سوريون في العراء يستجلبون الدفء من "حرق القمامة"
العواصف التي غطت أغلب منطقة شمال غربي سوريا بالثلوج هذا الأسبوع تسببت في تفاقم محنة النازحين
قال موظفو وكالات إغاثة إن أسرا وعائلات فرت من القصف الجوي ومن تقدم القوات السورية في محافظة إدلب، تنام في العراء والشوارع وبساتين الزيتون وتضطر لإحراق أكوام سامة من القمامة التماسا للدفء في ليالي الشتاء القارس.
وأوضح مسؤولون في وكالات إغاثة أن تلك هي أكبر موجة نزوح منفردة للمدنيين في الحرب الدائرة منذ 9 سنوات، لكن هؤلاء النازحين لا يجدون المأوى ولا الإمدادات لمساعدتهم.
وقال موظفو إغاثة إن 10 أطفال توفوا الأسبوع المنصرم وحده في مخيمات مؤقتة تتناثر على منطقة الحدود، وتزدحم الطرقات بسيل لا ينتهي من السيارات والمركبات المحملة بأمتعة المدنيين الفارين، بينما نزح آخرون سيرا على الأقدام.
ويروي أحد النازحين في مخيم بشمال إدلب كيف لقيت أسرة مؤلفة من 4 أفراد حتفها يوم الثلاثاء اختناقا بالدخان بعد أن أوقدوا ناراً في أحذية وملابس قديمة وألواح من الكرتون.
وقال عدنان الطيب: "أغلب الناس يأتون بأكوام من الأحذية والملابس القديمة لحرقها.. كان أفراد الأسرة نائمين فاختنقوا".
وتسببت العواصف، التي غطت أغلب منطقة شمال غرب سوريا بالثلوج هذا الأسبوع، في تفاقم محنة النازحين.
وفي ظل تلك الظروف، أصبح المأوى نادراً بعد أن غصت المنازل والخيام بالعشرات، في حين لم يعد لدى المعدمين من النازحين ما يكفي لشراء وقود أو وسائل للتدفئة.
وقالت راتشيل سيدر من المجلس النرويجي للاجئين: "يحرق الناس كل ما هو متاح لديهم.. يحرقون أشياء اتقاء للبرد، لكن استنشاق دخانها يمثل خطراً كبيراً".
ووصف مارك كاتس، نائب المنسق الإقليمي للشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة المعني بالأزمة السورية الموقف في إدلب بأنه كارثي.
وقال: "نسمع باستمرار قصصا عن رضع وأفراد يموتون من البرد وعدم قدرتهم على اتقائه".
وأشارت وكالات الإغاثة الدولية إلى أن تدفق النازحين أغرق المخيمات الموجودة بما فاق طاقة استيعابها بكثير في شمال إدلب، وهي مخيمات كانت تهدف لإيواء أسر نزحت بسبب موجات قتال سابقة".
وقال كاتس: "ببساطة نحن نرى أشخاصاً لم يعد لديهم مكان يذهبون إليه، إنهم يتكدسون في منطقة تتقلص باستمرار ويشعرون بأن العالم بأسره تخلى عنهم وخذلهم".
وبعد أن كان ريف إدلب منطقة زراعية أساسية للزيتون، أصبح الآن يشبه المناطق العشوائية التي تحيط بأطراف المدن المكتظة.
وقالت سيدر: "الأسر تتشارك الخيام مع ما يصل إلى 30 أو 35 شخصا آخرين، وهناك مساحة ضئيلة جدا لمن يحاولون الفرار في شمال إدلب في تلك المرحلة".
ويحكي أحد سكان بلدة أطمة الحدودية، التي كانت يوماً هادئة، أن كثيرا من المتدفقين شمالاً يبيتون في السيارات وتحت أشجار الزيتون على الطرقات المكتظة بالنازحين.