الأمن المائي المستدام.. قضية وجودية على طاولة حلول «تريندز»

تحت عنوان «الأمن المائي المستدام- تشكيل مستقبل مائي آمن من خلال الابتكار والمعرفة»، أطلق مركز تريندز للبحوث والاستشارات المؤتمر السنوي الخامس حول الأمن المائي المستدام.
تستمر فعاليات المؤتمر على مدار يومي 2 و3 سبتمبر/أيلول 2025 في فندق ريتز كارلتون –القناة الكبرى– أبوظبي، بمشاركة 33 مسؤولاً، وباحثاً، وخبيراً من عدة دول، إضافة إلى ممثلين عن منظمات إقليمية ودولية، إلى جانب حضور شبابي فاعل، ومعرض مصاحب.
يهدف المؤتمر إلى تسليط الضوء على التحديات المتزايدة المرتبطة بالأمن المائي، واستعراض الحلول والسياسات المبتكرة لضمان استدامة الموارد المائية، في ظل ما يشهده العالم من تغيرات مناخية وضغوط اقتصادية واجتماعية.
الأمن المائي قضية وجودية
يأتي المؤتمر في إطار التزام مركز تريندز بدعم الجهود الدولية والإقليمية الرامية إلى مواجهة التحديات المائية.
وشدد الدكتور محمد عبدالله العلي الرئيس التنفيذي لمركز تريندز على أن الأمن المائي قضية وجودية تتجاوز حدود الجغرافيا والسياسة، وتمس حاضر ومستقبل البشرية.
وأوضح أنه من خلال هذا المؤتمر، يسعى "تريندز" إلى توفير منصة للحوار العلمي الرصين، وتعزيز الشراكات بين مراكز الفكر، والمهتمين والهيئات الدولية، من أجل بلورة رؤى وحلول عملية تساهم في تحويل تحديات المياه إلى فرص للتنمية المستدامة.
وأضاف الدكتور العلي أن انعقاد المؤتمر يتكامل مع استعدادات دولة الإمارات لاستضافة مؤتمر الأمم المتحدة للمياه في عام 2026، حيث يشكل مؤتمر تريندز محطة معرفية تمهيدية مهمة تسهم في إثراء أجندة النقاش العالمي، وتغذي الجهود الدولية الهادفة إلى وضع إطار استراتيجي شامل يعزز الأمن المائي المستدام، وبما يواكب أهداف التنمية المستدامة ويعزز من مرونة المجتمعات في مواجهة المخاطر المستقبلية.
- «طاقة» تستحوذ على «جي إس إينيما» الإسبانية لمعالجة المياه بقيمة 1.2 مليار دولار
- الإمارات تتعهد في «كيب تاون» بتسريع استثمارات المياه بأفريقيا
2 مليار شخص بلا مياه
ويعاني حوالي ملياري شخص في جميع أنحاء العالم من عدم القدرة على الوصول إلى مياه الشرب المأمونة وفقًا لتقرير أهداف التنمية المستدامة 2022.
ويواجه ما يقرب من نصف سكان العالم نقصًا حادًا في المياه لفترة من السنة على الأقل، من المتوقع أن تزداد هذه الأرقام مع تزايد تأثيرات تغير المناخ والنمو السكاني.
ووفقاً لبيانات البنك الدولي في تقرير حديث نُشر في مارس/آذار 2025، على مدى الخمسين عاماً الماضية، انخفض مخزون المياه الطبيعية بمقدار 27 تريليون متر مكعب بسبب تدهور الأراضي، واستنزاف المياه الجوفية، وفقدان الأراضي الرطبة. وفي الوقت نفسه، اختفى 83% من أنواع المياه العذبة منذ عام 1970، مما يشير إلى انهيار أوسع نطاقاً للنظم الإيكولوجية التي كانت ذات يوم تحافظ على استدامة الموارد المائية.
واليوم، يعيش واحد من كل 10 أشخاص في بلدان تواجه نقصاً حاداً في المياه. وبحلول عام 2040، سيعاني واحد من كل أربعة أطفال من هذه الظروف الصعبة، فالظواهر المناخية الشديدة تؤدي إلى تقلبات شديدة في دورة الماء. وبحلول عام 2050، قد يتأثر نحو نصف سكان العالم بموجات الجفاف، مما يعطل أنشطة الزراعة وسبل كسب العيش.
وتمثل المياه العذبة الصالحة للاستخدام نسبة ضئيلة لا تتجاوز 0.5% من إجمالي المياه الموجودة على الأرض، ويتأثر هذا الإمداد بشكل كبير بتغير المناخ، فعلى مدار العشرين عامًا الماضية، انخفضت مخزونات المياه الأرضية، بما في ذلك رطوبة التربة والثلوج والجليد، بمعدل 1 سم سنويًا، مما يشكل تهديدًا كبيرًا على الأمن المائي.
ومن المتوقع أن تتضاءل إمدادات المياه الناتجة عن ذوبان الأنهار الجليدية والغطاء الثلجي خلال هذا القرن، مما سيقلل من توفر المياه في الفترات الدافئة والجافة في المناطق التي تعتمد على ذوبان الجليد من السلاسل الجبلية الرئيسية والتي يعتمد عليها حوالي أكثر من سدس سكان العالم ممن يعيشون في هذه المناطق حاليًا.
وفقًا لمنظمة الفاو، سيؤدي تغير المناخ والنمو السكاني وزيادة شح المياه إلى زيادة الضغط على الإمدادات الغذائية، حيث تُستخدم معظم المياه العذبة، حوالي 70% في المتوسط، في الزراعة. يتطلب إنتاج الغذاء اليومي للشخص الواحد ما بين 2000 و5000 لتر من المياه. بالإضافة إلى أن يؤدي ارتفاع مستوى سطح البحر إلى زيادة تملح المياه الجوفية، مما يقلل من كمية المياه العذبة المتاحة للبشر والنظم البيئية في المناطق الساحلية.
وتتأثر جودة المياه أيضًا بتغير المناخ، حيث يؤدي ارتفاع درجات حرارة المياه وزيادة تواتر الفيضانات والجفاف إلى تفاقم مشاكل تلوث المياه، بما في ذلك الرواسب والمُمْرضات ومبيدات الآفات.
وتسبب تغير المناخ في زيادة احتمالية وشدة الظواهر الجوية المتطرفة مثل الفيضانات والجفاف، حيث يساهم ارتفاع درجات الحرارة في زيادة كمية الرطوبة في الغلاف الجوي، مما يؤدي إلى عواصف وأمطار غزيرة أكثر تكرارًا وفترات جفاف أشد بسبب تبخر المزيد من المياه وتغير أنماط الطقس العالمية.
وتتصدر الكوارث المتعلقة بالمياه قائمة الكوارث الطبيعية، متسببة في 70% من الوفيات المرتبطة بالكوارث الطبيعية. ومنذ عام 2000، زادت الكوارث المرتبطة بالفيضانات بنسبة 134%، وكان معظم الوفيات والخسائر الاقتصادية في آسيا، بينما زادت حالات الجفاف ومدتها بنسبة 29% في نفس الفترة مع معظم الوفيات في أفريقيا.
فعاليات اليوم الأول
المؤتمر سينطلق بجلسة افتتاحية تتضمن تدشين النسخة العربية من كتاب "العاصفة القادمة: لماذا سيكتب الماء تاريخ القرن الحادي والعشرين" للسير ليام فوكس، وإطلاق مسابقة تريندز البحثية حول الأمن المائي، إضافة إلى تدشين مجلس شباب تريندز للأمن المائي.
وأوضح الرئيس التنفيذي لـ"تريندز" أن اليوم الأول للمؤتمر سيشهد ثلاث جلسات رئيسية، الأولى حول استشراف مستقبل الأمن المائي، والثانية عن جيوسياسية المياه العابرة للحدود بين الصراع والتعاون، فيما تركز الثالثة على التعددية ودور مراكز الفكر في تعزيز الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة (SDG6).
فعاليات اليوم الثاني
المؤتمر سيواصل أعماله في اليوم الثاني بثلاث جلسات محورية، تبدأ بمناقشة دور التمويل والاستثمار في تحويل أنظمة المياه، تليها جلسة حول التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في تعزيز استدامة وأمن المياه، وتختتم الجلسات بمناقشة المرونة والقدرة على التكيف في أنظمة المياه الوطنية من خلال دراسات حالة عالمية.
كما تتخلل اليوم فعاليات شبابية ومعرض مصاحب يعرض أحدث المبادرات والبحوث في مجال الأمن المائي.
دعم ورعاية استراتيجية وإعلامية
يحظى المؤتمر برعاية استراتيجية من مركز إدارة الطوارئ والأزمات والكوارث بأبوظبي ورعاية ماسية من شركة "صحة" و"هيئة أبو ظبي للدفاع المدني".
