مقتل مدير سد الفرات قرب "الرقة"
غارة جوية تقتل مدير سد الفرات بمدينة الطبقة قرب الرقة وسط مخاوف من انهياره نتيجة أعمال القتال بين "قوات سوريا الديمقراطية" وداعش
أعلنت مصادر تابعة للمعارضة السورية أن طائرات يعتقد أنها تابعة للتحالف الدولي ضد تنظيم داعش الإرهابي الذي تقوده الولايات المتحدة قتل المهندس السوري القائم على تسيير أمور سد الفرات بالقرب من مدينة الرقة شمال سوريا، والذي تتهدده أعمال القتال الدائرة بالقرب منه.
وبحسب ما نشره المرصد السوري لحقوق الإنسان (مركز معارض مقره لندن يقول إنه يستقي أخباره من نشطاء) فإن الطائرات قتلت أحمد الحسين، القائم على تسيير أمور سد الفرات وإدارتها، مع فني آخر، في منطقة الطبقة بريف الرقة الغربي.
وفي التفاصيل فإن استهداف الحسين جرى الثلاثاء، مع مجموعة مرافقة له بينهم فنيون آخرون من الفريق الفني لسد الفرات، في منطقة مساكن الطبقة، من قبل طائرات يرجح أنها تابعة للتحالف الدولي.
وأكدت مصادر للمرصد أن الاستهداف حدث خلال خروج الحسين من أحد المباني في منطقة مساكن الطبقة، برفقة 12 شخصاً آخر، حيث تأكد مقتل الحسين مع فني آخر، في حين أصيب آخرون بجراح، بينما لا يزال مصير البعض الآخر من المجموعة المستهدفة مجهولاً إلى اللحظة.
من جانبه أعلن تنظيم داعش، الذي يسيطر على السد، عبر وكالة أعماق التابعة له على شبكة الإنترنت، أن الطيران الأمريكي قتل الاثنين في غارة جوية مدير السد ومهندسا وتقنيا.
ولم يعلق التحالف الدولي على هذا الأمر بعد، كما لم يصدر تعليق من الحكومة السورية التي ما زال العاملون في السد يتقاضون مرتباتهم منها.
وتعد السيطرة على السد أبرز أهداف المعارك التي تدور بين "قوات سوريا الديمقراطية" وتنظيم داعش الأرهابي الذي يسيطر على مدينة الطبقة التي يقع بها السد.
وتدور منذ يومين معارك متقطعة بين الجانبين بالقرب من السد والمطار العسكري الذي نجحت "قوات سوريا الديمقراطية" في انتزاعه من داعش، فيما يكثف التنظيم الإرهابي هجماته على خصومه لوقف تقدمهم.
ولا يزال جسم السد بحد ذاته والجزء الأكبر من المجمع المحيط به تحت سيطرة داعش.
وبدعم من جوي من التحالف الدولي تستعد "قوات سوريا الديموقراطية" لمهاجمة مدينة الرقة التي تعتبر قلب ما وصفها التنظيم الإرهابي بدولة "الخلافة" في سوريا.
وتندرج السيطرة على مدينة الطبقة وسد الفرات المحاذي لها في إطار حملة "غضب الفرات" التي بدأتها "قوات سوريا الديموقراطية" قبل أسابيع.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، لوكالة الأنباء الفرنسية إن داعش شن هجمات مضادة ضد "قوات سوريا الديموقراطية" لاستنزافها في محيط مطار الطبقة العسكري ومدينة الطبقة المجاورة التي لا تزال تحت سيطرته.
وتسعى "قوات سوريا الديموقراطية" بدورها، وفق عبد الرحمن، إلى "تثبيت نقاط تواجدها حول المطار العسكري لتحصينه" بعد يومين على طرد داعش منه.
وبدأ التنظيم هجومه بإرسال سيارة مفخخة باتجاه "قوات سوريا الديموقراطية" المتمركزة بالقرب من المطار، بحسب ما أفاد الذراع الإعلامي لها.
واندلعت اشتباكات عنيفة، إلا أن "قوات سوريا الديموقراطية" صدت الهجوم، وتمكنت من مصادرة ذخيرة ومستودعات صواريخ تابعة لداعش، بحسب صور نشرتها تلك القوات.
