تقرير استخباراتي ألماني: خطر الإرهاب قائم وأكثر تعقيدا
رغم الهزيمة الميدانية لتنظيمي "داعش" و"القاعدة"، خلال عقدين لا تزال استخبارات ألمانيا ترى التهديد الإرهابي قائما وأكثر تعقيدا.
وذكر التقرير الذي أعدته هيئة حماية الدستور "الاستخبارات الداخلية" بألمانيا، واطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه، أنه "مع الهجمات التي وقعت في نيويورك وواشنطن في 11 سبتمبر /أيلول 2001، برز الإرهاب العالمي فجأة إلى الواجهة".
وتابع التقرير الذي يقيم التهديد الإرهابي استنادا إلى العشرين عاما الماضية "صحيح أن تنظيم "القاعدة" الإرهابي ارتكب في وقت سابق على هجمات سبتمبر، هجمات خطيرة، خاصة هجمات 1998 على سفارتي الولايات المتحدة في نيروبي ودار السلام، إلا أنه لم يتضح البعد الجديد للتهديدات التي تعرض لها المجتمع الغربي إلا بعد رعب عام 2001".
ومضى التقرير قائلا "بعد أسابيع قليلة من الهجمات، بدأت العملية العسكرية بقيادة الولايات المتحدة في أفغانستان، والتي انتهت في صيف عام 2021، بانسحاب القوات الأمريكية من الأراضي الأفغانية بعد هزيمة تنظيم القاعدة".
ورغم ذلك، يستمر التهديد الذي يشكله الإرهاب بعد عقدين من هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، وفق التقرير الذي طالعته "العين الإخبارية".
تطور الإرهاب العالمي
التقرير ذكر أيضا أنه "بين عامي 2001 و2021، تغير الإرهاب العالمي من التنظيم الهرمي المقاتل (القاعدة) إلى هيكل مشكل من فروع إقليمية (داعش والقاعدة) ثم الإرهاب الملهم وغير القيادي" (داعش بعد الهزيمة، في إشارة لعمليات الذئاب المنفردة)".
وأوضح "رغم أن التنظيمين المهيمنين "القاعدة" و"داعش ينحدران من نفس الجذور ويتبعان نفس الأيديولوجية، إلا أنهما متنافسان فيما بينهما".
واستطرد قائلا "على الرغم من أن "القاعدة" بهيكلها من الفروع الإقليمية، تواصل ادعاء القيادة، إلا أنه لا يبدو أنها قادرة على الاستفادة من الهزيمة العسكرية لمنافسها "داعش" حتى اليوم".
وتابع "فيما لم يستخدم تنظيم "داعش" منذ ظهوره بعدًا جديدًا للعنف الوحشي فحسب، بل لعب أيضا على عنصر "نمط الحياة" في ثقافة الشباب المسلم المقيم في الغرب، وحقق وصولاً أكبر من خلال إمكانيات وسائل التواصل الاجتماعي".
ألمانيا ليست استثناء
وحول الوضع في ألمانيا في الـ٢٠ عاما الماضية، قال التقرير: "لفترة طويلة، كان هناك خطر كبير من وقوع هجمات إرهابية إسلاموية في ألمانيا. ومع ذلك، وباستثناء الهجوم بالأسلحة النارية الذي شنه مواطن من كوسوفو وصربيا على جنديين أمريكيين في مطار فرانكفورت في مارس/آذار 2011، لم يقع أي عمل إرهابي مميت ذي خلفية إسلاموية في العشر سنوات الأولى، وفشلت خطط الهجوم لأسباب فنية أو تمكنت السلطات من منعها في عدة حالات."
وتابع "وفي ديسمبر/كانون الأول ٢٠١٦، وقع هجوم إرهابي بدعم من تنظيم "داعش" على سوق لأعياد الميلاد في برلين، ما أوقع ١٢ قتيلا"، مضيفا "وفي يونيو/جزيران 2018، تم إحباط خطة هجوم باستخدام مادة الريسين السامة، إثر القبض على منفذ الهجوم في فترة إعداده للعمل بالتعاون مع زوجته".
وفجر التقرير مفاجأة بأن السلطات الألمانية أحبطت نحو ١٠ هجمات ذات دوافع إسلاموية منذ عام ٢٠١٥، أي في ذروة نشاط تنظيم "داعش" الذي نجح بالفعل في تنفيذ عدة هجمات في أوروبا".
استراتيجية ناجحة
ورأى التقرير أن استراتيجية السلطات الألمانية المتمثلة في الضربات الاستباقية، وحظر الجمعيات المرتبطة بالتنظيمات الإرهابية والتي بلغ عددها ١٩ جمعية محظورة حتى نهاية ٢٠٢١، حجمت كثيرا من إمكانيات صنع مشهد إرهابي في البلاد".
وتابع "أدت هذه الإجراءات إلى تقييد أنشطة التنظيمات الإرهابية، والجمعيات المرتبطة بها في المجال العام، بالإضافة إلى تراجع اتصالات الشبكات الإرهابية فوق الإقليمية، وضعفت الهياكل الإرهابية، وقلت الأموال المتدفقة عليها، ودب الخوف بين المتعاطفين مع هذه التنظيمات".
تحذير قوي
لكن التقرير أطلق تحذيرا قويا، وقال بوضوح "حتى بعد مرور 20 عامًا على هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 ، لم يتضاءل التهديد الذي يمثله الإرهاب الإسلاموي بل أصبح أكثر تعقيدًا، ولا يزال يمكن تصور وقوع هجمات في ألمانيا حتى اليوم".
وتابع التقرير "ارتبط التهديد الإرهابي دائما بتغير الإمكانيات البشرية، فبعد هجمات ١١ سبتمبر/أيلول وخلية هامبورج المتورطة فيها، سيطر سيناريو "الخلايا النائمة" على النشاط الإرهابي في أوروبا لسنوات طويلة"، مضيفا "بات الأشخاص المولودون في ألمانيا مسيطرون على المشهد الإرهابي في البلاد".
ملاحظة جديدة على النشاط الإرهابي فجرها التقرير ورصدتها "العين الإخبارية" في قراءتها الخاصة، عندما قال "في الآونة الأخيرة، ازدادت الهجمات التي لا يمكن فيها ترجيح الدوافع بين الدافع الإسلاموي والفعل الذي يحركه مرض عقلي بشكل واضح.. هذا تحد هائل للجهات الأمنية"، كما أنه يعكس تجنيد المصابين بأمراض عقلية في التنظيمات الإرهابية أو تأثرهم بها.
وأوضح التقرير "لا تزال بؤر الاضطرابات المستمرة في الشرقين الأدنى والأوسط وشمال أفريقيا توفر أرضًا خصبة للتعبئة والتجنيد بالنسبة للتنظيمات الإرهابية.
aXA6IDMuMTMzLjE0NS4xNyA= جزيرة ام اند امز