حتى سنة 2001، كانت تجارة الألماس والأحجار الكريمة والذهب بساحل العاج مشتركة بين حزب الله والقاعدة وهو أمر عصيُّ على التقبُّل.
بدأ الاغتراب اللبناني في العقود الأخيرة من القرن التاسع عشر، وتتعدد عوامل ودوافع الهجرة من الفقر إلى النزاعات الأهلية إلى الاحتلال الإسرائيلي أو حرب سنة 2006، ومن جهة أخرى، أسهمت التغييرات التي طرأت على سياسات الهجرة في بلدان الاستقبال في تعزيز الظاهرة، على اعتبار أن معظم السكان المحليين طالما رحبوا باللبنانيين الذين يسهمون في تنشيط الاقتصادات نظراً لقدرتهم على ذلك.
حتى سنة 2001، كانت تجارة الألماس والأحجار الكريمة والذهب بساحل العاج مشتركة بين حزب الله والقاعدة، وهو أمر عصيُّ على التقبُّل على اعتبار أنهما جماعتان إرهابيتان متعارضتان عقائدياً، فخلال حقبة الرئيس غباغبو كانت البلاد مقسّمة، وبذلك سيطر الإرهابيون على الشمال لممارسة تجارتهم.
كل ذلك جعل الجالية اللبنانية تتوزع على الساحل الأفريقي في البداية، قبل أن تواصل انتشارها نحو الداخل بحثاً عن فرص عمل، أما في القارة الأمريكية فقد كان الانتشار أكثر عدداً، ففي فنزويلا وحدها يزيد عدد أفراد الجالية اللبنانية عن 100 ألف شخص، وفي البرازيل، على سبيل المثال لا الحصر، يبلغ عدد الأشخاص من أصول لبنانية أكثر من 6 ملايين نسمة.
وبالعودة إلى أفريقيا، فقد كان الساحل الغربي للقارة هو الأكثر تفضيلاً بالنسبة للبنانيين، ففي دولة ساحل العاج يبلغ عدد أفراد الجالية اللبنانية 80 ألفاً، بينما وصل عددهم في السنغال إلى 10 آلاف، لقد حافظ المهاجرون اللبنانيون، والبالغ عددهم أكثر من 12 مليون نسمة، في الغالب، على روابط جيدة مع بلدهم الأم وكذلك مع المجتمعات المُضيفة التي يشاركونها دائماً أعمالهم.
وكما في كل أمور الحياة هناك استثناءات دائماً، والاستثناء هنا كان حزب الله، ومن بين المغتربين اللبنانيين، توجد فئة مؤيدة له، بل ومشاركة في التجارة السهلة، هذه المجموعة الصغيرة أضرّت كثيراً بسمعة المهاجرين اللبنانيين بسبب الأخبار التي تروج حولها.
خلال حقبة الحرب الأهلية في سيراليون (1991- 2002) كانت مناجم استخراج الألماس في البلاد خاضعة لسيطرة الجبهة الثورية الموحدة. وكانت نسبة كبيرة من الألماس الدموي تعبر الحدود الليبيرية متجهةً إلى منروفيا أين يتم بيعه لرجال أعمال مرتبطين بحزب الله مقابل حقائب معبأة بالأموال يتم نقلها جواً على الفور إلى بلجيكا، وحتى سنة 2012 كانت الأخبار تروج لتلك التجارة، فقد تم الكشف عن عمليات استيراد للألماس من طرف رجل أعمال لبناني بلجيكي بلغت قيمتها 1.7 مليار دولار أمريكي، متحايلاً على مسار أو عملية "كمبرلي"، وهي المنصة العالمية لمكافحة الاتجار في الماس الدموي، وقد بدأت التحقيقات بشكوكٍ تحوم حول تورط حزب الله في الاستفادة من عائدات تلك الصفقة.
وكان إبراهيم باه هو الشخص المسؤول عن عمليات بيع الألماس لصالح الجبهة الثورية الموحدة بسيراليون، ويُعدّ إبراهيم باه متمرداً سنغالياً من منطقة كازامارا، حيث تلقّى تدريباته في ليبيا أثناء حقبة القذافي، لينتقل بعد ذلك إلى أفغانستان لقتال القوات السوفيتية (أين ولدت القاعدة لاحقاً). وسافر فيما بعد إلى لبنان للقتال بجانب حزب الله ثم انتقل أخيراً إلى أفريقيا الغربية وتحديداً إلى بوركينا فاسو أين تلقّى الحماية من طرف الرئيس السابق، بليز كومباوري. هذا الأخير كان يبيع الأسلحة لمتمردي ساحل العاج والجبهة الثورية الموحدة في ليبيريا، وعلى ذلك الأساس، فقد كان بحاجة إلى إبراهيم باه وألماس القاعدة وحزب الله.
وحتى سنة 2001، كانت تجارة الألماس، الأحجار الكريمة والذهب بساحل العاج مشتركة بين حزب الله والقاعدة وهو أمر عصيُّ على التقبُّل على اعتبار أنهما جماعتان إرهابيتان متعارضتان عقائدياً، فخلال حقبة الرئيس غباغبو كانت البلاد مقسّمة، وبذلك سيطر الإرهابيون على الشمال لممارسة تجارتهم. وقد انتظرت المخابرات الأمريكية (سي أي أي) حتى بعد سنة 2010 عندما أصبح الحسن وتارا رئيساً للبلاد لتقوم بإرسال فريق للكشف عمّا يحدث هناك (300 ألف قيراط لم يُعثر لها على تبرير).
وفي مثل هذه الأنشطة، كان حزب الله والقاعدة بحاجة إلى مخرجٍ غرب ساحل العاج وقد كانوا يصلون إليه عن طريق بوركينا فاسو، وهو ما تمّ فعلاً أثناء فترة رئاسة، بليز كومباوري، الذي حوّل بوركينا فاسو إلى سوقٍ للأحجار النفيسة لمشترين من حزب الله والقاعدة بالمغرب الإسلامي. وفي بعض الحالات كانت تلك الأحجار تخرج عن طريق غينيا ومنها إلى مالي لتواصل طريقها إلى الصوّاغ بالشرق الأوسط.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة