تصاعد التوتر بين طهران وباكو.. حملة لملاحقة جواسيس إيران بأذربيجان
منذ بدء الهجوم على سفارة أذربيجان في طهران في 27 يناير/كانون الثاني الماضي، تصاعد التوتر في العلاقات بين إيران وأذربيجان، فيما بدأت الأخيرة حملة أمنية واسعة لملاحقة شبكات التجسس الإيرانية على أراضيها.
وأسفر الهجوم الذي شنه مسلح إيراني عن مقتل رئيس الفريق الأمني بالسفارة الأذربيجانية فضلاً عن إصابة اثنين آخرين بجروح، فيما أغلقت باكو سفارتها في طهران وأجلت جميع الموظفين وعوائلهم من إيران يوم الأحد الماضي، فيما أبقت أذربيجان قنصليتها مفتوحة في مدينة تبريز الواقعة شمال غرب إيران.
ملاحقة الجواسيس
وأعلنت وزارة الداخلية في أذربيجان، اليوم الأربعاء، اعتقال 39 شخصًا ضمن "شبكة التجسس الإيرانية" من بينهم مالك قناتين فضائيتين رجل الدين الشيعي "مطلب باغيروف".
وقالت وكالة الأنباء الأذربيجانية، إن وزارة الداخلية في البلاد تمكنت من اعتقال 39 شخصاً ضمن شبكة التجسس الإيرانية، مشيرة إلى أن هؤلاء الأشخاص كانوا يقومون "بأعمال تخريبية" تحت ستار الشؤون الدينية " في "عمليات خاصة".
وأوضحت الوكالة "هؤلاء الأشخاص، الذين تظاهروا بأنهم متدينون، نشروا دعاية لصالح إيران على الشبكات الاجتماعية وأساءوا إلى حرية المعتقدات الدينية في أذربيجان".
وأضافت "هؤلاء الأشخاص يقومون بالفعل بالواجبات الموكلة إليهم من قبل الأجهزة الخاصة الإيرانية ويخالفون تقليد التسامح الذي نشأ في جمهورية أذربيجان".
وتابع البيان: "من أجل خلق التمييز الطائفي والصراع بين الناس، خلقوا ارتباكًا في المجتمع باستخدام سمات متعلقة بإيران، وكذلك أعلام سوداء مع نقوش مختلفة باللغة الفارسية، في الاحتفالات الدينية التي يحضرها المواطنون الأذربيجانيون وفي الشبكات الاجتماعية، ونقل المعلومات التي جمعوها إلى الخدمات الخاصة التي كلفوا بها".
اعتقال مالك قناة مدعومة من إيران
كما أكدت وزارة الداخلية الأذربيجانية، الأربعاء، اعتقال مالك قناتي "إنتر آز، وسلام نيوز" أثناء الحملة الأمنية التي تقوم بها ضد العناصر المرتبطين بإيران.
وأوضحت الوزارة أنها "نفذت عملية ضد شبكة التجسس الإيرانية وكان مطلب باغيروف المعروف باسم حاج مطلب من بين المعتقلين".
رئيس أذربيجان: إيران لم تتخذ إجراءات جادة
وفي سياق متصل، شن الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف لدى استقباله وزير التربية الوطنية التركي محمود أوزر ومجموعة من أعضاء الجمعية الوطنية الكبرى لتركيا (GNAT)، هجوماً على إيران، مؤكداً أنه "لم تتخذ الشرطة وقوات الأمن الإيرانية أية إجراءات جادة لمنع الهجوم على سفارة بلاده في طهران".
وقال "تم تحييد الإرهابي نتيجة بطولة موظف أمن آخر بالسفارة، وبذلك تم منع اعتداء المسلح على موظفين آخرين بالسفارة وأفراد عائلاتهم".
وأشار إلى أن هذا العمل الإرهابي تم التحقيق فيه بدقة من قبل أذربيجان، مشدداً "أنه بالرغم من أن العملية الإرهابية التي ارتكبها ذلك الشخص في مبنى السفارة استغرقت وقتاً طويلاً، إلا أنه لم يتم اتخاذ أي إجراءات جادة من قبل الشرطة وقوات الأمن الإيرانية".
