ما هو الكبتاجون مخدر الإرهابيين؟
كثيرا ما ثار السؤال حول كيف يتجرد إنسان من مشاعره ليستسهل الذبح والقتل وحرق الأحياء، حتى وإن كانوا شيوخا وأطفالا، دون أي شعور بالقلق
أثار خبر ضبط السلطات الفرنسية، لأول مرة، مخدر الكبتاجون قبل تهريبه إلى داخلها بالتزامن مع انتشار العمليات الإرهابية في أوروبا لفت النظر مجددًا إلى دوره في نشر العنف والإرهاب، خاصة بعد عام 2011.
فقد أعلنت السلطات الفرنسية في مطار شارل ديجول، الثلاثاء الماضي، أنها ضبطت نحو 135 كجم من الكبتاجون، والمشهور باسم "مخدر الإرهابيين".
وهي المرة الأولى التي يتم فيها ضبط هذا النوع في فرنسا، وإن كان هذا لا ينفي أن تكون كميات قد تم تهريبها إلى الداخل قبل ضبطها.
وورد في بيان صادر عن الجمارك بأن هذا المخدر "قدم أخيرا على أنه مخدر النزاع السوري‘"؛ حيث يستخدم على نطاق واسع بين المقاتلين في سوريا.
ونقل عن مقاتلين يتناولون هذا النوع من الحبوب المخدرة قولهم إنها تساعدهم على البقاء مستيقظين لأيام وتخدر أحاسيسهم، مما يسمح لهم بالقتل دون شعور بالذنب أو الخوف أو التعب.
كما أن هذا النوع من المخدر ينتشر بكثرة في منطقة الشرق الأوسط عموما، وخاصة الخليج بتهريبه إليها عن طريق لبنان وسوريا وتركيا.
ويتماشى هذا مع مشاهد "استسهال" و"استمتاع" الإرهابيين بقيامهم بعمليات ذبح وقطع رؤوس ضحاياهم، أو إحراقهم أحياء، أو التمثيل بجثثهم، وهي الجرائم التي لا يسلم منها أطفال أو نساء أو شيوخ، وينفذها الإرهابيون بدم بارد.
كما أنه من المحتمل أن نفس هذا المخدر يتم إعطاؤه لبعض الضحايا أحيانًا لشل مقاومتهم وتغييب عقولهم عن إدراك بشاعة المصير المعد لهم.
وكثيرا ما ثارت تساؤلات عن كيف تحول الكثير من الأشخاص المنضمين لمنظمات إرهابية من أناس هادئين الطباع لا يظهر عليهم أي ميل للعنف قبل انضمامهم لأناس يذبحون ويقتلون الآخرين بكل سهولة، ودون أي شعور بالذنب.
وانتشر الكبتاجون في الشرق الأوسط بشكل كبير بعد ما يسمى بثورات الربيع العربي عام 2011، والتي ترافق معها انتشار الميليشيات وعمليات القتل والإرهاب في دول مثل سوريا وليبيا.
ونقلت صحيفة "روسيسكايا جازيتا" الروسية عن المراسل الحربي الإيطالي "جانو ميكاليسين" قوله إن تناول المنضمين للميليشيات المسلحة الكبتاجون يكسبهم إحساسًا زائفًا بالنشوة والشجاعة، ويشجعهم على القسوة.
وشهدت دول مثل مصر دخول الكبتاجون لأول مرة في تاريخها بعد عام 2012.
وفي لقاء مع قناة "صدى البلد" المصرية قال مسؤولون بإدارة مكافحة المخدرات في وزارة الداخلية المصرية إن الكبتاجون مصدر صناعته الأساسي في الشرق الأوسط هو إسرائيل، ولم تكن مصر تعرفه من قبل.
كما أشار مدير مكافحة المخدرات، اللواء أحمد عمر، إلى أن تهريب الكبتاجون تقوم على تهريبه في البحر المتوسط مراكب ينشط عليها عناصر سورية وتركية بشكل خاص.
وفي 10 مايو/أيار الماضي ضبطت الداخلية المصرية أول محاولة لتصنيع مخدر الكبتاجون محليا في مصر، وكانت على يد مستثمر لبناني يعمل تحت ستار صاحب مصنع ملابس، وكان يخطط لإقامة مصنع للكبتاجون داخل مصر.
ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية في تقرير سابق عام 2016 عن مصدر أمني لبناني قوله إن كلا من لبنان وسوريا تحولا إلى معبر لتهريب الكبتاجون إثر اندلاع الأزمة السورية.
كما نقلت عن عناصر منضمة لفصائل المعارضة المسلحة في سوريا قولها إن بعض تلك الفصائل تتعاطى الكبتاجون، فيما أخرى تحرمه لكن تتاجر فيه لجلب المال والسلاح.
كبتاجون وحشيش وسلاح.. تهديدات على حدود الأردن مع سوريا
وبحسب السلطات السورية، فإن مصانع الكبتاجون موجودة في المناطق الخارجة عن سيطرة القوات الحكومية، وخاصة تلك القريبة من الحدود مع تركيا.
أما في لبنان، فتنشط مصانع الكبتاجون كذلك في مناطق مثل البقاع، وخصوصا بلدتي عرسال وبريتال الحدوديتين مع سوريا، وهي مناطق تشهد كذلك تجدد الأعمال الإرهابية منذ اندلاع الحرب في سوريا.
ويصنف مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة الكبتاجون على أنه "أحد أنواع الأمفيتامينات المحفزة"، وعادة هو مزيج من الأمفيتامينات والكافيين ومواد أخرى.
وبحسب بيانات المكتب فإن الشرق الأوسط ظهر في السنوات الأخيرة كسوق جديدة رئيسية ينصب فيها الطلب على الكبتاجون، وتحديدا المملكة العربية السعودية التي تعد وجهة رئيسية لمهربي هذه الأقراص.
كما لفت إلى أن المعتقلين المسؤولين عن عمليات التهريب معظمهم سوريون ولبنانيون".
وأرجع سبب استهلاك هذا النوع من المخدر تحديدا إلى نشر الدعاية له بأنه مقوّ ومنشّط جنسي.
ويؤدي كثرة تناول الكبتاجون إلى تدمير الخلايا العصبية المركزية والاضطراب العقلي، والميل إلى العنف والإحساس بالاضطهاد، واستسهال التفكير في الانتحار، استسهار ارتكاب جرائم التحرش والاغتصاب، تفكك علاقات المدمنين الأسرية بسبب اضطراب سلوكهم وميلهم إلى العنف والكراهية في التعامل مع المحيطين بهم.