خبير هيدرولوجيا لـ«العين الإخبارية»: أخطاء التنبؤ المناخي تهدد أمن مياه «حوض النيل»

دعا خبير هيدرولوجيا، جميع دول حوض النيل إلى التحرك العاجل لتطوير أدوات التنبؤ المناخي وتعزيز التعاون الإقليمي في البيانات المناخية.
وحذر الدكتور كارم عبدالمحسن، أستاذ الهيدرولوجيا المساعد بجامعة ولاية أريزونا الأمريكية، من أن استمرار الاعتماد على نماذج عالمية غير دقيقة قد يؤدي إلى إخفاقات خطيرة في إدارة مشاريع مائية كبرى مثل سد النهضة.
وقال الدكتور عبدالمحسن، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن دراسة حديثة مدعومة من وكالة "ناسا"، سلطت الضوء على خلل واضح في نماذج التنبؤ الموسمي المعتمدة في منطقة شرق إفريقيا، خاصة حوض النيل الأزرق، وهو ما يعرض تشغيل السدود لمخاطر محتملة تشمل الفيضانات أو الجفاف، وتداعيات خطيرة على الأمن المائي والغذائي لدول المصب.
وكانت الدراسة، التي نُشرت في دورية "مجلة الهيدرولوجيا: دراسات إقليمية "، قد حللت بيانات الأمطار على مدى 21 عاما، وكشفت أن النماذج المناخية المستخدمة في إدارة سد النهضة، مثل مجموعة "NMME"، تُفرط في تقدير كميات الأمطار أو تقلل منها باستمرار، مما يُربك حسابات التخزين والتشغيل.
ويوضح عبد المحسن أن "أداء هذه النماذج يرتبط ارتباطا وثيقا بتوافر البيانات الأرضية الدقيقة مثل محطات قياس الأمطار وتدفق الأنهار، وهي بنية تحتية تعاني نقصا كبيرا في إفريقيا"، مضيفًا أن "تحسين هذا الجانب بات ضرورة لا رفاهية، خاصة مع مشروع يؤثر على أكثر من دولة".
ويدعو عبد المحسن إلى إنشاء نماذج مناخية محلية خاصة بدول حوض النيل، بدلا من الاعتماد الكامل على النماذج العالمية، مؤكدا أن "المجتمعات النهرية تحتاج حلولًا مصممة لظروفها الخاصة، وليس نماذج معممة لا تراعي الفوارق المناخية والبيئية الدقيقة في منطقتنا".
نموذج بسيط.. ونتائج دقيقة
وتقترح الدراسة بديلا إحصائيا بسيطا يعتمد فقط على مؤشرين مناخيين رئيسيين (النينيو وتذبذب المحيط الهندي)، وتمكن الباحثون من خلاله من التنبؤ بـ63% من المواسم الجافة والممطرة بدقة أعلى من النماذج العالمية.
لكن الدراسة تؤكد أيضا أن نحو نصف المواسم المناخية ما تزال صعبة التنبؤ، ما يستدعي استثمارا أكبر في تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي لتقليص هامش الخطأ.
نداء إلى دول الحوض
ويختتم عبدالمحسن بدعوته إلى تكاتف جهود جميع دول حوض النيل من خلال مشاركة البيانات المناخية والهايدرولوجية بين الدول، إنشاء منصات إقليمية لرصد وتحليل المناخ، الاستثمار في بنية تحتية رصدية قوية، وتبني سياسات شفافة للتنبؤ وإدارة المياه.
ويؤكد أن "تجاهل هذه الخطوة لن يؤثر على سد بعينه، بل على مصير أكثر من 400 مليون نسمة يعيشون على ضفاف النيل، ويعتمدون عليه كمصدر للحياة والغذاء والاقتصاد".