سوريا.. هل يتراجع ترامب عن ضربته المحتملة أم يناور أكثر؟
"العين الإخبارية" استطلعت آراء محللين أفاد بعضهم أن ترامب لا يمكنه التراجع عن ضربته على سوريا، بعد تقارير كيماوي دوما.
"لم أحدد موعد الهجوم على سوريا، وقد يكون قريبا جداً أو بعيداً".. تغريدة أدلى بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعد تصريحات للبيت الأبيض تشير إلى أنه "بإمكان الرئيس الأمريكي الامتناع عن ضربة لسوريا"، هدد بها في وقت سابق. فهل يتراجع ترامب عن ضربته المحتملة أم أنها مناورة من جانبه؟
"العين الإخبارية" استطلعت آراء محللين أفاد بعضهم أن ترامب لا يمكنه التراجع عن ضربته المحتملة على سوريا، فيما لم يستبعد آخرون أن يمتنع الرئيس الأمريكي عن تنفيذ تهديداته ضد سوريا، خاصة أنه تراجع عن تهديدات سابقة فيما يتعلق بالملف الإيراني والكوري الشمالي.
وهدد ترامب الرئيس السوري بدفع "ثمن باهظ" إزاء تقارير تفيد باستخدام السلاح الكيماوي في الهجوم على دوما بغوطة دمشق الشرقية، وارتفع سقف التهديدات بقول ترامب في تغريدة "استعدي يا روسيا الصواريخ قادمة إلى سوريا.. صواريخ لطيفة وجديدة وذكية"، وذلك رداً على التصريحات الروسية باستهداف الصواريخ الأمريكية إذا توجهت صوب سوريا.
فيما قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، اليوم، إن الضربة "لا تزال أحد خيارات العمل"، ولا يزال بإمكان الرئيس ترامب الامتناع عنها، موضحة أن المشاورات بشأن هذه القضية لا تزال متواصلة مع شركاء وحلفاء بلادها.
لا تراجع ولا استسلام
السفير هاني خلاف، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق للشؤون العربية، قال إن تصريحات ترامب تعد بمثابة مناورة وتمويه، وهدفها الأساسي توجيه رسالة للروس بعدم التراجع.
وأضاف خلاف في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن تمهل ترامب في ضربته ينبع من الرغبة الأمريكية في تجنب ضرب الأهداف الروسية المتواجدة على الأراضي السورية سواء القواعد أو الأفراد، وهو الأمر الذي ربما أكده الروس بالقول عن استمرار خط الاتصالات بينهم وبين الأمريكان.
وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف، اليوم، عن خط الاتصال بين موسكو وواشنطن قائم في سوريا، ويستعين به الطرفان لتجنب الصدامات في البلد العربي.
وتأييداً للرأي الذي طرحه السفير خلاف، رأى ميسرة بكور، المحلل السياسي السوري، أن الرئيس ترامب "لن يتراجع عن تهديداته بمعاقبة الأسد، وذلك لأسباب كثيرة داخلية وخارجية".
أسباب
وعن الأسباب الداخلية، وفقاً لـ"بكور" أن ترامب يعاني من وضع داخلي سيئ، خاصة مع احتدام التحقيقات ضده على خلفية التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية، وبالتالي هو بحاجة لهذه الضربة لصرف الأنظار عنه قليلاً أو لتأخير التحقيق، أو ربما كسب المزيد من الشعبية.
ويرى المحلل السياسي السوري، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، أن أبرز الأسباب الخارجية التي تدفع ترامب لتنفيذ تهديداته هي ارتفاع سقف التهديدات الأمريكية التي طالت روسيا نفسها، ومن ثم بدأ الأمر كأنه تحدٍ بين موسكو وواشنطن، وأن الأمر يتجاوز الملف الكيماوي السوري.
ومن ثمّ فإن الموضوع أكبر من مجرد توجيه ضربة لعقاب الأسد، فالضربة إذا وقعت فإنها تحمل رسائل متعددة سيصل صداها إلى أوكرانيا والقرم وكوريا الشمالية وطهران، وبناء على ذلك لم يعد بمقدور ترامب التراجع؛ فكيف سيضغط على طهران وكوريا الشمالية في حال لم يستطع معاقبة تنظيم الأسد المتهالك! بحسب بكور.
وأعتقد بكور أن "هدف الضربة الأمريكية هو تدمير ما يعتقد البعض أنه إنجاز بوتين في سوريا عبر إظهاره لاعباً قزماً غير قادر على مواجهة الصواريخ الأمريكية "الجميلة والذكية" بحسب تعبير ترامب. وأن تدمير سمعة الـ"إس 400" هو تدمير لسمعة بوتين نفسه.
لا حتمية.. التراجع وارد
رأي آخر قالت به أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة نورهان الشيخ، يدور حول احتمالية تراجع ترامب عن تهديداته أو القيام بضربة محدودة، خاصة أنه تراجع عن توجيه ضربة، ظنها البعض كانت وشيكة على كوريا الشمالية.
واعتبرت الشيخ، في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أنه ربما تكون كثرة الاتصالات بين واشنطن وحلفائها مثل باريس ولندن وغيرها، وإظهار الأمر على صورة أن الضربة ليست فقط وشيكة وإنما أيضا كبيرة، يهدف إلى استعراض القوة أمام الروس.
وأكدت الشيخ أنه على واشنطن، قبل إجراء الضربة إذا كانت تعتزم القيام بها، أن تدرس ذلك بدقة وعناية كبيرتين، لأن أي خطأ ضد الروس المتواجدين بشكل كبير على الأراضي السورية، سيتتبع رداً من موسكو، مما ينذر بنتائج خطيرة.
واختتمت الشيخ أن كل الاحتمالات واردة، وقد تقوم واشنطن برد كبير أو محدود على غرار ضربات "مطار الشعيرات" في إبريل/نيسان 2017، أو قد تتراجع عن فكرة الضربة مع ضمانات أو بدون.
من جانبه، دعا سعيد اللاوندي، خبير العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إلى عدم الركون كثيراً إلى تصريحات الرئيس الأمريكي، لكونه كثيراً ما يتراجع عنها.
وفي تصريحات لـ"العين الإخبارية"، اعتبر اللاوندي أن تنسيق واشنطن الكبير مع حلفائه الذين لم يمانعوا بالمرة التدخل العسكري في سوريا، يعد تجهيزاً لضربة قد تكون كبيرة خدمة للمصالح الإسرائيلية ومعاقبة لسوريا وإيران.
ولم تمانع فرنسا وبريطانيا مشاركة أمريكا في عملية عسكرية بسوريا، فيما أعلنت ألمانيا وإيطاليا، أنهما لن تشاركا في أي عملية عسكرية على الأراضي السورية، وذلك وسط تحذيرات روسية لتجنب التدخل في البلد العربي.