عودة سوريا.. خبراء ودبلوماسيون يتحدثون عن إعادة ترتيب المشهد الإقليمي
"إعادة ترتيب المشهد الإقليمي" هو أبرز تعليق لخبراء ودبلوماسيين بشأن قرار الجامعة العربية بعودة سوريا لشغل مقعدها بعد 12 عاما من الغياب.
وكان مجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري قد أقر اليوم في دورته غير العادية المنعقدة في القاهرة، الأحد، قرار استئناف مشاركة وفود حكومة سوريا في اجتماعات مجلس جامعة الدول العربية، وجميع المنظمات والأجهزة التابعة لها اعتباراً من يوم 7 مايو/أيار.
وتوج القرار سنوات من الجهد الدبلوماسي، دشنته دولة الإمارات لضمان فتح مسار مباشر مع دمشق ضمن أطر المؤسسة العربية الأبرز.
لكن خبراء ودبلوماسيين يرون أن القرار من شأنه أن يعيد ترتيب البيت العربي الداخلي وإن أبدى بعضهم مخاوف من تداعيات محتملة لرد الفعل الأمريكي على القرار، فيما يتعزز الحضور الروسي في الشرق الأوسط.
وروسيا حليف رئيسي للحكومة السورية ودعمتها بقوة في حربها على إرهاب تنظيم داعش والقاعدة خلال العقد الماضي.
من جانبه، قال وزير الخارجية العراقي، فؤاد محمد الحسين، إن بلاده نادت خلال السنوات الماضية بعودة سوريا إلى مقعدها بجامعة الدول العربية، لافتا إلى أن بلاده لم تطرح ذلك في الجامعة فقط ولكن خلال الأطر الدولية للوصول إلى حل للأزمة هناك.
وأعرب وزير الخارجية العراقي في تصريحات صحفية على هامش اجتماع وزراء الخارجية العرب، عن سعادته بقرار مجلس وزراء الخارجية العرب "استئناف مشاركة وفود حكومة الجمهورية العربية السورية "، لافتا إلى أن القرار يستند للمناقشات التي جرت في مدينة جدة السعودية بين دول مجلس التعاون الخليجي وعدد من الدول العربية، وكذلك اجتماعات الأردن.
وأشار الحسين إلى اختلاف تشخيص عدد من الدول العربية بشأن ما يحدث في سوريا، لكنه شدد على أن الجميع في حاجة للتفاعل مع الجانب السوري لتجاوز تلك الإشكالية.
وأوضح أننا نحتاج لحوار واضح مع الجانب السوري، موضحا أن الوفود السورية ستشارك بداية من اجتماعات القمة المقبلة في المملكة العربية السعودية.
ولفت إلى أن لجنة الاتصال الخماسية (مصر والسعودية والأردن والعراق والأمين العام) المشكلة في قرار مجلس وزراء الخارجية العرب سوف تلعب دورا بالتفاعل مع الوضع والسياسية في سوريا والدول الأخرى، مشيرا إلى أن لجنة الاتصال لا تعلب دورا في اتجاه واحد إنما داخليا في سوريا وإقليميا ودوليا.
تجاذب أمريكي روسي؟
من جانبه، رأى الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، أن الخطوة العربية بإعادة سوريا للجامعة جيدة رغم تأخرها.
وأضاف فهمي في حديثه لــ"العين الإخبارية" أنه منذ الآن سوف تسعى الدول العربية في اللجنة الخماسية العمل على حل التشابك في الملفات المتعلقة بدول الجوار الإقليمي لسوريا.
وأشار إلى أنه على الدول العربية خاصة اللجنة الخماسية المعنية التعاطي مع ملفات حساسة خاصة ملف الوجود العسكري التركي في الشمال السوري وملف التواجد الإيراني على الأراضي السورية، وكذلك ملف الغارات الإسرائيلية التي تستهدف حزب الله اللبناني والتواجد الإيراني.
وخلال السنوات الماضية شنت تركيا عمليتين كبريين في الشمال السوري لدفع مسلحين أكراد بعيدا عن حدودها الجنوبية مع سوريا، كما تشن إسرائيل من وقت لآخر غارات على مليشيات تابعة لإيران تعمل في سوريا منذ سنوات.
وتوقع فهمي أن يكون هناك تنسيق مصري عربي مع الجانب الروسي لإعادة تأهيل الحكومة السورية لاستعادة دورها في الإقليم مرة أخرى.
وكما رجح خبير أستاذ العلوم السياسية أن تتحفظ الولايات المتحدة على قرار عودة سوريا إلى الجامعة العربية، إلى جانب ما يمكن أن تسفر عنه هذه العودة إلى تجاذبات دولية بين واشنطن وموسكو.
إغلاق ملفات عالقة
ومن جهته، وصف الكاتب والمحلل السياسي المصري، أحمد رفعت ف القرار بـ"الصائب"، لافتا إلى أنه تأخر كثيرا وبدأت الدول العربية تنتبه لمصالحها وترعى وتصون مصالح شعوبها وتفسد كل مخططات تقسيم المنطقة.
أضاف في حديثه لــ"العين الإخبارية" أنه يتم اليوم صياغة جديدة للأمن القومي العربي وهندسة المنطقة العربية فكا وتركيبا للبناء على أسس جديدة من التعاون والتنمية والتكامل والتفاهم وليس على أساس الصراع والاقتتال والخلاف وهو ما سينقل المنطقة نقلة موضوعية.
وأشار إلى أن المنطقة العربية في حاجة إلى إغلاق الملفات العالقة منذ عقد، لافتا إلى أن غلق الملف السوري يسهم في التركيز على ملفات أخرى ليست أقل أهمية ومن بينها ملف الأزمة اليمنية، وملف لبنان والأزمة في ليبيا وأزمة السودان.
وشدد على ضرورة أن تكون الحلول هذه الملفات عربية تلعب فيها الجامعة العربية دورا إلى جانب الجهود الدبلوماسية لدولها.