وتعد مدينة الطبقة على الضفاف الجنوبية لنهر الفرات أحد معاقل داعش، ومقرا لأبرز قادته، وهي تبعد حوالي 50 كيلومترا غرب مدينة الرقة.
وبالإضافة إلى مدينة الطبقة، تسعى "قوات سوريا الديموقراطية" حاليا إلى طرد داعش من سد الفرات، أكبر سد في سوريا ويعرف أيضا بـ"سد الطبقة".
ولا تفارق طائرات التحالف الدولي بقيادة واشنطن أجواء السد، فيما يتجول عناصر "قوات سوريا الديموقراطية" عند مدخله الشمالي.
وتوقف سد الفرات عن العمل، الأحد الماضي، نتيجة خروج المحطة الكهربائية التي تشغله عن الخدمة بسبب المعارك القريبة منه؛ ما هدد بارتفاع منسوب المياه فيه.
وغداة ذلك أعلنت "قوات سوريا الديموقراطية" تعليق القتال قرب السد لأربع ساعات الاثنين للسماح للمهندسين الفنيين بالدخول إليه "والقيام بعملهم".
وفي وقت لاحق وبعد تأكيدها عدم تعرض السد لأي أضرار، أعلنت المتحدثة باسم حملة "غضب الفرات" جيهان شيخ أحمد أن داعش "قام بحشد قواته ومهاجمة قواتنا في المنطقة؛ ما أجبر وحداتنا على الرد واستئناف عملية تحرير السد من جديد".
وكانت الأمم المتحدة حذرت في تقرير في فبراير/شباط من أن أي ارتفاع إضافي في منسوب المياه أو ضرر يلحق بالسد من شأنه أن يؤدي إلى فيضانات واسعة في جميع أنحاء الرقة وصولا إلى دير الزور شرقا.
ودخل الثلاثاء برفقة الهلال الأحمر السوري عاملون فنيون من سد تشرين (على نهر الفرات في محافظة حلب) للاطلاع على مستوى المياه في السد ومحاولة تخفيف الضغط عنه.
وقال أحد الفنيين إسماعيل الجاسم: "تشكل الانفجارات والاشتباكات خطرا على السد"، مناشدا جميع الأطراف "الابتعاد" عنه.
وأشار إلى أن "منسوب المياه مقبول"، مضيفا "جئنا إلى هنا لرفع أحد البوابات ولتخفيف الضغط".
وتتواجد "قوات سوريا الديموقراطية" على بعد 26 كم شمال الرقة و18 كم شرقها و29 كم غربها، أما أقرب نقطة لها منه فتقع على بعد 8 كم شمال شرق المدينة.
ولم يبق أمام داعش سوى ريف المحافظة الجنوبي وغالبيته منطقة صحراوية.
كما لا يمكنهم الفرار جنوبا إلا عبر قطع نهر الفرات بالزوارق من مدينة الرقة التي تقع على ضفته الشمالية.
ويقع السد في محافظة الرقة (شمال)، وهو مبني على نهر الفرات البالغ طوله 2800 كلم، وينبع في تركيا قبل أن يعبر سوريا والعراق.
وطول السد 4,5 كلم بارتفاع نحو 60 مترا وعرض يصل إلى 512 مترا عند قاعدته.
وتشكل المياه التي يحتجزها سد الطبقة بحيرة الأسد التي يبلغ طولها أكثر من 50 كلم، وتغطي مساحة قدرها 630 كلم مربعا؛ ما يجعلها أكبر احتياطي مياه في سوريا مع 12 مليار متر مكعب.
وسقط السد بأيدي الفصائل المسلحة فبراير/شباط 2013، وبعده سقطت مدينة الرقة في قبضة داعش مطلع 2014.
وفي حال استعادة السد الواقع على مسافة 55 كلم جنوب غرب الرقة، ستتمكن "قوات سوريا الديموقراطية" من التقدم باتجاه الرقة من الجنوب لإحكام الطوق على داعش.
وتتلقى هذه القوات دعما جويا من قبل التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، وميدانيا من مستشارين عسكريين أمريكيين.