5 أولويات.. كيف يمكن لأمريكا "لجم" طالبان؟
قبل عام، عادت حركة طالبان إلى السلطة بعد عقدين من قتال الولايات المتحدة، وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، وقوات الأمن الوطنية الأفغانية.
وفيما بدأت الولايات المتحدة سحب قواتها من أفغانستان، روجت طالبان لانتصارها الذي حققته بشق الأنفس واستبدلت نظاما ديمقراطيا تم تنصيبه حديثا بأيديولوجية شمولية متشددة.
وبحسب تحليل أعدته نيلوفر ساخي، الزميلة غير المقيمة بالمجلس الأطلسي، ومنشور بمجلة "ذا ناشيونال إنترست" الأمريكية، فإن "تلك الأفعال أدت لتغييرات جذرية وفشلت في معالجة المسائل الأمنية الهشة التي كانت موجودة ولا تزال تتفاقم".
وشهد العام الأول من حكم طالبان انتقادات واسعة، حيث شابته أزمات إنسانية واقتصادية، وتقييد حقوق الأفراد، وسلب حقوق النساء. وأدى تطبيق القواعد الجديدة لتكميم أفواه الأفغان التقدميين في محاولة لخلق مجتمع منغلق.
ومع انزلاق أفغانستان نحو مزيد من الفقر والتطرف والانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان، يشكل التمرد الناشئ وإعادة تنظيم الجماعات الإرهابية، بما في ذلك تنظيما القاعدة وداعش، تهديدات أمنية خطيرة للمنطقة والغرب.
ووفق "ساخي" فإنه توجد مخاوف متنامية من أن تلك الجماعات المتمردة قد تنفذ قريبا هجمات واسعة النطاق إذا لم يتم التعامل بجدية مع الأزمات القائمة. ودفع سجل طالبان وفصائلها الداخلية وروابطها الوثيقة مع الجماعات الإرهابية العابرة للقارات الدول الأخرى لاتخاذ وقفة للتفكر؛ فحتى الآن لم تعترف أي بلد بحكومة طالبان.
وترك عدم الاعتراف هذا رسالتين قويتين في أعقابه، الأولى: أن طالبان غير مناسبة لتشكيل حكومة يمكنها تلبية احتياجات الشعب الأساسية، وحقوقه، وكرامته؛ والثانية: أن حكم طالبان شجع التنظيمات الإرهابية العابرة للقارات.
وتسلط تلك العوامل الضوء على تداعيات السياسة الخارجية التي يجب أن تعطيها الحكومة الأمريكية الأولوية.
ورأى التحليل أن سيطرة طالبان على البلاد شجعت الجماعات الإرهابية ووفرت ملاذا آمنا لإعادة تنظيمها، لافتا إلى أن الجماعات الإرهابية البارزة تشمل القاعدة، الذي يشكل تهديدا مباشرا على أمن الولايات المتحدة وله علاقات وثيقة مع طالبان، وجماعة تحريك طالبان باكستان، وجماعة أنصار الله، وشبكة حقاني.
وبحسب تقرير صدر مؤخرا عن الأمم المتحدة، منذ سيطرة طالبان على السلطة، عزز تنظيم القاعدة سلطته في أفغانستان، وكان يعمل بنشاط داخل البلاد.
وسلط التقرير الضوء على أن زيادة الراحة وتواصل كبار قادة القاعدة تزامن مع استيلاء طالبان على أفغانستان. ويتمثل الشاغل الرئيسي في أن توفير الملاذ الآمن قد يزيد الفرص أمام الإرهابيين للتعبئة داخليا وخارجيا.
وكانت عملية مكافحة الإرهاب الأمريكية التي قتلت أيمن الظواهري في كابول الشهر الماضي نجاحا كبيرا للاستخبارات الأمريكية. وباعتباره قائدا كبيرا، قدم الظواهري التوجيه الاستراتيجي والتماسك لشبكة القاعدة ولعب دورا كبيرا في تطرف الإرهابيين.
لكن يؤكد وجوده في أفغانستان ادعاءات تقرير الأمم المتحدة بشأن إعادة تنظيم صفوف القاعدة في عهد حكم طالبان، والروابط الوثيقة بين التنظيمين، كما يشير إلى أن التهديد الإرهابي ملح للغاية.
