وزير التعليم الإماراتي: استدامة الأوطان ورفاه الشعوب هدف قمة "أقدر"
وزير التربية والتعليم الإماراتي يلقي كلمة في قمة "أقدر" العالمية، المنعقدة بالعاصمة الروسية موسكو، من 29 أغسطس حتى 1 سبتمبر 2019
ألقى وزير التربية والتعليم الإماراتي حسين إبراهيم الحمادي، الخميس، كلمة في قمة "أقدر" العالمية المنعقدة بالعاصمة الروسية موسكو، من 29 أغسطس/آب حتى 1 سبتمبر/أيلول 2019.
وقال الحمادي في كلمته "حقاً علينا اليوم أن نفخر بهذا الكيان وبهذه الدولة الفتية، التي تسارع الخطى قدماً في ظل قيادة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة.. نحو خمسة عقود منذ قيام اتحاد الإمارات تحت قيادة المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، هي سنوات استثمرتها قيادتنا الرشيدة في بناء الإنسان وتمكين الشباب وسعادة المجتمع والنهضة المنشودة، وتعزيز قيم الخير والفضيلة والتسامح والمحبة والانفتاح على الآخر".
وأكد أن دولة الإمارات استندت إلى معادلة قوامها: الإنسان والتعليم والمستقبل لاستدامة الوطن ورفاه شعبه، وخير العالم أجمع، مضيفاً: "هذا ما يجمعنا اليوم تحت مظلة قمة أقدر العالمية في دورتها الثالثة، والتي تقام هذا العام في موسكو تحت شعار (تمكين المجتمعات عالمياً.. التجارب والدروس المستفادة)، بالتزامن مع بدء أعمال منتدى موسكو العالمي (مدينة للتعليم).
وتابع الحمادي "اسمحوا لي أن أتقدم بوافر الشكر للشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، على رعايته قمة أقدر العالمية، ودعمه المشهود للتعليم، والشكر موصول للشيخ سيف بن زايد آل نهيان الذي تشرفنا بوجوده معنا، واهتمامه بهذا الحدث المتفرد والعالمي بما يحمله من مضامين وأهداف غايتها بناء وعي عالمي ومجتمعي بالتحديات المستقبلية، من خلال وضع الاستراتيجيات الكفيلة بفتح آفاق التعاون والتطور والازدهار".
وعبّر عن بالغ الامتنان والشكر لحكومة جمهورية روسيا الاتحادية على استضافة قمة "أقدر" العالمية، وتقديم التسهيلات والتعاون المثمر، و"هذا ما يؤكد عمق التعاون والشراكة الاستراتيجية التي تجمع البلدين".
وأكد الحمادي أن إقامة هذا الحدث المميز في العاصمة موسكو يشكل فرصة سانحة لإيصال صوت الإمارات الباحثة عن تقارب الشعوب وتعاون الدول والاستثمار في الإنسان، واستعراض تجربة الإمارات الفكرية والتنموية والتعليمية، مع الاستفادة القصوى من المحافل العالمية لزيادة تبادل الأفكار والرؤى، والخبرات العلمية والتقنية والتكنولوجية.
كما تبرز القمة أهمية استدامة الجهود العالمية، بما يحقق نقطة ارتكاز للتواصل والعمل سوياً في بناء مجتمعات أكثر تحضراً وإبداعاً وابتكاراً وتقدماً، وهذا حتماً يعكس رؤية وأهداف قمة "أقدر" العالمية وما تصبو إليه.
التعليم مفتاح التطور
وقال الحمادي "التعليم مفتاح التطور وركيزة التنمية وأساس النهضة الإنسانية ومحور التغيير، ومدخل للفكر الإنساني المتجدد الباحث عن فرص الازدهار، وهو ما كان الباعث لنا في دولة الإمارات لتحقيق تغيير مفصلي في منظومة التعليم، لبناء أجيال أكثر تمكناً ومهارةً والتزاماً بقيمها الأصيلة ومواكبة المستجدات".
وأوضح أن بوصلة دولة الإمارات العربية المتحدة تتجه بثبات نحو المستقبل، باعتباره المظلة التي تقود العمل في جميع القطاعات، مشيراً إلى إرادة قطاع التعليم الإماراتي في إعداد قدرات بشرية مواطنة، قادرة ليس فقط على التعامل بفعالية وتميز مع تحديات وفرص المستقبل، بل حتى تكون على أتم الجاهزية لاستشراف مستقبلها الخاص، ومستقبل الأجيال اللاحقة، وتحقيق الرفاه للمجتمع الإماراتي اقتصادياً وصحياً وثقافياً، وبيئياً وتعليمياً ومعرفياً.
