المقابر الإيرانية.. شواهد تجنيد طهران الأطفال للقتال بسوريا
مليشيات الحرس الثوري الإيراني تؤدي دورا محوريا في عملية استقطاب الأطفال واستخدامهم دروعا بشرية لتقليص الخسائر في صفوف الجنود.
أطفال صغار لا تتجاوز أعمارهم الـ15 يجدون أنفسهم فجأة في جبهات القتال لحساب النظام الإيراني، وعلى أعناقهم الصغيرة حملوا أسلحة وذخيرة تتجاوز أوزانهم بأشواط، وفي نظراتهم سيل من الأسئلة التي لا تنضب.
"الجنود" الصغار لم تكتمل بعد ملامحهم، تماما كما لا تزال شخصياتهم خاضعة لتصرفات طفولية لم تنجح الرشاشات وخزانات الرصاص في تسريع نضوجها، وزّعهم النظام الإيراني على مختلف جبهات القتال في سوريا.
شواهد القبور تكشف الجريمة
ملف تجنيد الأطفال من اللاجئين الأفغان إلى إيران طفا إلى السطح من خلال تقارير إعلامية محلية قبل أن تصدر منظمة "هيومن رايتس ووتش" في الأوّل من أكتوبر/ تشرين الثاني الماضي تقريرا تضمن نتائج صادمة خلص إليها محققوها على الأرض.
التقرير كشف أن مليشيات الحرس الثوري الإيراني تجند الأطفال الأفغان لإرسالهم إلى جبهات القتل لحسابها في سوريا.
أطفال قالت المنظمة الحقوقية إن الكثير منهم في الـ 14 من أعمارهم، وإن أكبرهم لا يتجاوز الـ 15، معتمدة في تحديد أعمار هؤلاء الأطفال على شواهد قبور بمقابر إيرانية.
ففي عدد كبير من المقابر الإيرانية الخاصة بدفن الأطفال الأفغان ممن يقضون في الجبهات في سوريا، تستعرض شواهد القبور أدلة إدانة نظام الملالي.
ووفق المنظمة، فإن هؤلاء الأطفال قاتلوا في صفوف مليشيا مسلحة تسمي نفسها "الفاطميون"، وهي تابعة للحرس الثوري الإيراني، وتتألف في مجملها من أطفال أفغان يتم استقطابهم عبر استغلال ما تعانيه أسرهم من فقر وفاقة، لدعم النظام السوري في حربه البشعة ضد شعبه.
واعتبرت "هيومان رايتس" أن تجنيد الأطفال وإرسالهم إلى جبهات القتال "جريمة حرب" بمقتضى القانون الدولي، وفيها انتهاك صارخ لاتفاقيات ومواثيق حماية الطفولة.
معنويات الجنود وخيارات البقاء
وضع الأطفال في الخط الأمامي للمعارك واستخدامهم في أحيان أخرى دروعا بشرية، يمكّن النظامين السوري والإيراني من تقليص خسائرهما في الحرب الراهنة، بل إن محللين يرون أن الأمر يكتسب أهمية قصوى بالنسبة للنظامين، بما أنهما يريان في تجنيد الأطفال وسيلة للمحافظة على معنويات قواتهما مرتفعة.
فمقتل طفل لن يعني الكثير بالنسبة لنظام الملالي، ففي نهاية الأمر، يعتبر الأخير أن ذاك الطفل قضى كبش فداء لجندي يحتاجه بشكل أكبر واستمراره على قيد الحياة يمثل حافزا لبقية زملائه.. هكذا تحدثت تقارير إعلامية فرنسية مستنكرة ظاهرة لا تقل بشاعة عن أسواق بيع اللاجئين في ليبيا.
أما عن طريقة استقطاب هؤلاء الأطفال، فتؤدي ميليشيات الحرس الثوري الإيراني دورا محوريا في عملية تجنيدهم.
ولتجنيد أكبر عدد ممكن من الأطفال تمنح المليشيات الإيرانية هؤلاء الأطفال وأسرهم وعودا بالحصول على صفة مقيم قانوني في إيران، كما تعدهم بالحصول على امتيازات مالية وغذاء، وهو ما يحلم به السواد الأعظم من اللاجئين الأفغان في إيران.
سخاء لافت يقلص خيارات هؤلاء اللاجئين إلى أدناها ولا يترك أمامهم سوى القبول بعرض النظام، مدركين أن خسارتهم فادحة في الحالتين؛ فإن رفضوا فستطالهم آلة اضطهاد الحرس الثوري وستحول حياتهم البائسة أصلا إلى جحيم.
وإن قبلوا فالنهاية معروفة، وهي أن الذاهبين من أطفالهم إلى جبهات القتال غالبا ما يعودون جثثا هامدة يعجزون في -أحيان كثيرة- التعرف على ملامح صاحبها، لما كابده في ساحات الحرب.
تبجح النظام الإيراني
المنظمة الدولية أعربت عن قلقها البالغ حيال هذه الممارسات التي تستهدف الأطفال، ودعت مديرتها المكلفة بشؤون الشرق الأوسط، سارة ليا ويتسن، إيران إلى وقف "فوري" لممارساتها من هذا النوع، وإلى سحب هؤلاء الأطفال من جبهات القتال.
واستنكرت ويتسن كيف يسمح النظام الإيراني لنفسه بالقيام بمثل هذا الأمر في وقت كان من المفترض فيه أن يسهر على حماية هؤلاء الأطفال بدل من الزج بهم في أماكن خطرة.
غير أن واقع الحال يكشف عن أن تلك الأصوات الحقوقية التي تتعالى عبر العالم منددة بهذه الظاهرة البشعة عاجزة عن التأثير في طهران أو ردعها، حيث تعرض القنوات الرسمية للنظام وبشكل مستمر تقارير تتضمن شهادات لأطفال يتأهبون للمغادرة نحو جبهات القتال، في استعراض تبجحي لافت يرمي إلى استقطاب أكبر عدد ممكن من الأطفال.
aXA6IDMuMTM5LjIzNS4xNzcg
جزيرة ام اند امز