«ترجمة الأفكار».. تقنية جديدة تحول نشاط الدماغ إلى أوصاف نصية مفهومة
في خطوة تُقرب العلماء من فهم أعمق للعقل البشري، طوّر فريق من الباحثين تقنية جديدة أطلقوا عليها اسم "ترجمة الأفكار".
التقنية التي خرجت من مختبرات علوم الاتصال بشركة "إن تي تي" باليابان، نشرت تفاصيلها في دورية "ساينس أدفانسيس"، قادرة على تحويل النشاط الدماغي إلى جمل نصية تصف بدقة ما يراه أو يتذكره الإنسان.

ورغم أن قراءة إشارات الدماغ ليست فكرة جديدة، فإن الأساليب السابقة كانت تقتصر على ربط إشارات محددة بكلمات مفردة أو أشياء معينة، دون القدرة على تكوين أوصاف متكاملة للمشاهد أو الأفكار المعقدة. أما التقنية الجديدة، فتعتمد على نماذج لغوية عميقة وخوارزميات ذكاء اصطناعي متقدمة، لتوليد أوصاف نصية مفصلة لما يدور داخل الدماغ.
وخلال التجارب، شاهد ستة متطوعين أكثر من ألفي مقطع فيديو قصير بينما كانت أدمغتهم تُفحص بأجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيف، وبعد ذلك، استخدم الباحثون نموذجاً لغوياً ضخماً يسمى " RoBERTa-large " لتوليد وصف نصي لمحتوى الفيديو استناداً إلى النشاط الدماغي المسجل.
وفي البداية، بدت الجمل الناتجة غير مترابطة، لكن مع التكرار والتعلم التدريجي أصبحت الأوصاف أكثر دقة وانسجاماً، حتى إنها نجحت في التقاط تفاصيل دقيقة للحركة والمشاهد داخل المقاطع، بنسبة دقة وصلت إلى نحو 50%، وهي نتيجة تفوق أداء التقنيات الحالية.
وفي مرحلة لاحقة، طُلب من المشاركين استرجاع المقاطع من ذاكرتهم أثناء فحص الدماغ، فتمكنت التقنية من توليد أوصاف متوافقة مع محتوى المقاطع التي استذكروها، مما يفتح الباب أمام استخدام هذه الطريقة في "قراءة الذكريات" أيضاً.
ويرى الباحثون أن هذه التقنية قد تمهد الطريق لتطبيقات طبية وإنسانية مهمة، مثل مساعدة الأشخاص الذين فقدوا القدرة على الكلام بسبب السكتة الدماغية أو أمراض عصبية أخرى، على استعادة القدرة على التواصل من خلال "الكتابة الذهنية".

لكن الفريق العلمي شدد أيضاً على ضرورة وضع ضوابط أخلاقية صارمة قبل استخدام مثل هذه التقنيات على نطاق واسع، لضمان حماية خصوصية الأفكار ومنع أي إساءة استخدام محتملة.
ويقول مؤلفو الدراسة في ختام بحثهم: "نهجنا الجديد يوازن بين الدقة والشفافية، ويضع أساساً علمياً لفهم كيفية ترجمة الدماغ للأفكار المعقدة إلى لغة، ويفتح الباب أمام دراسة منظمة لكيفية تشفير المعاني داخل العقل البشري".