وأدف الحمادي قائلاً "إن المراقب لجهود دولتنا يستطيع أن يدرك ويستخلص دواعي التطور واستشراف المستقبل، وإصرارنا وسعينا ومثابرتنا للوصول إلى المراكز الأولى في كل مجال، وهذا الأمر ليس بجديد علينا منذ قيام الاتحاد عام 1971، والذي كان انطلاقة لنهضة وطنية شاملة كمية ونوعية، التعليم أحد أهم مجالاتها ورافد لاستمرارها أيضاً".
وبيَّن أن التعليم كان في مقدمة أولويات الشيخ المؤسس، المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي عبّر عن ذلك بقوله "إن أكبر استثمار للمال هو استثماره في خلق الأجيال من المتعلمين والمثقفين"، لتكون بذلك مبدأ وتوجيهاً والتزاماً، وممارسة له ولقيادة الدولة من بعده.
وحسب الحمادي: "كان لإلزامية التعليم ومجانيته ورصد الموازنات الكبيرة من عائدات النفط لتطوير مؤسسات وبرامج تعليمية نوعية، دوره الكبير في تصدّر دولتنا عالمياً، انطلاقاً من أدائها ومؤشرات التنافسية العالمية، والتنمية البشرية، والرخاء العالمي، والتوازن بين الجنسين، وريادة الأعمال".
استراتيجيات تستشرف المستقبل
وأضاف حسين الحمادي: "إن رحلتنا الحالية لتطوير قطاع التعليم وعلى مختلف الأصعدة تترجم تطلعاتنا في مواكبة استحقاقات استشراف المستقبل، مستندة إلى استراتيجيات وطنية عديدة، تم إطلاقها للوصول بالإمارات لتنمية بشرية شاملة ومتكاملة، والاستثمار في الإنسان الإماراتي".
وذكر أن الدولة أطلقت رؤية "الإمارات 2021"، ثم أتبعتها بخطة "مئوية الدولة 2071"، مشيراً إلى المبادرات الوطنية المتخصصة مثل الاستراتيجية الوطنية للابتكار، واستراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي، واستراتيجية دولة الإمارات لاستشراف المستقبل، واستراتيجية الإمارات للثورة الصناعية الرابعة.
كما لفت الحمادي إلى استراتيجية المهارات المتقدمة، والاستراتيجية الوطنية للقراءة، والبرنامج الوطني للتسامح، والاستراتيجية الوطنية لتمكين الشباب.
وأكد أن حكومة الإمارات اتخذت مجموعة من الإجراءات والقرارات المتعلقة بالنظام التعليمي، كخطوة أساسية نحو التحول من الاقتصاد الذي يعتمد على النفط وصناعاته والقطاعات التقليدية، إلى اقتصاد المعرفة الذي يعتمد على توليد المعرفة ونقلها، وتوظيفها، والابتكار وريادة الأعمال.
وكان من أبرز هذه القرارات دمج وزارتي "التربية والتعليم" و"التعليم العالي" في وزارة واحدة، لتوحيد الجهود والسياسات وتحقيق التناغم بين مخرجات التعليم العام والعالي، ومتطلبات سوق العمل.
وقال: "أما الذي يختص قطاع التعليم العالي فأود التأكيد على الجهود التطويرية الحثيثة التي يشهدها هذا القطاع المهم عبر تنفيذ المبادرات المنبثقة عن استراتيجية التعليم العالي 2030، التي أطلقناها عام 2017، وتهدف للوصول إلى تعليم عالي الجودة في المسارات المهنية والأكاديمية، وتحقيق مخرجات بحثية مؤثرة تسهم في دفع عجلة اقتصاد مبني على المعرفة".
وتطرق الحمادي إلى تصنيف مؤسسات التعليم العالي في الإمارات ضمن مستويات للجودة حسب مجموعة من المؤشرات، ما سيؤدي بدوره إلى تحقيق مبدأ شفافية تصنيف المخرجات، وتوفير حوافز قوية لدعم جودة النظام التعليمي، فضلاً عن تشكيل مجلس التعليم العالي والقطاع الخاص، بغرض تحديد احتياجات التوظيف والمهارات المستقبلية، ومراجعة وتقييم البرامج الأكاديمية، مع إعداد الخبرات المهنية.
وتابع "نسعى إلى استقطاب المزيد من طلبة الدراسات العليا، بهدف تعزيز البحث العلمي.. وأثق أن أخي الدكتور أحمد بالهول سوف يمدنا بفكر ورؤية واسعة عن قطاع التعليم العالي".
تجربة المدرسة الإماراتية
واستعرض وزير التعليم الإماراتي تجربة "المدرسة الإماراتية" وهي النموذج الوطني للتعليم العام في الدولة.
وأفاد "كان لزاماً علينا أن نبدأ من حيث يجب أن ننتهي، فوضعنا سمات نراها ضرورية للخريج من مدارسنا، ترتبط بالشخصية والمعرفة والمهارات، فهو أصيل، قيادي، واثق من نفسـه، شغوف بالمعرفة، فعّال في مجتمع المعرفة بكافة أبعادها، مبدع ومفكر، متعاون وثنائي اللغة، ومتمكن من التكنولوجيا".
