"بلدي: مذكرات سوري".. حكايات الحياة والموت في الحرب
كتاب جديد يركز فيه الكاتب على سرد معاناة مدينة معضمية الشام بريف دمشق تحت حصار استمر 9 شهور، ورحلة الهروب إلى الولايات المتحدة
مرت الحرب السورية التي دخلت عامها الثامن الآن، بسلسلة من المشاهد المروعة، حتى أصبح من المستحيل تقريبا الاستمرار في متابعتها، لكن ما حدث في 21 أغسطس 2013، حين أطلق نظام بشار الأسد -بحسب تقارير دولية - غاز السارين على ضواحي دمشق، كان أمرا آخر.
في ذلك اليوم تجاوز النظام السوري "الخط الأحمر" الذي كان قد تحدث عنه الرئيس الأمريكي، وكان ذلك اليوم بالنسبة لقاسم عيد، يوم وفاته وولادته من جديد في الوقت ذاته.
في كتابه الجديد بعنوان "بلدي: مذكرات سوري"، الذي صدر باللغة الإنجليزية في الولايات المتحدة، الأسبوع الماضي، يروي الكاتب والناشط الفلسطيني السوري قاسم، يومياته منذ ذلك اليوم، مسلطا الضوء على معاناة مدينته معضمية الشام، بريف دمشق.
بحسب موقع "ذا إنترسبت" الأمريكي، يعكس قاسم في كتابه رغبة السوريين في حكاية رواياتهم بأنفسهم لتذكير العالم بأن الأشخاص الحقيقيين يقومون بثورات ويحاربون في المعارك ويعانون من الإصابات والفقدان. وفي الوقت الذي تسعى فيه بعض الأطراف الخارجية إلى تطبيع العلاقات مع الرئيس السوري بشار الأسد في محاولة لإعادة الاستقرار إلى سوريا، تذكرنا الحكايات الواردة في كتاب قاسم بأصل الثورة السورية والتجارب الشخصية مع استبداد نظام دفع مئات الآلاف إلى الخروج إلى الشوارع تعبيرا عن غضبهم.
بدأ قاسم الكتاب بحديثه عن طرد إسرائيل 750 ألف فلسطيني من منازلهم عام 1948، حتى هربت عائلته إلى سوريا حيث تمت معاملتهم كمواطنين من الدرجة الثانية لرفض النظام السوري منحهم الجنسية السورية؛ بحجة أن هذا ربما يتعارض مع حق العودة إلى أرض أجدادهم. وأوضح الكاتب: "ربما يبدو هذا منطقيا، لكن في الواقع يعني أن الفلسطينيين في سوريا لن يتمكنوا من الاندماج في المجتمع بصورة كاملة وسيظلون لاجئين بدون حق المواطن الكامل". كما أشار قاسم إلى أنه وعائلته عانوا تعليميا وشخصيا ومهنيا بسبب رفض والده الصحفي الانضمام إلى حزب البعث.
وعندما انطلقت الاحتجاجات في شوارع المعضمية يوم 18 مارس 2011، تفاءلت عائلة قاسم جدا أملا في أن تكون سببا في الإصلاح والتخلص من فساد النظام. وبحلول منتصف 2012، أصبح من الواضح جليا عدم تمكن أي طرف من إحراز فوز عسكري، ما جعل الأسد يتبنى استراتيجية جديدة مع المعضمية: التجويع.
وفي أغسطس 2013، بدأت الهجمات بالأسلحة الكيميائية ضد مدينة المعضمية التي ظلت محاصرة من قبل قوات الأسد 9 شهور ما أدى إلى إصابات عديدة بسوء التغذية. وعلق قاسم على ذلك في كتابه قائلا: "امتصت المجاعة حياة وأمل كل شخص في المدينة بمن فيهم أنا".
وفي نوفمبر من العام ذاته، بدأ عيد إضرابا عن الطعام لجذب انتباه العالم إلى معاناة بلدته، ورفع حصار قوات الأسد المسلحة عنها. وبمساعدة نشطاء في أمريكا الشمالية، تمكن قاسم من الحصول على دعم نعوم تشومسكي ونورمان فنكلستين والنائب كيث إليسون الذين دخلوا في إضراب عن الطعام تضامنا معه.
بعد ذلك أصبح قاسم هدفا رئيسيا لنظام الأسد، وبمساعدة نشطاء سوريين يعيشون في أمريكا، تمكن من السفر إلى هناك هو الآخر.
ويتضح من مذكرات قاسم التي تحدث فيها عن الحياة قبل وبعد الثورة السورية، أنه عاش حياة من الحرمان في ظل نظام الأسد. وبالرغم من أن مذكراته لا تعبر عن الشعب السوري كاملا، إلا أن تجربته تعمق من فهم العالم للمجتمع السوري المعقد.