البحيرة البركانية الرئيسية في الفلبين جفت بعد ثوران البركان وأصبحت الجزيرة التي كانت يوما ما تتسم بالخصوبة أرضا قاحلة يغطيها الرماد
لم تنل ميرليندا فيلانويفا قسطا كبيرا من النوم منذ فرارها وأفراد أسرتها من منزلهم، عندما ثار ثاني أكثر البراكين نشاطا في الفلبين مطلع الأسبوع الماضي.
وتنحدر الجدة التي تبلغ من العمر 56 عاما، ولديها 4 أحفاد، من جزيرة "تال" البركانية التي تقع وسط بحيرة بإقليم "باتانجاس"، على مسافة 66 كيلومترا جنوبي العاصمة مانيلا.
وقالت فيلانويفا، بينما كان أحفادها يلعبون بدمى تلقوها كتبرعات لمركز إجلاء في بلدة "مالفار"، بعيدا عن المنطقة المعرضة للخطر: "نعرف أن هناك خطرا لأنه بركان نشط".
وأضافت: "ولكنه موطننا ويوفر لنا مصدرا جيدا للدخل ".
فيلانويفا واحدة من بين مئات السكان في جزيرة "تال" البركانية والبلدات المحيطة بها، الذين يكسبون رزقهم من خلال إرشاد السياح في أنحاء هذه الوجهة الخلابة.
وحسب الإحصاءات الحكومية، هناك أكثر من 11 ألفا من السائحين المحليين والأجانب الذين يزورون المدن والبلدات المحيطة ببركان "تال" يوميا، ويجري كثير منهم جولات تنزه إلى قمة الجبل لرؤية أوضح وأشمل.
ويمكن للسائحين الاستمتاع بمشاهدة البحيرة البركانية الرئيسية المذهلة بمياهها الخضراء المدهشة، وأيضا مشاهدة جزيرة أصغر تقع في الوسط تسمى "فولكان بوينت" بعد السير لنحو ساعة.
كما يمكنهم ركوب الخيل في الجبال، إذ تبيع أكشاك وجبات خفيفة ومشروبات وهدايا تذكارية وحُلي.
كما يمثل البركان والبحيرة خلفية ساحرة لكثير من حفلات الزفاف من مدينة "تاجايتاي" القريبة، التي تعد مكانا مفضلا وشعبيا لقضاء عطلة نهاية الأسبوع بعيدا عن مانيلا.
وتزوج العروسان إيزا وجيزريل أوتور، البالغان من العمر 30 عاما، في حديقة بمدينة "تاجايتاي"، في اليوم الذي بدأ فيه ثوران بركان "تال".
وقالت إيزا: "لم نلحظ ذلك، لأنني اعتقدت أنه وقع في اللحظة التي كنا نتبادل فيها نذور الزواج أثناء الحفل".
ولم يدم الحفل طويلا، إذ اضطر 100 ضيف إلى الإسراع بمغادرة المكان هربا من الرماد البركاني. كما عانت إيزا من حساسية بسبب الرماد.
وأضافت إيزا: "نشعر بالسعادة لأن يوم زفافنا تحول إلى لحظة تاريخية لن تنسى، ونشعر أيضا بالتعاسة لما لحق بآخرين من ضرر".
وجفت البحيرة البركانية الرئيسية بسبب ثوران البركان، وأصبحت الجزيرة التي كانت يوما ما تتسم بالخصوبة أرضا قاحلة، كما غطى الرماد البركاني بلونه الرمادي الكثيف المنازل والنباتات والحقول وغيرها من المناطق.
وانتشر غاز ثاني أكسيد الكبريت في الهواء، وعثر على جثث حيوانات نافقة مدفونة في الرماد، أو طافية على الشاطئ.
وقالت فيلانويفا: "يا له من أمر مؤلم أن نرى موقعا جميلا قد تحول الآن إلى صحراء وطمر الرماد منزلي الذي تم الانتهاء من بنائه قبل 7 أشهر فقط. لم يتبقَ لي شيء".
وأمرت السلطات بإغلاق 9 بلدات حول "تال"، وقطعت التيار الكهربائي والمياه لدفع السكان إلى عدم البقاء في المكان.
كما تم إغلاق الأسواق والمتاجر والبنوك والمدارس والمؤسسات التجارية الأخرى، ووصل الأمر إلى إغلاق العديد من السلاسل التجارية التي تعمل على مدار الساعة، طوال أيام الاسبوع.
وصارت الطرق خاوية إلا من سيارات عمال الطوارئ وأفراد الشرطة، الذين أقاموا نقاط تفتيش حول البلدات المتضررة.
ويسُمح للسكان بمراجعة منازلهم وممتلكاتهم لفترات قصيرة خلال اليوم، ثم تجري الشرطة جولات للتأكد من أنهم قد غادروها.
واضطر أكثر من 140 ألف من السكان المحليين إلى مغادرة منازلهم المعرضة للخطر.
ويقدر إجمالي عدد السكان الموجودين داخل دائرة الخطر، التي يبلغ قطرها نحو 14 كيلومترا، بـ460 ألف شخص، بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.
وأقام كثير من السكان النازحين داخل صالات رياضية عامة ومدارس تحولت إلى مراكز إجلاء، وذهب آخرون لإيجاد مأوى في منازل عائلاتهم.
وحذر علماء تابعون للحكومة من احتمال حدوث ثوران انفجاري بركاني أكثر خطورة، حتى ولو ظهر تراجع في ثوران البركان.
وقال ريناتو سوليدوم، وهو رئيس معهد علم البراكين والزلازل في الفلبين: "لم نشهد بعد الثوران الأكثر خطورة لبركان تال".
وأعربت فيلانويفا عن أملها في العودة إلى الجزيرة لكنها أقرت بأن ذلك قد لا يكون ممكنا بعدما أعلن الرئيس الفلبيني رودريجو دوتيرتي أن جزيرة البركان صارت "منطقة محظورة"، وأمر المسؤولين بإيجاد أماكن إقامة دائمة للنازحين.