دعوة لإلغاء لجنة الصداقة البرلمانية الأذربيجانية الإيرانية
وفي سياق متصل، قالت وكالة أنباء أذربيجان، الأربعاء، إن مجموعة من النواب اقترحوا إلغاء مجموعة العمل الأذربيجانية الإيرانية حول العلاقات البرلمانية.
ونقلت الوكالة عن نائب قوله "إن الهجوم على السفارة الأذربيجانية في طهران هو عمل إرهابي دولي، وتم اختيار دولة وشعب أذربيجان كهدف".
وقال: "دعونا نتخذ خطوة مماثلة في البرلمان وإلغاء مجموعة العمل حول العلاقات البرلمانية الأذربيجانية الإيرانية ".
إيران تعلق
وفي سياق متصل، زعم المتحدث الرسمي باسم الحكومة الإيرانية، علي بهادري جهرمي، يوم الأربعاء إنه تم اتخاذ "إجراءات قضائية" فيما يتعلق بالهجوم على سفارة جمهورية أذربيجان.
وكرر جهرمي في حديثه للصحفيين عقب اجتماع للحكومة الإيرانية، دوافع المهاجم بـ"القضايا الشخصية والعائلية"، مضيفاً أن إيران ليس لديها مشكلة من حيث "ضمان أمن السفارات".
ولم يوضح بهادري جهرمي تفاصيل "الإجراءات القضائية" للحكومة.
بداية لمواجهة مفتوحة
وفي سياق متصل، اعتبر كبير محللي الشؤون الدولية الإيراني "علي بيكدلي"، الأربعاء، أن الهجوم الذي نفذه مسلح إيراني على سفارة أذربيجان يوم الجمعة الماضي، يكشف عن عمق الحقد بين البلدين.
وقال بيكدلي في مقابلة مع موقع "امتداد" الإصلاحي: "أثارت تصريحات علييف الصاخبة بين الحين والآخر ضد طهران قلق إيران، وأعطى الهجوم على السفارة الأذربيجانية العلاقات بين طهران وباكو عمقًا أكثر حقدًا".
واعتبر بيكدلي الهجوم سفارة أذربيجان في طهران هو "بداية لمواجهة مفتوحة وخفية بين إيران وأذربيجان".
وقال: الخلافات الحالية بين طهران وباكو لها جذورها في الماضي، ولكن ما يجب أن تقوله إيران عن هذه الاختلافات ونطاقها مقلق، إنه حديث عرضي نسمعه من إلهام علييف في كل مرة".
وأضاف: "من ناحية أخرى، فإن الإجراء الأخير الذي حدث في سفارة جمهورية أذربيجان في طهران كان عملاً غير دبلوماسي تمامًا، ولكن على أي حال ، فإن خطأها سيكون تجاه إيران، لأنه وفقًا للقانون الدولي، ستكون حماية جميع الموارد البشرية والممتلكات في البلدان الأخرى في البلد المستقبِل مسؤولية الحكومة المضيفة، وعلى نفس الأساس، يجب حماية جميع ممتلكات سفارة الدول المرسلة في أراضي البلد المضيف من أي تعد".
وتابع: "على الرغم من أن الهوامش حول هذا الحادث قد تراجعت قليلاً، ولكن من وجهة النظر القانونية، فهذه ليست قضية عرضية نريد تجاوزها وعواقبها بسهولة، وبناءً على ذلك، من الممكن أن تشكو جمهورية أذربيجان إلى مجلس الأمن من ذلك، الأمر الذي ستكون له عواقب قانونية خطيرة".
وشدد الباحث الإيراني علي بيكدلي أنه "على إيران أن تنتظر نتائج سياسية أكثر خطورة حول قصة السفارة الأذربيجانية".
وختم قوله: "بسبب تاريخ إيران السلبي في عدم الالتفات إلى حصانة الأراضي الدبلوماسية والتاريخ الذاتي للدول من الهجمات على السفارات السعودية والبريطانية والأمريكية، فقد أضعفت صورة إيران الدبلوماسية إلى حد كبير بسبب مثل هذه الأحداث في المجال الدولي".