التصدي لمقاومة مضادات الميكروبات.. «إشارة مرور» تحدد مسار العمل العالمي
أطلق تقرير جديد يبرز مقاومة مضادات الميكروبات كطارئ صحي عالمي ويستعرض النهج العالمي الجديد اللازم لمكافحة هذه الظاهرة.
يحمل التقرير عنوان "مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات: كيف نُبقي المضادات الحيوية فعّالة للقرن المقبل".
قاد التقرير كل من البروفيسورة ديمي ساللي ديفيس، المبعوثة الخاصة للمملكة المتحدة لمكافحة مقاومة مضادات الميكروبات، ولورد دارزي من دنهام، رئيس اللجنة التنفيذية لقمة (ويش).
أبرز التقرير ضرورة التركيز على مواجهة مقاومة مضادات الميكروبات في ظل التقدم المحدود، لا سيما في البلدان ذات الدخل المنخفض.
طارئ عالمي
وكان تقرير "ويش" الأول عن مقاومة مضادات الميكروبات، الذي شاركت في تأليفه البروفيسورة ديفيس، قد نُشر قبل أكثر من عقد من الزمان، ومنذ ذلك الحين تغيّرت العديد من الأمور، لكن التقدم المحرز لم يكن كافيا، والكثير من التغييرات التي تحدث لا تسير بالسرعة المطلوبة.
وقالت البروفيسورة ديفيس: "إنها حالة طوارئ عالمية متعددة القطاعات بين الأجيال، ونحن جميعا لدينا دور في معالجتها، ومع ذلك، كما يظهر تحليلنا للتوصيات في تقريرنا الأول، لا يزال أمامنا طريق طويل لإيجاد حل حقيقي لمشكلة مقاومة مضادات الميكروبات".
وتشير التوقعات إلى أن مقاومة مضادات الميكروبات قد تصبح من أكبر التحديات الصحية في المستقبل، حيث قد يموت عدد أكبر من الأشخاص جراء هذه المشكلة مقارنةً بالسرطان بحلول عام 2050.
ومع اقتراب الذكرى المئوية لاكتشاف البنسلين، أصبح من الواضح أكثر من أي وقت مضى أن هناك حاجة ماسة لاتخاذ إجراءات لضمان فعالية المضادات الحيوية للقرن المقبل.
التحليل العالمي
يركز التقرير على أهمية اتخاذ الإجراءات من قبل قادة النظم الصحية البشرية، وكذلك قادة الصحة الحيوانية، البيئة، والأمن الغذائي والاقتصادي لمكافحة مقاومة مضادات الميكروبات.
وقال لورد دارزي: "لحماية اكتشاف ألكسندر فليمنج للبنسلين للأجيال القادمة، نحتاج إلى نهج متعدد التخصصات يجمع بين العلم، التوعية العامة، البحث السلوكي، السياسات، والتنظيم، ورغم أن العديد من الحلول قد تكون عالمية، يجب تنفيذها بما يتناسب مع السياق المحلي".
عشر سنوات من التقدم البطيء
يعتمد تقرير 2024 على تقرير "ويش 2013"، الذي قدم توصيات في خمسة مجالات: التوعية، الحفاظ على المضادات الحيوية، الصرف الصحي، الوقاية من العدوى ومراقبتها، والرصد والبحث والتطوير.
التقرير الجديد يعرض مقياسا عالميا للتقدم باستخدام نظام "إشارة المرور" لتقييم التقدم في هذه المجالات، ويصنفها من "تقدم ممتاز" (أخضر) إلى "تقدم غير كافٍ" (أحمر).
كشف التقرير عن التأثير السلبي لجائحة كوفيد-19 على جهود مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات، حيث تعطلت الجهود لمكافحة هذه "الجائحة الصامتة" في الوقت الذي أبرزت فيه الحاجة الملحة للصرف الصحي الجيد والوقاية من العدوى.
على سبيل المثال، سجلت مستشفيات الولايات المتحدة زيادة بنسبة تصل إلى 20% في الإصابات المرتبطة بمقاومة المضادات الحيوية والوفيات المرتبطة بها.
توصيات قابلة للتنفيذ
ويوضح التقرير عدة فرص للعمل لمكافحة مقاومة مضادات الميكروبات، بما في ذلك مشاركة المواطنين عالميا، تعزيز الفهم، والتفاعل مع الجمهور والمهنيين، والبحث العلمي، واستخدام الذكاء الاصطناعي في مكافحة هذه الظاهرة، ويقدم التقرير أيضًا دراسات حالة تدعم كل من هذه الفرص.
وتضمن التقرير ست توصيات مهمة لصانعي السياسات الصحية، مع أهداف واضحة وقابلة للقياس في كل عام لمكافحة مقاومة مضادات الميكروبات على مستوى العالم.
وتشمل التوصيات:
أولا: تأسيس مقياس عالمي واضح وملزم للتقدم في مقاومة مضادات الميكروبات من قبل المنظمات الصحية الدولية، مع إنشاء هيئة مستقلة لإبلاغ الإجراءات.
ثانيا: إشراك المواطنين في مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات بحلول عام 2028.
ثالثا: زيادة الاستثمار في الماء والصرف الصحي في قطاع الرعاية الصحية للحد من العدوى والتعرض للميكروبات في البيئة.
رابعا: تعزيز التشخيص قبل وصف المضادات الحيوية في البلدان ذات الدخل المرتفع بحلول عام 2027، والبلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط بحلول 2030.
خامسا: تشجيع تطوير المضادات الحيوية الجديدة بحوافز مدفوعة بالأسواق، على أن تبدأ البلدان ذات الدخل المرتفع في تنفيذ هذا النظام بحلول عام 2026.
سادسا: استخدام الذكرى المئوية لاكتشاف البنسلين في عام 2028 لتسريع التقدم في جدول أعمال مقاومة مضادات الميكروبات.