أصوات أمريكية ورغبة صينية وروسية.. هل كسرت طالبان العزلة الدولية؟
فيما تعالت الأصوات داخل أمريكا بضرورة التعامل مع طالبان التي سيطرت على السلطة في أفغانستان باتت الحركة تتعافى قليلا من العزلة الدولية.
تلك العزلة التي فرضت على طالبان في أغسطس/آب 2021، في أعقاب اقتحام العاصمة الأفغانية كابول، والإطاحة حينها بالحكومة، ما زالت -حتى اللحظة- العقبة أمام الحركة لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد، خاصة بعد أن صاحبها عقوبات مصرفية وخفض مساعدات التنمية.
إلا أن نورًا بدأ يلوح في الأفق قد يبدد تلك العزلة المفروضة عليها، إثر تصريحات من مسؤول في حكومة طالبان، أكد فيها أن الحركة ستسعى لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتشجيع التجارة والاستثمار الدوليين.
وقال القائم بأعمال وزير التجارة الأفغاني حاجي نور الدين عزيزي إن حكومته ستبدأ برنامجا وطنيا لتحقيق الاكتفاء الذاتي، وستشجع جميع الإدارات الحكومية على استخدام المنتجات المحلية، وسنحاول أيضا تشجيع الناس من خلال المساجد على دعم منتجاتنا المحلية.. سندعم أي اقتراح يمكن أن يساعدنا على تحقيق الاكتفاء الذاتي".
رغبة صينية روسية
وفيما قال عزيزي إن الجانب الآخر من الاستراتيجية يتمثل في تعزيز التجارة والاستثمار الأجنبي، أشار إلى أن دولا بينها إيران وروسيا والصين أبدت رغبتها في التجارة والاستثمار في أفغانستان، مما قد يسهم في كسر العزلة الدولية على البلد الآسيوي الذي عاد إلى فرض قيود على النساء، أثارت انتقادات محلية ودولية.
وأشار إلى أن بعض المشاريع التي يجري العمل عليها تشمل إقامة مجمعات صناعية ومحطات طاقة حرارية صينية بمشاركة من روسيا وإيران، مؤكدا أن المستثمرين الأجانب أبدوا اهتماما بقطاع التعدين في أفغانستان، الذي تقدر قيمته بأكثر من تريليون دولار.
ورغم أن تلك التصريحات أشارت إلى أن حركة طالبان بدأت تتنفس الصعداء، إلا أن المستثمرين يواجهون مخاوف أمنية متزايدة بعد هجمات على أهداف أجنبية في كابول، والتي أعلن تنظيم "داعش" مسؤوليته عنها.
ويقول محللون إن استهداف السفارات والفندق يبدو أنه جزء من اتجاه لهجمات تهدف إلى إخافة أي مستثمرين أو شركاء أجانب مهتمين بالعمل مع الحكومة التي تقودها طالبان.
وقال مايكل كوجلمان مدير معهد جنوب آسيا في مركز ويلسون بواشنطن "الفكرة هي دفع الشركاء المحتملين -القلائل الذين يمكن لطالبان الاعتماد عليهم- بعيدا عن طالبان".
تلك الرؤية أشار إليها عضو بارز في مجتمع الأعمال الصيني بقوله إن هجوما استهدف فندقا يقيم به رجال أعمال صينيون هذا الشهر وأدى إلى إصابة العديد من الأجانب قد يدفع البعض إلى إعادة التفكير في الاستثمار في أفغانستان.
عزلة متزايدة
وتواجه الإدارة الأفغانية بقيادة طالبان عزلة متزايدة بسبب السياسات التي أقرتها مؤخرا، بما في ذلك تقييد حقوق النساء في المشاركة في الحياة العامة ومنها الذهاب إلى الجامعات.
وتسبب أمر منع النساء من العمل في المنظمات غير الحكومية في إعاقة القطاع الإنساني الذي يقدم مساعدات عاجلة لملايين الأشخاص، مما أجبر بعض المنظمات على وقف عملها في منتصف الشتاء القارس.
أصوات أمريكية
وتقول صحيفة "ذا ناشيونال إنترست" إنه بعد عام ونصف من الانسحاب الأمريكي، فإنه لا تزال واشنطن تفتقر إلى الرغبة في المشاركة الاستراتيجية مع حركة طالبان، مضيفة أنه بدون سفارة عاملة في كابول، فإن أمريكا لديها نهج غير متماسك تجاه أفغانستان ولم تحدد بعد علاقة دبلوماسية ذات مغزى مع كبار مسؤولي طالبان، مما يحد من الفرص المتاحة للولايات المتحدة لإظهار قيادة قوية.
إلا أن تلك السياسة والتي انتقدتها الصحيفة الأمريكية، قالت إنه على الولايات المتحدة الاستفادة من علاقتها الدبلوماسية مع حركة طالبان وتقديم الخبرة والمشورة اللازمين للقيادة العليا للحركة.
وأكدت الصحيفة الأمريكية أنه على واشنطن أن تنتقل من الماضي إلى الحاضر، بالتركيز على ديناميكيات السلطة الداخلية لطالبان: ما الذي يحكم عقلياتهم؟ أي الفصائل الداخلية تتصارع على السلطة؟ الأدوار المتباينة لمذهب طالبان الديني. والأهم من ذلك كيفية استخدام هذه المعلومات كأداة لتشكيل تطور طالبان في المنطقة.
وشددت الصحيفة الأمريكية على أنه لزيادة معرفتنا بالديناميكيات الداخلية للإمارة، والانقسامات، والعوامل المعقدة التي تؤثر على صنع القرار، فإن واشنطن ستكون في وضع أفضل للتأثير على طالبان وتنفيذ المبادئ الأساسية للديمقراطية.
وأشارت إلى أنه يجب استثمار الأموال من المجتمع العالمي في اقتصاد أفغانستان والبنية التحتية، والتي ترتبط في النهاية بالانخراط في الدبلوماسية.