شرطة مدربة أمريكيا بالرقة تنافس الروسية في حلب
بعد طرد تنظيم داعش الإرهابي من حلب وقرب طرده من الرقة تتضح خريطة النفوذ الدولي في شمال سوريا عبر إدارة قوات شرطة وامتلاك قواعد عسكرية
بعد طرد تنظيم داعش الإرهابي من حلب وقرب طرده من مدينة الرقة تتضح شيئا فشيئا خريطة النفوذ الدولي في شمال سوريا، والذي قد يكون هو الدافع لشن الحرب في سوريا من الأساس.
ويتمثل هذا النفوذ بشكل خاص في التسابق في تشكيل قوات من الشرطة وقواعد عسكرية تابعة لدول الصراع التي تدير حرباً بالوكالة في سوريا، وخاصة الولايات المتحدة وروسيا وتركيا.
ففي الوقت الذي هيمنت روسيا على مهام الشرطة في حلب بعد طرد داعش منها ديسمبر/ كانون الأول الماضي، تسعى الولايات المتحدة إلى تشكيل قوات من الشرطة متحالفة معها تهيمن على الوضع في مدينة الرقة، فيما أرسلت تركيا قوة من الشرطة تابعة لها في مدن الباب وجرابلس الحدوديتين.
وأعلن مسئولان كرديان، الجمعة، أن التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد داعش في سوريا سيساعد في تدريب قوة شرطة لمدينة الرقة.
كما أشار المسؤولان إلى أن الجناح السياسي لـ"قوات سوريا الديمقراطية"، وهو تحالف يضم مسلحين أكرادا وعربا مدعومين من أمريكا، لديه عدة خطط متقدمة لتشكيل مجلس مدني لقيادة المدينة بمجرد السيطرة عليها.
ويمثل النفوذ الكردي في الإدارة المستقبلية للمدينة قضية حساسة بالنسبة للسكان ولتركيا التي تعادي الأكراد تخوفا من إعلانهم دولة كردية على الحدود التركية- السورية.
لكن حملة "قوات سوريا الديمقراطية" قرب المدينة مستمرة بخطى سريعة وتشير الخطط لإقامة حكم مدني هناك إلى أنها عازمة على السيطرة على الرقة.
وقال عواس علي، وهو مسؤول كردي من محافظة الرقة، لرويترز إن مجلس المدينة الذي سيصبح هو عضوا فيه سيتم الإعلان عنه في إبريل/نيسان، وسيضم شيوخا من عشائر محلية وأشخاصا يعيشون في الوقت الراهن في المدينة.
وفي المقابل، وعقب وقوع معظم حلب تحت سيطرة الجيش السوري بمساعدة من الروس ديسمبر/كانون الأول عام 2016 أعلن وزير الدفاع الروسي، سيرجي شويجو، أن روسيا نشرت كتيبة من الشرطة العسكرية لضمان الأمن في حلب.
وتضم الكتيبة الروسية ما بين 300 و400 جندي.
ونشرت قناة "آنا نيوز" الروسية فيديو يظهر تحركات الشرطة العسكرية الروسية في مدينة حلب بعد تحريرها.
وقوات الشرطة العسكرية الروسية تتكون من مقاتلين شيشان لهم خبرة في حروب المدن؛ حيث شاركوا في معارك الشيشان بين القوات الروسية وجماعات شيشانية مسلحة.
وأشارت تقارير إلى أن موسكو تعتمد في حيازة قبول سكان حلب لهذه الشرطة الأجنبية على أن الكثير من أفرادها من السنة، مما يهدئ مخاوف بعضهم من سيطرة ميليشيات شيعية متحالفة مع الحكومة السورية على المدينة.
