"فيروس الإرهاب".. باحثون بالمغرب يحذرون من الخطاب المتطرف
كما الفيروسات، تحور التنظيمات الإرهابية النصوص الدينية، وتدس فيها أفكارها المتطرفة، لتثير مشاعر الناس وتجذب مزيدا من الأتباع.
وشدد عُلماء دين وباحثون، على ضرورة فحص ودراسة التغيرات الفكرية للتنظيمات الإرهابية، خاصة في ظل اعتماد هذه الأخيرة لأشكال جديدة غير تقليدية، من أجل التسويق لخطاباتها المتطرفة، واستقطاب موالين جُدد.
جاء ذلك ضمن إحدى جلسات مُؤتمر "مكافحة التطرف العنيف: استجابات جديدة لتحديات جديدة"، الذي يستضيف أكاديميين وخبراء ومسؤولين أمنيين بالعاصمة المغربية الرباط، على مدار ثلاثة أيام.
ويُنظم هذا المؤتمر الذي تواكب "العين الإخبارية" أعماله، المرصد المغربي حول التطرف والعنف، بشراكة مع المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، ومركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، والرابطة المحمدية للعلماء.
فيروس مُتحور
ومن أجل استقطاب أنصار جدد، تعمل التنظيمات الإرهابية على تحوير مجموعة من جوانب الشريعة الإسلامية، وتدس فيها مُفردات جديدة ومغلوطة، بهدف إيهام أتباعها أنها موجودة بالفعل في التأصيل الشرعي، على حد قول سعيد بنبيهي، رئيس أحد المجالس العلمية المحلية بمدينة الدار البيضاء (مؤسسة دينية يرأسها الملك، وتعني بالشأن الديني وإصدار الفتوى في البلاد).
وأوضح بنبيهي "هذا السلوك الذي تتبعه التنظيمات الإرهابية للسيطرة على عُقول أتباعها، يكتسي خطورة كبيرة"، مضيفا أن الطريقة الجديدة التي تؤصّل بها التنظيمات الإرهابية فكرها الجديد تقوم على هندسة مخالفة للهندسة التي وضعتها الشريعة الإسلامية".
وتابع المتحدث "تماما كما تحور فيروس كورونا المستجد، فإن هذه التنظيمات الإرهابية تُسوق لفيروسها المتحور".
وأضاف أن هذه التنظيمات "تحوّل قضية التوحيد التي يجتمع تحت ظلالها المسلمون إلى أداة للتفرقة وتقسيم صفوفهم، من خلال تكفير كل من يخالفها الرأي وتكفير حكام المسلمين، استنادا إلى أقوال شاذة يتم قطعها عن سياقها".
استثارة عاطفية
وعلى الرغم من أن أفكارها وسلوكياتها مُنافية لتعاليم الشريعة الإسلامية، إلا أن التنظيمات الإرهابية تحرص أثناء تشكيل خطابها الجديد، على ألا تقطع الصلة مع الشريعة بعد تحريف مضمونها، من أجل استدامة مشروعها، إضافة إلى تبني خطاب يرتكز على استثارة المكوِّن العاطفي.
واعتبر بنبيهي أنّ استثارة المكون العاطفي هو الذي يفسّر تقاطر الأفراد على مواقع “الجهاد”.
ودق المتحدث ناقوس خطر توسع رقعة الخطاب المتطرف، الذي يستغل حاملوه وسائل التواصل الحديثة لنشره واستقطاب المزيد من الضحايا. في حين دعا العلماء إلى بذل الجهود من أجل دفع هجمة هذه التنظيمات، “حتى يقبل الناس عليهم للاستمداد من المرجعية المعتدلة”.
كما أشار بنبيهي إلى أنّ هذه المهمة تقتضي الحضور في مواقع التواصل الاجتماعي وعدم ترك الساحة فارغة لمنظري الفكر المتطرف لقيادة الناس والسيطرة عليهم.
تكفير مُتبادل
من جهة أخرى، قالت ريهام عبد الله سلامة نصر، رئيسة مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، وهي مؤسسة تابعة للأزهر الشريف بمصر ، إن التنظيمات الإرهابية لجأت إلى درجة العداوة المطلقة والتكفير الصريح لبعضها البعض، رغبة في الظهور والتنافس على السيطرة.
وشبهت المتحدثة النهج الذي تسلكه التنظيمات الإرهابية لتغيير خطابها بـ”نهج الفيروسات المتحورة”، موضحة أن ظروف الهزائم التي توالت على التنظيمات المتطرفة جعلتها تتخذ مسارات مختلفة لخطابها المتطرف، الأمر الذي يُوجب على المؤسسات المعنية كشف هذه التحولات حتى لا تنطلي على الشباب.
وتوقفت المتحدثة عند السياسة المتغيرة التي تنهجها التنظيمات الإرهابية من أجل البقاء وضمان مكانتها على الساحة أو الاستفراد بالقيادة، حيث تبدأ بتكفير بعضها، مثلما فعل تنظيم “داعش” الذي كفّر تنظيم “القاعدة” رغم أنه كان جزءا منه قبل الانشقاق عنه.
وأضافت أنّ التنظيمات الإرهابية تحرص على ترويج خطابها عن طريق أدوات وتقنيات أكثر إغراء من أجل استقطاب مزيد من الأتباع، ومنها جعل إصداراتها مشبّعة بالانتقام والقوة، داعية إلى دراسة التحولات العميقة التي يعرفها خطاب هذه التنظيمات، وإصدار أبحاث مستقلة لدحض فكرها.
وفي وقت سابق اليوم، توافق الخبراء والمسؤولون المشاركون في المؤتمر على ضرورة فرض رقابة دقيقة على الأنظمة المعلوماتية ووسائل التواصل الاجتماعي لمواجهة الإرهاب.
ويشارك في المؤتمر خبراء ومسؤولون أمنيون من عدة دول أبرزها المغرب والجزائر وتونس، وموريتانيا والسنغال ونيجيريا وكينيا وإسبانيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا والولايات المتحدة الأمريكية ومصر والمملكة العربية السعودية والفلبين، فضلا عن ممثلي مؤسسات إقليمية ودولية في مقدمتها المديرية التنفيذية لمكافحة الإرهاب للأمم المتحدة.
aXA6IDE4LjIyMS45My4xNjcg جزيرة ام اند امز