الأسد يعود إلى عرينه.. سوريا ومقعدها العربي في ميزان "ما لها وما عليها"
حين اندلعت الأزمة السورية قبل عقد ونيف من الزمن، أفضت تداعياتها إلى تعليق عضوية دمشق في الجامعة العربية، فغابت عن الحضن العربي.
بيْد أن الحضن العربي قرر اليوم أن يفتح ذراعيه لسوريا، لملء مقعدها الذي ظل شاغرا طيلة السنوات الماضية، بعد أن تبنى وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم، أمس الأحد، عودة دمشق، ضمن "مبدأ الخطوة مقابل الخطوة".
فكيف قرأ السوريون هذا المشهد الجديد؟
محللون سياسيون سوريون تحدثت إليهم "العين الإخبارية"، أجمعوا على أن الباب العربي الذي كانت دولة الإمارات العربية المتحدة سباقة لفتحه قبل عدة سنوات، فُتح بالأمس على مصراعيه تجاه سوريا، وكشف عن مراجعة عربية حقيقة لكيفية التعاطي مع أزمات المنطقة، وعلى رأسها الملف السوري.
تصحيح الوضع "الخاطئ"
عضو البرلمان السوري محمد خير العكام، رأى في حديث مع "العين الإخبارية"، أن "الأمور عادت لنصابها الطبيعي"، قائلا: "لا يمكن للعرب أن يعيشوا دون سوريا، ولا يمكن لسوريا أن تعيش دون إخوتها العرب، ولا يمكن السير ضد التاريخ والجغرافيا، فهذا القرار هو تصحيح للوضع الخاطئ الذي كان سائداً".
واعتبر العكام أن ما جرى "يكشف عن مراجعة عربية مهمة لتقييم ما حصل خلال العقد السابق في كل المنطقة، فهناك جرأة في هذه المراجعة، وهناك مبادرة من دول عربية وازنة في المنطقة".
وأضاف في هذه الجزئية: "الإمارات كانت من الدول العربية السباقة لدعوة الآخرين لهذه المراجعة واكتملت هذه المراجعة بصدور القرار 8914".
ويؤكد العكام وهو أستاذ القانون الدولي في جامعة دمشق، أن "الملفات المرتبطة بالمنطقة العربية يجب أن تجد الدول العربية لها حلولاً، وبما يخدم مصالحها".
كل الملفات مطروحة على الطاولة
العكام قدم مقاربة لما يجري عربياً اليوم، مذكّرا بما كان يجري في تسعينيات القرن الماضي، حيث كانت هناك انطلاقة للعمل العربي المشترك من المصلحة العربية والتنمية المطلوبة ومواجهة التحديات الاقتصادية القائمة.
ولفت إلى أن العرب اتخذوا في ذلك الحين قرارات مهمة من ضمنها الوصول لمنطقة تجارة حرة عربية كبرى، وتفعيل عمل مؤسسات الجامعة، كما أصبح مؤتمر القمة سنوياً منذ ذلك التوقيت.
وأضاف: "اليوم هذه الروح تعود ثانية بعدما كدنا نقول إنه لا توجد أمة عربية ولا يوجد أحد يفكر بمصلحة الدول العربية، هناك انطلاقة جديدة وإيجابية للتفكير بمقدراتنا وكيف نقدم مقدراتنا لنستفيد منها ولا يستفيد منها الآخرون".
واليوم، يرى العكام أن "كل تداعيات الحرب يمكن طرحها على الطاولة وبكل جرأة، فإن تم التعامل بعقل منفتح سنصل لحلول، فالمعارضة السياسية في أي دولة مقبولة وضرورية، لكن في سوريا هناك معارضة مرتبطة بجهات خارجية، وهذا الأمر غير مقبول فالمعارضة تنبثق من الداخل وتطرح طروحات لها علاقة بمستقبل أفضل للدولة وبعقل منفتح".
خطوات سياسية باتجاه الحل
ويشير العكام إلى بنود القرار العربي لا سيما مبدأ الخطوة مقابل خطوة، لافتا إلى أن سوريا تقدر هذه الطريقة "الإيجابية" بالتعاطي.
وتابع "دمشق مستعدة لطرح جميع الموضوعات ضمن أطر القانون الدولي وهي تسعى لتطبيق القانون الدولي".
