وجه الإرهاب في بريطانيا.. ملامح شوهتها تغييرات عقدين من الزمن
في العام الذي شهد وقوع هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، كان متوسط أعمار المشتبه بهم في أعمال إرهابية ببريطانيا، في حدود 30 عاما.
لكن تغييرات طرأت بعد عقدين على نوعية المشتبه بهم، بما في ذلك أن يكون المتهم بريطاني الجنسية، وأصغر سنا بكثير، بحسب تقرير نشرته صحيفة "الإندبندنت" تقارن فيه بين ما كان عليه الحال قبل وقوع أحداث 11 سبتمبر/أيلول في الولايات المتحدة، وما أعقب ذلك.
وتروي الإحصائيات، التي بدأ جمعها بعد هجمات تنظيم القاعدة على البرجين التوأم، في نيويورك، قصة تغير وجه الإرهاب في المملكة المتحدة، مما يعكس التحول بشكل أساسي من الإرهاب المرتبط بأيرلندا الشمالية، إلى الجماعات المتطرفة، بما في ذلك تنظيم داعش، وصعود اليمين المتطرف مؤخرا.
الإرهاب الذاتي
وقال كبير المنسقين الوطنيين لشرطة مكافحة الإرهاب في بريطانيا، دين هايدون، إن التغييرات الأخيرة كانت صعود اليمين المتطرف، والإرهابيين "المبادرين" الذين يعملون بمفردهم.
وأضاف هايدون أن "التهديد وسمات الإرهابيين تغيرت تماما. نتعامل مع أفراد تحولوا بأنفسهم نحو التطرف، ويبحثون عن موضوعات تتعلق بالتطرف عبر الإنترنت.. لا ينتظرون توجيها أو موافقة عليا".
وأشار إلى أن الإرهابيين لم يصبحوا أقل تدريبا وجاهزية وارتباطا بالشبكات فحسب، بل أصغر سنا، وبريطانيين، ومن أصحاب البشرة البيضاء، لافتا إلى أن تغير سمات وأساليب الإرهابيين تعني زيادة صعوبة توقيفهم.
ففي العام الذي شهد هجمات سبتمبر/ أيلول قبل أكثر من عقدين، اعتقل ثلاثة مشتبه بهم في بريطانيا، كان عمرهم فقد دون 18 عاما في بريطانيا، بينما بلغ الرقم 25 خلال الـ12 شهرا حتى نفس الشهر من العام الماضي.
وجرت العادة على أن يكون ثلثا المدانين بجرائم تتعلق بالإرهاب من عمر 30 عاما فأكثر، الآن يمثلون الخمس فقط.
نسبة صادمة للإرهاب بين البريطانيين
وأشارت "الإندبندنت" إلى أن نسبة المشتبه بهم بجرائم الإرهاب الذين يعرفون أنفسهم بأنهم بريطانيون، قفزت من الثلث إلى 80% خلال نفس الفترة.
وتغيرت التركيبة السكانية العرقية بشكل كبير؛ فمن عام 2001 إلى 2004، كان معظم الناس الذين ألقي القبض عليهم للاشتباه في ارتكابهم جرائم إرهابية من أصحاب البشرة البيضاء، لكن تجاوز المشتبه فيهم من أصل آسيوي تلك النسبة، ليشكلوا النسبة الأكبر حتى 2018.
لكن الآن تجاوز عدد أصحاب "البشرة البيضاء" -تقول الصحيفة- الذين تم اعتقالهم للاشتباه في ارتكابهم جرائم إرهابية عدد الآسيويين للعام الرابع على التوالي.
ولفتت الصحيفة إلى أن حوالي 13% من القضايا التي تتعامل معها شرطة مكافحة الإرهاب في بريطانيا من اليمين المتطرف، في حين لا يزال الجزء الأكبر للمتشددين المتطرفين.
الإنترنت البوابة
وأسفرت زيادة الدعاية الإرهابية عبر الإنترنت عن زيادة الملاحقات القضائية بسبب جمع أو توزيع المواد التي قد تكون مفيدة في شن الهجمات، والتي أصبحت التهم الأكثر شيوعا في بريطانيا الآن.
وسنويا تقريبا من 2007 إلى 2017، كانت التهمة الأكثر شيوعا هي التدبير لأعمال إرهابية، بما في ذلك التخطيط لهجوم والسفر للقتال في الخارج.
وأوضح المسؤول الشرطي هايدون أن الإنترنت "غير الإرهاب تماما"، من خلال إتاحة المواد الأيديولوجية والتوجيهية، والسماح بوسائل التواصل المشفر عبر الإنترنت بدلًا من التواصل الشخصي.
وغيّر ظهور داعش عام 2014 كل شيء، حيث دعا التنظيم الإرهابي، الذي انبثق عن تنظيم القاعدة في العراق، أنصاره للسفر إلى "خلافته" الجديدة.
"الذئاب المنفردة"
وعندما زادت الدول الغربية من صعوبة ذلك وقصف الأراضي التي سيطر عليها داعش، غير التنظيم أسلوبه.
فخلال خطاب نشر في 21 سبتمبر/أيلول، دعا متحدث باسم داعش أنصار التنظيم لـ"الدفاع عن تنظيم الدولة.. من مكانكم أينما كنتم".
ودعا إلى هجمات "الذئاب المنفردة" على الأهداف العسكرية والشرطية والأمنية، وأعطى الضوء الأخضر لقتل من يسميهم "الكفار" في الدول التي انضمت إلى التحالف الدولي ضد داعش.
وأوضح هايدون أن الخطاب "غير التهديد كليا" في المملكة المتحدة، وأطلق موجة من المؤامرات الإرهابية المحلية لأنصار داعش، بما في ذلك بعض ممن مُنعوا من السفر إلى سوريا.
ومنذ ذاك الوقت، أصبح الإرهابيون المبادرون البريطانيون أكبر تهديد على البلاد، مع ترويج القاعدة وداعش "للاستشهاد"، والآن يضيف هايدون، يريد المهاجمون في الغالب أن يلقوا حتفهم خلال تنفيذ الهجوم.
aXA6IDMuMTMzLjEwOS4yNTEg جزيرة ام اند امز