وأشار التحليل إلى أن استضافة وتوفير مساحة آمنة للظواهري يعتبران انتهاكا واضحا لاتفاقية الدوحة، التي جرى توقيعها في فبراير/شباط عام 2020 بين ممثلي الولايات المتحدة وطالبان.
وبانتهاك الاتفاق، أثبتت طالبان أنه لا يمكن الوثوق بها للمشاركة في التعاون في مكافحة الإرهاب.
وأكد التحليل على أنه لا يجب على الولايات المتحدة افتراض أن التهديدات الإرهابية ستختفي بموت الظواهري؛ حيث إنه ترك خلفه شبكة قوية لديها القدرة على تعزيز الإرهاب في أفغانستان.
وتحت حكم طالبان، يمكن للقاعدة والجماعات الإرهابية العابرة للقارات الأخرى أن تصبح مصادر لعدم الاستقرار السياسي وحركات التمرد الناشئة.
ورأى التحليل أن إنشاء هيئة مراقبة وإنفاذ لتتبع الملاذات الآمنة لمثل هذه الجماعات والأفراد قد يمنعها من التوسع.
ولفت إلى أن صعود طالبان إلى السلطة باستخدام القوة بدلًا من العملية السياسية ترك غالبية الشعب بدون تمثيل، وجرى تهميش الجماعات العرقية والطوائف الدينية التي لا تتماشى مع أيديولوجية طالبان.
كما حرمت سياسات طالبان الصارمة للغاية ضد حقوق النساء والحريات نصف الشعب من المشاركة السياسية، ويجب استبدال الهيكل السياسي الحالي عن طريق العمليات والشروط التي تسمح للناس برؤية هويتهم وأحلامهم تتحقق في وطنهم وتمكين الأفكار التقدمية والنقدية من الظهور.
5 أولويات أمريكية
ودعا التحليل الولايات المتحدة إلى أن تضع في اعتبارها تلك العوامل المرتبطة بالانتهاكات الحقوقية، والتطرف، وبناء الأمة، وتطوير سياسة التعامل المشروط مع طالبان.
واعتبر التحليل أنه إذا واصلت الولايات المتحدة التعامل مع طالبان بدون أن تطلب أي شيء في المقابل، فسيمكن هذا النظام الشمولي ويعزز الأساس لديكتاتورية طالبان، وسيكون من الصعب تفكيك هذه الديكتاتورية، لا سيما في حالة التهديدات المباشرة أو الخطيرة.
وتابع: "لذا، يجب أن تركز الولايات المتحدة على تحديد وعرقلة وتفكيك التهديدات الإرهابية من خلال تعزيز هيئة مراقبة وإنفاذ، مما سيمكن الولايات المتحدة من أن تراقب من كثب روابط طالبان الاستراتيجية والمالية واتصالاتها مع التنظيمات الإرهابية العابرة للقارات المتمركزة حاليا في أفغانستان".
ويمكن أيضًا للولايات المتحدة توسيع نطاق أجهزة الاستخبارات الخاصة بها في أفغانستان لتتبع الملاذات الآمنة لمثل تلك الجماعات ومنعها من التوسع.
كما لا يجب على الولايات المتحدة دعم تمديد الإعفاء من حظر السفر؛ فطالبان ليست حكومة معترفا بها، وبالرغم من التزامها تجاه المنابر الدولية، لم يتغير سجل طالبان في الانتهاكات الحقوقية وانتهاكات حقوق الإنسان.
وأكد أيضا على ضرورة أن تواصل أمريكا دعم ومعالجة الأزمة الإنسانية والاقتصادية بدون تعزيز أو إضفاء طابع الشرعية لطالبان، بالإضافة إلى ضرورة أن تدعم واشنطن عملية التسوية السياسية في أفغانستان، وتشجيع الأمم المتحدة والدول الغربية الأخرى على دعم عملية مماثلة، إذا تطلب الأمر.
aXA6IDMuMTI5LjY5LjEzNCA=
جزيرة ام اند امز