وعلى صعيد التواجد والتنافس التركي، ففي شمال حلب، وخاصة في مدن الباب وجرابلس، تتواجد شرطة سورية ولكن بتدريب وإشراف تركي، وتطلق عليها تركيا اسم "الشرطة الحرة" على غرار "الجيش السوري الحر" الذي تطلقه على فصيل سوري أرادت به أن يكون بديلا عن الجيش السوري الحكومي.
وظهرت تحركات هذه الشرطة على الفور في مدينة جرابلس الحدودية عقب إعلان تركيا السيطرة عليها في أغسطس/آب 2016 ضمن عملية "درع الفرات" الخاصة بالتوغل التركي العسكري في شمال سوريا؛ ما يعني أنها كانت مدربة ومعدة للعمل من قبل.
وقال العميد عبد الرزاق أصلان، قائد قوة هذه الشرطة، لرويترز، إن تركيا قدمت الدعم المادي واللوجيستي وهو ما سيجعل قوات الأمن الجديدة فعالة للغاية، حسب قوله.
أما على صعيد التسابق لإنشاء قواعد عسكرية في سوريا، فقد أرسلت الولايات المتحدة 400 من عناصر مشاة البحرية (المارينز) إلى سوريا لإنشاء ثكنة تشارك في دعم حلفاء أمريكا في السيطرة على الرقة.
وتشير تقارير إلى أنها ثكنة مؤقتة، غير أن هذا غير مؤكد، خاصة مع وأنها بعد إنشاء روسيا قاعدة حميميم الجوية في اللاذقية على الساحل السوري.
وقال مسؤولون في وزارة الدفاع الأمريكية لصحيفة "واشنطن بوست"، إن القوات بصدد إقامة بطارية مدفعية يمكنهم من خلالها إطلاق قذاف "155 إم إم" القوية من مدافع هاورتز M777.
وعلى صعيد القواعد العسكرية الروسية قالت "روسيا اليوم" في أغسطس/آب 2016، إن روسيا تخطط لتوسيع وتطوير قاعدة "حميميم" الجوية في ريف اللاذقية بسوريا، لتأهيلها لاستقبال قاذفات استراتيجية ثقيلة قادرة على حمل قنابل نووية.
كما يتردد أن روسيا تسعى لإقامة قاعدة جوية أخرى في القامشلي شمال شرق سوريا، وفق ما نقلته شبكة سي إن إن عن مسئولين أمريكيين في مطلع 2016.
كذلك نشر موقع "روسيا اليوم" في نفس الشهر أن الرئيس الأمريكي، فلاديمير بوتين، أمر بتوقيع اتفاق مع سوريا يؤدي إلى تنظيم "المسائل المتعلقة بتوسيع أراضي منشآت الأسطول الروسي في مرفأ طرطوس، وتطويرها وتحديث بناها التحتية، وكذلك دخول سفن حربية روسية إلى المياه والموانئ" السورية.
وللروس قاعدة عسكرية بحرية في طرطوس منذ عهد الاتحاد السوفيتي، وفي نهاية 2016 أعلن نيقولاي بانكوف، نائب وزير الدفاع الروسي، أنها ستكون قاعدة روسية "دائمة".
وصادق فلاديمير بوتين على اتفاقية للإبقاء على قوات جوية روسية في سوريا إلى "أجل غير مسمى"، واعتبار قاعدة حميميم الجوية وبناها التحتية خاضعة لاستعمال الجانب الروسي دون أي مقابل، والسماح لموسكو نقل أي أسلحة أو ذخيرة أو معدات مطلوبة إلى سوريا، دون دفع أي رسوم أو ضرائب.
غير أن هذا الأمر يصطدم برغبة إيران في عدم مد النفوذ الروسي في سوريا أكثر من اللازم.
والأسبوع الماضي، أعلنت قوات "وحدات حماية الشعب" الكردية" السورية أنها توصلت لاتفاق مع روسيا لإقامة قاعدة عسكرية جديدة في مدينة عفرين شمال غرب سوريا، غير أن وزارة الدفاع الروسية نفت هذا الأمر.