حل سحري لإزالة الكربون.. السر في "الأعشاب البحرية"
غالبًا ما يُطلق على الغابات الاستوائية المطيرة اسم رئتي كوكبنا، لكن كما اتضح، هناك رئتان أكبر في محيطاتنا، وهي الأعشاب البحرية.
والأعشاب البحرية هي حقول شاسعة من النباتات تحت الماء قادرة على التقاط الكربون 35 مرة أسرع من الغابات الاستوائية المطيرة، وتعد هذه النظم البيئية الساحلية من بين أكبر أحواض الكربون في العالم، ومع ذلك فنحن لا نعرف سوى القليل عن مصادر الطاقة التي تزيد من إنتاجيتها.
وتشير دراسة جديدة نشرتها دورية "نيتشر" في 3 نوفمبر/ تشرين الثاني، إلى أن هذه الأعشاب البحرية لن تكون بنفس القوة في التقاط الكربون لولا بطل مخفي مختبئ داخلها.
وبالعيش مباشرة داخل جذور نبتة بوسيدون المحيطية في البحر الأبيض المتوسط، اكتشف الباحثون نوعًا جديدًا من البكتيريا، يُدعى "سيليريناتانتيموناس نيبتوناس"، والذي يمكنه تحويل غاز النيتروجين إلى مادة مغذية يمكن للنباتات البحرية استخدامها بالفعل في عملية التمثيل الضوئي.
ويشبه هذا بشكل لافت للنظر كيف تلتقط النباتات على الأرض النيتروجين أيضًا، ومع ذلك لم يتم العثور على هذا النوع من العلاقة التكافلية بين النباتات البحرية من قبل.
وركزت الدراسة فقط على نوع معين من الأعشاب البحرية في البحر الأبيض المتوسط، ولكن نظرًا لوجود أقارب من "يليريناتانتيموناس نيبتوناس" في جميع أنحاء العالم، يشتبه الباحثون في إمكانية حدوث علاقات مماثلة في أماكن أخرى أيضًا.
ويوضح عالم الأحياء الدقيقة البحرية ويبك موهر من معهد ماكس بلانك في بريمن بألمانيا في تقرير نشره موقع "ساينس أليرت": "كان من المفترض أن ما يسمى بالنيتروجين الثابت للأعشاب البحرية يأتي من البكتيريا التي تعيش حول جذورها في قاع البحر، ونظهر الآن أن العلاقة أقرب بكثير، حيث تعيش البكتيريا داخل جذور الأعشاب البحرية، وهذه هي المرة الأولى التي يظهر فيها مثل هذا التعايش الحميم في الأعشاب البحرية".
وحدد الباحثون البكتيريا الجديدة باستخدام تقنيات مجهرية، حيث يتم تمييز الأنواع البكتيرية المختلفة التي تعيش داخل وبين الخلايا الجذرية بواسطة ملصقات ملونة مختلفة.
ومقارنة بالرواسب الرملية المنتشرة حول الأعشاب البحرية، وجد المؤلفون أن النبات نفسه كان قادرًا على تخزين أكثر من ثمانية أضعاف كمية ثاني أكسيد الكربون، وكان هذا صحيحًا حتى في حالة عدم وجود مغذيات نيتروجين قابلة للاكتشاف في عمود الماء.
وتشير النتائج إلى أن شيئًا آخر كان يوفر غاز النيتروجين، ووجد الفريق أن الميكروبيوم في جذور النبات لم يكن مثل الميكروبيوم الموجود في الرواسب المحيطة.
ويبدو أن الاختلاف ناتج بشكل أساسي عن بكتيريا واحدة، ووجد المؤلفون أنها موجودة في جذور الأعشاب البحرية بكميات كبيرة في فصل الصيف، عندما يكون النيتروجين أكثر ندرة، وبمجرد الحصول على النيتروجين في هذه الجذور يبدو أنه ينتشر بسرعة في جميع أنحاء النبات.
وكتب المؤلفون: "كان هذا النقل سريعًا، حيث تم استيعاب حوالي 20 بالمائة من النيتروجين الثابت حديثًا في الكتلة الحيوية للأوراق خلال 24 ساعة".
وفي المقابل، يعتقد الفريق أن الأعشاب البحرية ربما تزود البكتيريا الموجودة بها بالسكريات - وهي علاقة تكافلية أغفلناها سابقًا وربما تكون قديمة.
ويُعتقد أن الأعشاب البحرية قد تطورت منذ حوالي 100 مليون سنة من النباتات المزهرة التي شقت طريقها إلى البحر.
خلال هذا الانتقال، يشتبه المؤلفون في أن الميكروبات الجذرية الخاصة التي تم إنشاؤها بالفعل لتثبيت النيتروجين على الأرض قد تم استبدالها بنسخة بحرية.
ويوضح مور "لقد نسخوا فعليًا النظام الذي كان ناجحًا للغاية على الأرض، وبعد ذلك، من أجل البقاء على قيد الحياة في مياه البحر الفقيرة بالمغذيات، اكتسبوا متعايشا بحريا".