وأوضح الحمادي "كان لدينا القناعة في رحلة التطوير أنه يجب عدم التركيز فقط على المناهج الدراسية والتقييم والتدريس باعتبارها أسسا أي منظومة تعليم، بل يجب أن تشمل كافة جوانب البيئة التعليمية كمسارات التعلّم، القيادات المدرسية، النشاطات اللاصفية، البنية التحتية والتعلّم الذكي، والجودة والرقابة، كما أننا نرى تعاوننا مع كافة شرائح المجتمع وعلى رأسهم أولياء الأمور والتعليم العالي، شراكة وضرورة في كافة مراحل التطوير".
وأردف "نؤمن بأن المدرسة الإماراتية كحزمة تطويرية متكاملة سوف تستمر في إحداث تحول جذري في مقومات وشكل التعليم في الدولة، وأقول ستستمر لأننا ملتزمون بالاطلاع الدائم وتبني أفضل الممارسات العالمية في قطاع التعليم، بما يتوافق مع رؤيتنا وآمالنا.. كما أن منظومتنا للرقابة والجودة تتيح لنا تغذية راجعة إلى التجويد والتحسين لتحقيق أهدافنا".
وأكد أنه لأهمية اللغة الإنجليزية فقد طورت الإمارات منهاجها بما يتيح نهجاً عملياً في تعلم اللغة، عبر استخدامها كوسيلة للتواصل، وتمكين المتعلمين من الأداء والتعبير عن أنفسهم في المواقف الحياتية، داخل وخارج السياق الأكاديمي.
وأضاف "سعياً منا لفتح نوافذ جديدة لطالب المدرسة الإماراتية ومساعدته في اكتساب فهم أعمق للثقافات الأخرى، وفهم أفضل للآخرين، ما يسهم في تعزيز مفاهيم المواطنة العالمية، وتعزيزاً لدور دولتنا كحلقة وصل بين دول العالم فقد طورنا مادة اللغة الثالثة، حيث نطرح المجال حالياً أمام طلبتنا لدراسة اللغة الفرنسية أو اللغة الصينية عبر مناهج رصينة، آملين زيادة عدد اللغات في المستقبل".
وقال الحمادي "لعله من الضروري وفي سياق حديثنا عن التكنولوجيا تبيان أن جهودنا الحثيثة في مجال التعلّم الذكي تستند إلى بنية تحتية صلبة، تنتج وبشكل متسارع العديد من الخدمات والمنصات المساندة لعمليات التعليم والتعلّم، سواء تلك المتعلقة بالمناهج أو التقييم أو التدريب أو العمليات المدرسية، أو التواصل الفعال السلس بين جميع أفراد المنظومة التربوية، من طلبة ومدرسين وإداريين وأولياء أمور".
وذكر "نحن لسنا ملتزمين فقط بأتمتة النظام بل نسعى بجدية كاملة للاستغلال الأمثل للتكنولوجيا لتحقيق أعلى درجات الدمج المدروس لإمكاناتها الكبيرة، في نواحي التعليم والتعلّم كافة".
وخلص الحمادي إلى "أن فلسفة المدرسة الإماراتية قائمة في جوهرها على التطوير المستمر، لذا فإن تصميم وتنفيذ نظام متكامل للرقابة والجودة أمر له أهمية بالغة، بغرض ضمان تحقيق أهداف هذه المنظومة التعليمية".
وتتعدد وسائل التدقيق والمتابعة، فهناك الاختبارات الوطنية تحت مسمى "اختبار الإمارات القياسي"، وهو مجموعة اختبارات إلكترونية معيارية مبنية على المعايير الوطنية لقياس وتقييم أداء الطلبة، وتُطبَّق على مجموعة من المراحل الدراسية تبدأ بالصف الأول، وتمر بالصفوف الرابع والسادس والثامن والعاشر، وتُختَتم باختبار الصف الثاني عشر.
وشكر وزير التعليم الإماراتي الحاضرين والمشاركين في الجلسة الحوارية، مبدياً سعادته بـ"طرحهم ورؤاهم النيرة".
ويُذكَر أن قمة "أقدر 2019" تُنظّم تحت شعار "تمكين المجتمعات عالميا: التجارب والدروس المستفادة"، وتعمل على إيجاد مجتمعات ممكنة وقوية، قادرة على مواجهة تحديات الحاضر والمستقبل، وبناء مجتمعات يسودها الأمن والتسامح والسلام، إلى جانب تعزيز العمل المجتمعي العالمي المشترك، ودعم الحكومات والمؤسسات الدولية في تحقيق غاياتها وأهدافها.
aXA6IDMuMTM5LjgzLjI0OCA= جزيرة ام اند امز