بـ«تمثال عملاق».. فرنسا تعيد اكتشاف «هدية الحرية» لأمريكا
كما حملت السفن الفرنسية ذات يوم تمثال "الحرية" إلى ميناء نيويورك قبل نحو قرن ونصف، تعود باريس اليوم عبر شركة النحت
"أتليه ميسور" لكتابة فصل جديد في تاريخ الصداقة بين ضفتي الأطلسي.
المشروع الجديد الذي يحمل اسم "حارس الحرية" يهدف إلى تشييد تمثال عملاق يطمح لأن يكون الأطول في الغرب، كهدية رمزية من الشعب الفرنسي إلى الولايات المتحدة بمناسبة الذكرى الـ250 لاستقلالها.
وتجمع هذه الخطوة، حسب مجلة نيوزويك، بين الطموح الفني والرمزية التاريخية في آن واحد، وتعيد إلى الأذهان الإرث المشترك بين البلدين منذ إهداء تمثال الحرية عام 1886.
التمثال المقترح، الذي كشفت الشركة عن نموذجه المصغّر، يصوّر رجلاً عاري الصدر يلف خصره بقطعة قماش ويحمل بين يديه كرة ضخمة تُجسّد العالم. ويجمع التصميم بين روح الفن الكلاسيكي ولمسات الحداثة في محاولة لابتكار رمز جديد يجسّد فكرة الحارس الذي يصون الحرية.
ورغم أن الشركة لم تكشف عن الارتفاع النهائي للتمثال أو موقعه المحتمل في الولايات المتحدة، أكدت أنه سيتجاوز ارتفاع أبرز المنحوتات الحالية في العالم الغربي، مثل تمثال "ميلاد العالم الجديد" في بورتو ريكو (110 أمتار) وتمثال "الوطن الأم" في كييف (102 متر).

ومع اقتراب موعد الذكرى في الرابع من يوليو 2026، تستند الشركة إلى المقولة الشهيرة لنابليون بونابرت: "المستحيل ليس فرنسيا" لتعبّر عن ثقتها بإنجاز المشروع في الوقت المحدد.
الاهتمام بالمشروع لم يأتِ من فراغ؛ فقد سبق أن نشرت الشركة في مارس/ آذار الماضي تصميمًا رقمياً لتمثال فضي ضخم مصنوع من التيتانيوم، مرفقاً برسالة موجهة إلى الأمريكيين تقول فيها: "احتفظوا بتمثال الحرية، فهو ملككم بحق، لكن استعدوا لنسخة جديدة، أكبر وأقوى، قادرة على الصمود لملايين السنين. نحن الفرنسيون سنصنعه من جديد".
وقد حقق المنشور أكثر من خمسة ملايين مشاهدة على منصة إكس، وأثار إعجاب العديد من المتابعين، بينهم إيلون ماسك، الذي وصف التصميم بأنه "رائع".
لكن الإعجاب لم يكن عالمياً، إذ واجه المشروع موجة من الانتقادات الفنية. فاعتبر الفنان البريطاني ألكسندر آدامز أن التمثال "يفتقر إلى القوة الرمزية المطلوبة"، مشيراً إلى أن تصوير الرجل وهو يحمل الكرة الأرضية بسهولة يجعل العمل "باهتاً"، مضيفاً أن "التمثال يجب أن يُظهر جهداً وتوتراً في ملامح الجسد ليعكس عظمة الفكرة التي يمثلها".
ورغم الحماس الإعلامي الذي أحاط بالمبادرة، تواجه الشركة الفرنسية تحديات كبيرة قد تعيق التنفيذ. فإلى جانب الصعوبات التقنية والتمويلية، ما زالت هناك عقبات قانونية وإدارية تتعلق بالحصول على تأشيرات عمل للفريق الفرنسي والتصاريح اللازمة للبناء على الأراضي الأمريكية.
كما لم يُعلن حتى الآن عن موقع إقامة التمثال أو كلفة المشروع التقديرية، ما يزيد من غموض الجدول الزمني ويجعل إنجازه قبل عام 2026 رهناً بسباق مع الزمن.
ويأتي هذا الإعلان في وقت تشهد فيه واشنطن استعدادات ضخمة للاحتفال بالذكرى الـ250 لتأسيس الجيش الأمريكي، التي ستتخللها عروض عسكرية وجوية ضخمة، ما أضفى على المشروع الفرنسي بعداً رمزياً إضافياً، وكأنه محاولة لإحياء الروابط الثقافية بين باريس وواشنطن في مرحلة دولية مضطربة.
وبين الطموح الفني والواقع العملي، يقف مشروع "حارس الحرية" عند مفترق طرق: فإما أن يتحول إلى تحفة فنية تُعيد إلى الأذهان مجد تمثال الحرية الأول، أو يبقى مجرد حلم طموح لم يغادر مرحلة التصور.
ومع ذلك، نجحت "أتليه ميسور" في إعادة تسليط الضوء على فن النحت كوسيلة للتعبير عن القيم الكبرى، مؤكدة أن رمزية الحرية تظل لغة مشتركة تتجاوز الحدود والسياسة، وتوحّد الشعوب تحت راية الجمال والإبداع.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuODYg جزيرة ام اند امز