وفي سياق استعراضه للخطوات التي قامت بها سوريا، أشار المحلل السياسي إلى قانون العفو الشامل الذي أصدره الرئيس السوري بشار الأسد الذي شمل الجميع عدا مَن مارس القتل.
وبالتالي- يكمل العكام حديثه- "فإن الدولة السورية قدمت خطوات مهمة لكن بعض الدول التي تسعى لاستمرار الوضع على ما هو عليه في سوريا قللت من أهميتها".
أما بخصوص ملف عودة اللاجئين فيُذكر عضو البرلمان السوري بالمتسببين بمنع إعادة الإعمار في سوريا والتي تمهد لعودة اللاجئين.
وفي هذا الصدد، أوضح أن "المتسبب بمنع إعادة الإعمار هي العقوبات الأمريكية والأوروبية وتأثيراتها المدمرة على الاقتصاد السوري وبالتالي على ملف اللاجئين والنازحين بصورة أشمل".
وأمس الأحد، أعلن الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط أن قرار عودة سوريا إلى الجامعة هو "بديل لعملية لحل الأزمة في سوريا، والتي ستكون تدريجية".
التغيرات الإقليمية تفرض نفسها
الباحث السياسي والمختص في القانون الدولي نعيم آق بيق، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، وضع القرار العربي في سياق التغيرات الإقليمية والدولية.
وقال: "الدول العربية بأمس الحاجة للتنسيق فيما بينها"، معتبراً أن عودة سوريا للجامعة العربية ستكون لها مفاعيلها وآثارها في الفترة القادمة نتيجة الأحداث التي تشهدها المنطقة والقضايا الحساسة المطروحة اليوم على بساط البحث فيما يتعلق بمجال التعاون العربي المشترك".
الموقف العربي الموحد تجاه القضايا العربية بحسب آق بيق، يعطي "أملا بالصحوة العربية تجاه الحق السوري وسيادة سوريا وسلامة أراضيها ويمنح تفاؤلاً في المرحلة القادمة".
وتابع "سوريا هي إحدى الدول المؤسسة للجامعة العربية وما كان قائما بخصوصها تجاه تعليق عضويتها كان مخالفاً للميثاق، لا سيما المادة 8 التي تنص على أن تحترم كل دولة النظام السياسي القائم في الدولة الأخرى وألا تعمل على تغيير نظامها"، على حد قوله.
واعتبر أن "القرار الذي صدر متوافقا مع ميثاق جامعة الدول العربية وبالتالي وجود الأشقاء العرب إلى جانب سوريا بما تتعرض له وسعيهم لمساعدة الشعب السوري سيكون له تداعيات إيجابية على العمل العربي المشترك"
وخلص الخبير في القانون الدولي إلى وصف قرار الجامعة العربية "بعودة القلب للجسد العربي"، مستطردا "نحن أمام مرحلة عربية جديدة تنسجم مع المتغيرات التي تصادف العالم وتشكل تحالفات ورؤى جديدة".
وكان قرار جامعة الدول العربية، قد نص على استئناف مشاركة وفود سوريا في اجتماعات مجلس الجامعة وجميع المنظمات والأجهزة التابعة لها اعتباراً من يوم 7 مايو/أيار.
وأكد المجلس على تجديد الالتزام بالحفاظ على سيادة سوريا، ووحدة أراضيها، واستقرارها وسلامتها الإقليمية، والتأكيد على أهمية مواصلة وتكثيف الجهود العربية الرامية إلى مساعدة سوريا على الخروج من أزمتها انطلاقاً من الرغبة في إنهاء معاناة الشعب السوري، واتساقاً مع المصلحة العربية المشتركة والعلاقات الأخوية التي تجمع الشعوب العربية كافة".
كما أكد البيان على ضرورة اتخاذ خطوات عملية وفاعلة للتدرج نحو حل الأزمة، وفق مبدأ الخطوة مقابل الخطوة وبما ينسجم مع قرار مجلس الأمن رقم 2254، بدءا بمواصلة الخطوات التي تتيح إيصال المساعدات الإنسانية لكل محتاجيها في سوريا، وبما في ذلك وفق الآليات المعتمدة في قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
aXA6IDMuMTI5LjY3LjI0OCA= جزيرة ام اند امز