كما يحظى المؤتمر بدعم إعلامي واسع من نخبة من المؤسسات الإعلامية الرائدة في الدولة، حيث تأتي صحيفة "ذا ناشيونال" كشريك إعلامي استراتيجي، كما يشارك في الحدث كوكبة من الشركاء الإعلاميين المتميزين، وفي مقدمتهم وكالة أنباء الإمارات – وام ، ومركز الاتحاد للأخبار، وصحيفة "جلف نيوز" Gulf News، إضافة إلى جمعية الصحفيين الإماراتية، وكذلك منصة Viory الإعلامية التي تضيف بُعداً رقمياً مبتكراً في التغطية الإعلامية، وكل من شركتي Aneco Middle East وصَبحة للدعاية والإعلان والمعارض.
معرض مصاحب
وسيُرافق المؤتمر معرض مصاحب يشكّل منصة تفاعلية تجمع بين المعرفة والتجربة العملية، حيث ستشارك فيه عشر جهات حكومية وخاصة تعرض أبرز ما توصلت إليه من مشاريع ومبادرات وتقنيات مرتبطة بموضوع المؤتمر، بما يعكس حجم الاهتمام المؤسسي والوطني بقضية النقاش. ويتيح المعرض للزوار فرصة الاطلاع على أحدث الحلول والأفكار المبتكرة التي تقدمها المؤسسات المشاركة، والتعرف عن قرب على نماذج وتجارب رائدة في هذا المجال.
وتشمل الجهات المشاركة مجموعة موانئ أبوظبي، وشركة أنيكو، وجامعة الإمارات العربية المتحدة، وهيئة أبوظبي للدفاع المدني، ومركز إدارة الطوارئ والأزمات والكوارث – أبوظبي، وشركة هوانا، وجامعة نيويورك في أبوظبي، وجامعة أبوظبي، وشركة صحة، ومجالس الشباب.
كما يضم المعرض جناح "تريندز للبحوث والاستشارات"، الذي سيعرض مجموعة من أهم إصدارات المركز ودراساته المتخصصة وبحوثه المرتبطة بمحاور المؤتمر، بما يبرز دوره الريادي في إنتاج المعرفة وتحليل القضايا العالمية والإقليمية، ويمنح الحضور فرصة للتفاعل.
المتحدثون
يشارك في أعمال المؤتمر نخبة من المسؤولين والخبراء والباحثين من بينهم؛ عبدالله بالعلاء، مساعد وزير الخارجية لشؤون الطاقة والاستدامة، والسير ليام فوكس، وزير الدفاع البريطاني الأسبق، رئيس مجموعة اتفاقات أبراهام في المملكة المتحدة ومؤلف كتاب "العاصفة القادمة – المملكة المتحدة"، والدكتور أحمد علي مراد، القائم بأعمال مدير جامعة الإمارات، وعائشة العتيقي، المديرة التنفيذية لمبادرة محمد بن زايد للماء، والبروفيسور أشوك سوين، أستاذ بحوث السلام والصراع ورئيس كرسي اليونسكو للتعاون الدولي في المياه – جامعة أوبسالا – السويد، والدكتورة هنريتا تويفانين، مستشارة في مؤسسة CMI – فنلندا، والبروفيسورة سيسيليا تورتاخادا، أستاذة شرفية في جامعة غلاسكو – المملكة المتحدة، ودانييلي ياكوبوني، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي للبحوث والتطوير في شركة ANECO الشرق الأوسط – إيطاليا، وكريستوف هودر، مستشار الأمم المتحدة للأمن البيئي والمناخي في الصومال – كينيا، ولورا بيركمان، مديرة برنامج المناخ والمياه والأمن الغذائي في مركز الدراسات الاستراتيجية في لاهاي – هولندا، وذهسيغن نايدو، مستشار التكيف المناخي للجنة الرئاسية للمناخ في جنوب أفريقيا – جنوب أفريقيا، والدكتور عامر الكندي، مسؤول مفاوضات التكيف المناخي في COP28، وروبرت سي. بريرز، مؤسس “مياهنا المستقبلية” – نيوزيلندا، والدكتور أيمن إياد، مدير برنامج المياه والبنية التحتية الاجتماعية – بعثة الاتحاد الأوروبي في مصر، والدكتور حازم الناصر، وزير المياه والري الأسبق، ووزير الزراعة الأسبق – الأردن.