يأتيها الدعم المالي واللوجستي من قبل قيادة الجماعة في عدد من البلدان، وتفرغ شباب التنظيم للتدريب على العمل العسكري والاستفادة من الأجواء التي وفرها النظام السياسي في السودان في ذلك الوقت تحت قيادة الرئيس المخلوع عمر البشير، وفق مصادر مطلعة لـ"العين الإخبارية".
حضانة العمل المسلح للإخوان
بعد عام 2013، بات السودان مركزًا لإدارة بعض العمليات المسلحة التي قامت بها حركة سواعد مصر "حسم" في القاهرة، حيث تم تدريب شباب جماعة الإخوان هناك على إعداد العبوات الناسفة وكذلك التدريب على حمل السلاح، وربما خدمهم في ذلك النظام السياسي قبل سقوطه، والطبيعة الجغرافية للسودان، فضلًا عن قربهم من الحدود المصرية، حيث كان يعود إليها هؤلاء المتطرفون لتنفيذ بعض التفجيرات.
بعد تجمع عدد كبير من الإخوان في السودان، قامت الجماعة بتوزيع أعداد منهم على بعض الدول الأفريقية مثل الصومال وكينيا، بينما تم تسهيل سفر البعض إلى دول أوربية أخرى حتى يتم توزيع ملاذات الجماعة الآمنة.
ووفق المصادر ذاتها، يُقدر عدد الإخوان الذين استقروا في السودان وبدأوا ممارسة نشاطهم المسلح من التدريب على حمل السلاح وصناعة العبوات المتفجرات قرابة ثلاثة آلاف شاب، كان ينتمي أغلبهم لحركة "حسم" التي كان يُديرها عضو مكتب الإرشاد، محمد كمال.
وهنا اختارت الجماعة الشباب دون غيرهم للاستقرار في السودان، فهم الفئة المؤهلة للعمل المسلح، بينما تم تنظيم عملهم من خلال القيادة التي أقامت في السودان، محمد الحلوجي، وتم إدارة كل المجموعات من خارج السودان.
وأشارت المصادر إلى أن عدد هؤلاء الشباب تقلص بعد واقعة التفجير التي شهدتها إحدى الشقق السكنية أثناء تصنيع إحدى العبوات الناسفة، ما أسفر عن تفجير المبنى، إلى قرابة 450 شابا، وهو ما طالبت السلطات في مصر بتسليمهم في عام 2016.
واضطر النظام السياسي في السودان إلى تقليص عدد شباب الإخوان في البلاد على وقع التفجير الذي اعترفت به الجماعة والتقارب الملحوظ بين النظام السياسي في مصر ونظام عمر البشير قبل سقوطه.
مراوغة السودان في تسليم الإخوان
قام النظام السياسي في السودان بتسليم عدد محدود للغاية للحكومة المصرية، وعلى فترات متباعدة وتم تسليم أغلبهم بعد سقوط البشير، وفي نفس الوقت اتبع سياسة المراوغة، وطلب من بعض قيادات التنظيم مغادرة الأراضي السودانية، بينما سمح لبقية الإخوان بمزاولة نشاطهم المتطرف.
رفض نظام عمر البشير قبل سقوطه تسليم هذه المجموعات، واكتفى بتسليم عدد محدود من الأفراد، بينما بحث عدد منهم عن ملاذات آمنة خارج السودان، فيما بقيت مجموعات محدودة دون الخمسمائة شخص ورفض النظام قبل سقوطه تسليم هؤلاء الأشخاص.
واقعة التفجير التي حدثت في السودان اعترف بها أحد قيادات الإخوان والمتحدث باسم حزب الحرية والعدالة المنحل، ذراع الإخوان السياسية في مصر سابقا، ويدعى، حسين عبد القادر، حيث تم معاقبته بصدور قرار إقالة له.
وأصر الإخوان على عدم الاعتراف بوجود أفراد تابعين لهم في السودان أو أنهم يتلقون أي تدريبات عسكرية، وفي نفس الوقت حافظوا على وجودهم في الداخل السوداني.
اعتراف المتحدث باسم "حزب الإخوان" بنشاط أعضاء التنظيم العسكري على الأراضي السودانية، كان هدفه الأساسي إحراج مجموعة الشباب التي رفضت أن تعمل تحت لافتة القائم بعمل المرشد آنذاك محمود عزت، بل كانت بيعتها لمسؤول المجموعات المسلحة، محمد كمال، وهو ما اضطر الإخوان للإبلاغ عنهم في إطار المناكفة والصراع الدائر حول الولاءات في هذا التوقيت.
وكانت هناك بوادر انشقاق داخل التنظيم، الخلاف لم يكن على استخدام العنف وإنما على توقيت استخدامه وولاءات الأتباع للقيادة التي انقسمت في هذا التوقيت، وكان على أساسها يتم إرسال الإعانات المادية.
الإبلاغ عن هذه المجموعات، وفق المصادر ذاتها، لم يكن اعتراضًا على العنف الذين يمارسونه ولكن على ولاء هذه المجموعات لقيادة التنظيم في القاهرة، التي كانت ترى أن العنف في هذا التوقيت سوف يكون ضرره على التنظيم أكبر، وبالتالي كان الهدف هو التخلص منهم من خلال وقف الإعانات التي كانت تُرسل لهؤلاء الشباب وإبلاغ السلطات السودانية، التي انحازت لقيادة الإخوان وطلبت من بعضهم مغادرة الأراضي السودانية.
تسلسل الأحداث أدى إلى خروج عدد من هؤلاء الشباب إلى بعض الدول الأخرى، بينما سمح فقط لقرابة أربعمائة شاب فقط بالوجود في السودان، على أن يتم التنسيق مع المخابرات السودانية فيما يتعلق بتحركاتهم.
وعلى خلفية تحسن العلاقات الجزئي مع الحكومة في مصر، قامت السلطات السودانية في أواخر عهد البشير بتسليم مجموعة بينهم حسام سلامة ومحمد عبد الحفيظ ومدين إبراهيم محمد حسنين، القيادي في تنظيم أنصار الشريعة والمتورط في عدد من العمليات الإرهابية.
تحركات مريبة للإخوان
وبعد أن نشبت الحرب في الداخل السوداني، تسود تخوفات أمنية من احتمال عودة بعض الإخوان بطرق غير شرعية عبر الحدود السودانية بعد أنباء عن رصد محادثات على بعض البرامج المشفرة جزء منها يتعلق بإعادة نشاط الخلايا الخاملة التابعة للتنظيم داخل السودان وجزء آخر يتعلق بعودة بعضهم من خلال جوازات سفر مزورة.
ومع تواصل المعارك بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع"، بدأت موجة إجلاء ونزوح نحو الحدود المصرية هربا من المعارك.
كما أعادت قيادة الجماعة من قبل جبهة المكتب العام أو قيادات حركة حسم المقيمة في الخارج الاتصال بالأفراد التابعين لها داخل السودان وتنسيق عودة النشاط، في ظل انشغال أجهزة الأمن بالصراع الدائر حاليًا بين الجيش السوداني وقوات الدعم السوداني.
في ذات الوقت، كثفت أجهزة الأمن المصرية مراقبتها على الحدود مع السودان، ودائما ما أكدت استعدادها لمواجهة أي تحديات تتعلق بأي تحركات مريبة تأتيها من الجنوب، في ظل المحاولات الدائمة من قبل الجماعة الإرهابية لإثارة الفوضى.
aXA6IDMuMTQzLjIxOC4xODAg جزيرة ام اند امز