إن تنظيمي القاعدة وداعش اللذين يعانيان من غياب القيادة، وحالة الانحسار على الأرض، هي بلا شك أصبحت تنظيمات مترهلة
يعد مقتل أبو بكر البغدادي مرحلة متقدمة في مواجهة ليس تنظيم داعش الإرهابي إنما في طريق مواجهة الفكر الإرهابي بأكمله، أما على صعيد تنظيم داعش فيأتي مقتل البغدادي في 90 دقيقة ليعكس حالة الترهل لدى تنظيم داعش، ليقود إلى الدفع باتجاه المزيد من الانحسار لهذه التنظيم الإرهابي، الذي بدأ ضعيفاً منذ فترة خاصة بعد أن خسر العامل المهم في بقائه وهو الأرض الذي كان يسيطر على أجزاء من الأراضي العراقية والسورية، والسيطرة على حقول النفط التي وفرت له الدعم المادي، ورفعت من حجم الدخل المادي، الأمر الذي مكن التنظيم من سرعة التمدد.
إن تنظيمي القاعدة وداعش اللذين يعانيان من غياب القيادة، وحالة الانحسار على الأرض، هما بلا شك أصبحا تنظيمين مترهلين، لم يعدا تحت دائرة الأضواء كما كانا، وأيضا يفتقدان لمسألة التأثير، فهل يشكل مقتل زعيم تنظيم داعش الإرهابي أبو بكر البغدادي مرحلة الانحسار للفكر الإرهابي؟
يأتي مقتل أبو بكر البغدادي ليكشف عن عجز لدى التنظيم في المواجهة، ولاشك أن مقتل زعيم هذا التنظيم سيشكل مسألة إحباط لدى أتباع هذا التنظيم، وسيقود إلى حالة التفكك، خاصة أنه جاء في وقت دخل فيه تنظيم داعش مرحلة الانحسار بعد الضربات التي تلقاها في سوريا والهزيمة الكبيرة التي لحقت به في العراق، وبالتالي تعيين قيادة جديدة لتنظيم داعش لن تكون قادرة على احتواء تفكك التنظيم، لأن غياب البغدادي عن قيادة هذا التنظيم تعني انهيار المشروع الداعشي الذي أسسه، وبالتالي انتشار حالة الإحباط والهزيمة لدى أتباع هذا التنظيم الذين فقدوا الركيزة الأساسية لمشروعهم الإرهابي وهو البغدادي. وبالتالي فإن مقتل البغدادي لن ينحصر فقط على غياب القيادة التي من الممكن تعويضها بقيادة جديدة، بل سيكون لذلك الكثير من التداعيات على المشروع الداعشي.
لا شك أن تنظيم القاعدة الإرهابي سوف يحاول العمل على استغلال حالة الانهيار الحاصلة في المشروع وتوظيف ذلك في سبيل محاولاته الرامية للعودة إلى الواجهة مرة أخرى، ولكن هناك الكثير من العقبات أمام هذا التنظيم، منها ضعف الموارد في ظل حالة التضييق الدولي وتجفيف منابع التمويل، وأن التجنيد الإلكتروني أصبح أمرا في غاية الصعوبة في ظل التشديد الدولي على محاولات التنظيمات الإرهابية لتوظيف التكنولوجيا ومواقع التواصل في عمليات التجنيد، والأهم أيضا غياب القيادة لدى تنظيم القاعدة الإرهابي بمقتل حمزة نجل أسامة بن لادن الذي كان يتم إعداده لتولي قيادة التنظيم، والحالة الصحية المتدهورة لأيمن الظواهري تعكس حالة الفراغ الذي تعيشه مسألة القيادة بالنسبة لتنظيم القاعدة الإرهابي، وبالتالي فإن تنظيم القاعدة بالرغم من محاولاته الفاشلة للعودة إلى الواجهة إلا أنه يعاني من حالة الترهل التي تجعله غير قادر على العودة مرة أخرى إلى الواجهة.
إن تنظيمي القاعدة وداعش اللذين يعانيان من غياب القيادة، وحالة الانحسار على الأرض، هما بلا شك أصبحا تنظيمين مترهلين، لم يعدا تحت دائرة الأضواء كما كانا، وأيضا يفتقدان لمسألة التأثير، فهل يشكل مقتل زعيم تنظيم داعش الإرهابي أبو بكر البغدادي مرحلة الانحسار للفكر الإرهابي أم سيقود لظهور تنظيمات إرهابية جديدة؟ بلا شك أن الإجابة على هذا السؤال تتوقف على مدى قدرة المجتمع الدولي على التعامل مع أسباب ظهور هذه التنظيمات، وقطع الطريق أمام إعادة إنتاج تنظيمات إرهابية جديدة، وذلك عبر قطع الطريق أمام محاولات "التوظيف السياسي" للفكر الإرهابي.
عندما ننظر إلى أسباب ظهور تنظيم داعش الإرهابي، نجد أنه بجانب الفوضى التي عاشتها المنطقة العربية إبان ما سمي بمرحلة الربيع العربي، لعبت محاولات التوظيف السياسي على تقوية وتنامي هذا التنظيم الإرهابي، حيث لعبت تركيا دوراً في تمهيد الطريق أمام عبور عناصر تنظيم داعش إلى العراق وسوريا عبر الأراضي التركية، حيث عبر ما يقارب الـ30 ألف عنصر، بجانب تقديم خدمات العلاج المجاني، والتورط في شراء النفط الذي تسيطر عليه داعش، وبالتالي فإن الحرب على الإرهاب واستئصال الفكر الإرهابي المتطرف، وقطع الطريق أمام خروج تنظيمات إرهابية مستغلة انحسار تنظيم داعش والقاعدة، يتطلب أن لا تتوقف جهود مكافحة الإرهاب على توجيه الضربات العسكرية للإرهابيين، أو تجفيف منابع تمويلهم أو قطع الطريق أمام محاولات التجنيد الإلكتروني، بل يتطلب بالدرجة الأولى التصدي لمحاولات "التوظيف السياسي" للفكر الإرهابي كما تفعل تركيا التي لعبت دوراً في خدمة تنظيم داعش الإرهابي.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة