تمر هذه الأيام الذكرى السادسة لثورة 30 من يونيو الذي فيه أعلن الشعب العربي، ممثلة في الشعب المصري، رفضه لحكم "الإخوان".
بات شهر يونيو يمثل حالة من الشئم والخيبة على تيار الإخوان المسلمين بعد أن حدثت فيه أكبر انتكاستين لهما خلال ستة أعوام، حيث تمر هذه الأيام الذكرى السادسة لثورة 30 من يونيو الذي فيه أعلن الشعب العربي، ممثلة في الشعب المصري، رفضه لحكم "الإخوان" بعد أن فضحت تجربتهم الرئاسية مخططاتهم ضد الدولة الوطنية، ومالوا نحو "الجماعة" وإلى دولة الخلافة ولم يوفوا بما وعدوا به الشعوب العربية من المشاركة السياسية والحرية، بل تاجروا بكل القضايا الوطنية والإسلامية بما فيها القدس الشريف ومحاربة الاستيطان الإسرائيلي.
وشاءت المقادير أن ينتهي حلمهم السياسي بوفاة رئيسهم محمد مرسى في شهر يونيو أثناء المحاكمة ما شكل صدمة كبيرة لهم، حيث يعني ذلك فكرة عدم استبعاد تسمية هذا الشهر بأنه كان أسود ليس على مشروعهم وشرعيتهم السياسية ما دفعتهم إلى العودة إلى شرعيتهم التقليدية القائمة على إثارة عواطف الرأي العام العربي باستخدام نظرية المظلومية، وهو ما يمكن قراءته خلال هذه الأيام من الحملة الإعلامية لإعلامهم ضد الدول التي تحارب مخططاتهم.
افتضاح مشروع الإخوان المسلمين في 30 يونيو 2013 بعد مرور أقل من عام على وصولهم للسلطة بفعل الفوضى التي افتعلتها إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما هو: مكسب كبير رغم كل المآسي لأنه كشف عن مخططات ربما كانت عواقبها أكبر وتأثيراتها أوسع على الدولة العربية أبسطها "حلم" الخلافة الإسلامية
وإذا وسعنا قائمة يونيو الأسود فإن مقاطعة الدول الأربع للنظام القطري بسبب دعمه للتطرف والإرهاب والفوضى الإخوانية في الدول العربية قد تم الإعلان عنها في هذا الشهر من عام 2017، ولكن تبقى "الخيبة الكبرى" هو سقوط نظامهم في مصر، على اعتبار أن مخططهم كان يفترض أن يبدأ في مصر الدولة ذات الثقل السياسي والديموغرافي عربياً (الدولة العميقة) من أجل الانطلاق في تنفيذ باقي خطتهم في السيطرة على المجتمعات العربية التي كان وجودهم فيها متغلغل في المؤسسات الرسمية وفي المدارس والجامعات وكانوا يتحركون بكل أريحية فيها بطريقة ساعدتهم من اختراق تلك المجتمعات وبث فكرهم وتضليل أبناء الدولة الواحدة، وهو ما شكل عاملاً مساعداً في وصولهم للسلطة، إلا أن هذا العامل قد انقلب عليهم وتحول الأمر إلى عاصفة أنهت "خدعتهم" بالكامل وعززت شعوراً بالكراهية عليهم تجاوزت معها الدولة المصرية فتحولت من قوة مجتمعية استغلت فيها عفوية الإنسان العربي إلى غضب ورد فعل كان شديد القسوة.
اليوم لو سألت أي مواطن عربي -مع أن وسائل التواصل الاجتماعي تقدم لك الإجابة على طبق من ذهب من خلال التغريدات- إن كانت هناك مكاسب حققتها فوضى "الربيع العربي" والتي كانت الطريقة المثالية لصعود الإخوان المسلمين في الدول العربية، فإن الإجابة التي أكاد أن أجزم فيها ويتفق فيها معي كثيرون أنها أسهمت في انكشاف حقيقة تيارات الإسلام السياسي وعلى رأسها تيار الإخوان الذين أجادوا ببراعة في استخدام "التقية السياسية" من أجل الوصول إلى السلطة والحكم في الدول العربية، وفي إقناع الرأي العام الغربي بمظلوميتهم المزعومة ولكن ما يبدو في الأفق أنه سيكون أسود عليهم قريباً في تلك المجتمعات؛ لأن حالهم بدأ ينكشف ويفتضح، وبدأت الدوائر السياسية الصانعة للقرار بتحركات لاتخاذ إجراءات ضدهم.
افتضاح مشروع الإخوان المسلمين في 30 يونيو 2013 بعد مرور أقل من عام على وصولهم للسلطة بفعل الفوضى التي افتعلتها إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما هو: مكسب كبير رغم كل المآسي؛ لأنه كشف عن مخططات ربما كانت عواقبها أكبر وتأثيراتها أوسع على الدولة العربية أبسطها "حلم" الخلافة الإسلامية في إشارة مباشرة لرفضهم مفهوم الدولة الوطنية؛ لأن ولاءهم ليس له حدود جغرافية وعلى ذلك فقسم الولاء ليس للدولة الوطنية، ناهيك عن كونهم "أصل ومنبع" كل حركات التطرف المنسوبة للدين الإسلامي والذي كشفه منهجهم في التعامل مع الأحزاب السياسية والمواطنين الأجهزة التابعة للدولة الرافضين لحكمهم، ولم يكن ليتحقق هذا الافتضاح أو الانكشاف دون تلك الفوضى الأمنية.
المهم أنه لم تبق آمال الإخوان المسلمين المنتشرين في العالم وطموحاتهم بعد حادثتي: سقوط الدولة الإخوانية في مصر ووفاة رئيسهم محمد مرسي مؤخراً على حالها ولم يعد هناك أفق لها، ويظهر أن خيبة أمل أتباعهم ومؤيديهم باتت كبيرة وهي تتضخم مع مرور الوقت، وهو ما سيطر على فكرهم ودفعهم للتساؤل حول الاستمرار والوجود على الساحة السياسية، وهكذا باتوا عاجزين عن إقناع الناس عن مشروعاتهم السياسية والحزبية، بل إنهم اليوم اصطدموا بالواقع الحقيقي عن إدراك ومعرفة الناس عنهم من واقع ما كشفه عنهم الإعلام أو قيادات إخوانية انشقت عنهم بعدما أدركوا أبعاد أهداف التنظيم الشيطاني.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة