مصر تقود حربا جديدة ضد الإرهاب في أفريقيا
كيان جديد لمواجهة الإرهاب يضم 27 دولة أفريقية هي دول تجمع الساحل والصحراء، وتولت القوات المسلحة المصرية تنفيذه.
لم تكتف مصر بالجهود الداخلية التي تبذلها لمكافحة الإرهاب، بل امتدت جهودها لتشمل عمقها الأفريقي ومحيطها الإقليمي، متمثلة في كيان جديد يضم 27 دولة أفريقية هي دول تجمع الساحل والصحراء؛ لمواجهة الإرهاب وتنسيق التعاون بين الدول الأعضاء في القضايا محل الاهتمام المشترك، وتعزيز العلاقات الأمنية والاقتصادية والسياسية.
- "سيناء 2018".. الجيش المصري يقضي على 32 إرهابيا
- 11 مسؤولا ليبياً يؤكدون لـ "العين الإخبارية" دعم قطر وتركيا للإرهابيين
هذا الكيان هو "المركز الإقليمي لمكافحة الإرهاب لدول الساحل والصحراء"، الذي أتى كثمرة للجهود المصرية في التعاون مع دول القارة الأفريقية، وتولت القوات المسلحة المصرية تنفيذه.
وأعلنت وزارة الدفاع المصرية في وقت سابق، الانتهاء من المركز المقام على أرض مصر، في فترةٍ وجيزة وذلك على مساحة 14300 متر مربع، وتم تزويده بجميع التجهيزات السمعية والبصرية، وأحدث الحواسيب الآلية، بما يحقق تنسيق التعاون بين الدول الأعضاء في القضايا محل الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها التصدي للإرهاب، وتعزيز العلاقات الأمنية والاقتصادية والسياسية.
وفي اجتماع لدول تجمع الساحل والصحراء في العاصمة النيجيرية أبوجا في الفترة من 20 إلى 22 يونيو/حزيران الجاري، وهو السابع لدول التجمع، شاركت مصر بوفد ممثل عن وزارة الدفاع المصرية، وتم تتويجه باعتماد "إعلان أبوجا"، الذي أكد ضرورة تكثيف التعاون في المجال الأمني على الصعيدين الثنائي متعدد الأطراف، من أجل مواجهة تهديدات السلم والاستقرار في فضاء الساحل والصحراء.
وشاركت الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا والصين والمملكة المتحدة وروسيا والمملكة العربية السعودية كمراقبين في اجتماع وزراء دفاع دول الساحل والصحراء بأبوجا، إضافة إلى 7 منظمات دولية وإقليمية من بينها الأمم المتحدة، وجامعة الدول العربية، والاتحاد الأوروبي، والاتحاد الأفريقي، مما يؤكد الأهمية التي يوليها المجتمع الدولي لتجمع دول الساحل والصحراء.
التعاون في ملف مكافحة الإرهاب
"مع تحول الإرهاب إلى خطرٍ عابر للحدود يصبح من الضرورة أن تُستحدث تكتلات لمواجهته"، هكذا عبر العميد خالد عكاشة، عضو المجلس الوطني لمكافحة الإرهاب، عن أهمية المركز والمهام الكثيرة التي تنتظر هذا الكيان الأفريقي الجديد.
وأكد عكاشة، في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، أن "القارة الأفريقية تسير في هذا الاتجاه بوضوح، خاصة بعد تأسيس المركز الإقليمي لمكافحة الإرهاب ومقره مصر، لتتضافر فيه جهود 27 دولة هي أعضاء تجمع الساحل والصحراء لمواجهة هذا الخطر، فضلًا عن التحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية الأخرى، وكل ما يهدد الأمن القومي لهذه الدول".
وأوضح أن التعامل مع الجماعات الإرهابية ككتلة واحدة سيكون فارقًا، وأن إنشاء المركز الإقليمي لمكافحة هذا الخطر كان ضروريًا، لا سيما أن الإرهاب يركز جهوده على الحدود الهشة بين الدول الـ27 التي يضمها تجمع الساحل والصحراء.
وأشار إلى أن ذلك ظهر بوضوح خلال أحداث السنوات القليلة السابقة، فأصبح التنقل بين دولة وأخرى من تكتيكات الإرهاب، وتتبادل التنظيمات الإرهابية المصالح عبر الحدود المشتركة، مضيفا أن جميع المعلومات المتوافرة لدى الأجهزة الاستخباراتية للدول تؤكد أن التنظيمات الإرهابية الفاعلة داخل الدول هي فروع لتنظيمات أكبر وأكثر خطرًا في الخارج كتنظيم القاعدة وداعش الإرهابي، ما يعني ضرورة اتخاذ خطوات أمنية وعسكرية أوسع.
وأوضح عكاشة أن مواجهة الإرهاب أصبحت تحتاج إلى مجابهة عسكرية في كثير من المواقع التي يشتعل فيها خطره، فضلًا عن التعاون الثلاثي، عسكريا وأمنيا واستخباراتيا، تشترك فيه الأجهزة المختصة في كل دولة من الدول الـ27، التي تمثل تجمع الساحل والصحراء بالقارة الأفريقية.
وأكد عضو المجلس الوطني لمكافحة الإرهاب في مصر، أن "المركز الإقليمي المُنشأ حديثا لمكافحة الإرهاب ومقره مصر، سيعتمد في خطته الأولى المعلنة حتى الآن على التبادل المعلوماتي، بحيث سيكون مقرًا لاستقبال المعلومات المتوافرة عن الإرهاب والمخاطر الأمنية في هذه الدول، ومركزًا لتحليل هذه المعلومات، وتحديث المهام".
وتابع: "ستكون هناك تدريبات عسكرية مشتركة بين وحدات مكافحة الإرهاب ومراقبة الحدود تضم النُخَب والوحدات الأمنية المتخصصة في مواجهة الإرهاب، ومنع الجريمة المنظمة بين الدول التي تتعدد أشكالها من اتجار بالبشر إلى تسلل، وكثير من الأشكال التي تصنع خطر الإرهاب، لرفع الكفاءة القتالية والعسكرية في هذا الجانب".
واستشهد عكاشة بالنموذج المصري، حيث أعلنت القوات المسلحة المصرية في بيانها الرابع والعشرين للعملية الشاملة بسيناء 2018، أنه خلال الأسابيع القليلة الماضية فقط تم القبض على 1099 متسللا، ولولا أن هذه المهمة على جدول أعمال القوات المسلحة المصرية وأجهزتها الاستخباراتية، لنجح هؤلاء في التسلل إلى داخل البلاد ونفذوا أهدافًا إرهابية.
وأشار أيضًا إلى أن "المركز الإقليمي لمكافحة الإرهاب لدول الساحل والصحراء سيتلقى مقترحات على مدار الوقت لتطوير العمل، بما يضمن أمن وسلامة هذه الدول من خطر الإرهاب والمخاطر الأمنية".
قوة عسكرية مشتركة ومناطق مشتعلة
"تطور منطقي".. كلمات أكد بها العميد عكاشة إمكانية تشكيل "قوة عسكرية مشتركة لدول الساحل والصحراء في إطار هذا المركز الذي تم استحداثه لمكافحة الإرهاب في القارة الأفريقية"، موضحا أنه "تطور منطقي لكن في المستقبل"، لأنه من غير المنطقي أن يخرج هذا الشكل الآن، بحسب قوله.
وأشار إلى أن المركز سيتوقف أمره، في الوقت الحالي، على تحقيق نتائج إيجابية، وفضلًا عن حرص الدول الـ27 على تعميق التعاون في مكافحة الإرهاب وإعطائه أبعادا أكثر قوة وتفصيلًا، لا سيما أن التنظيمات الإرهابية باتت راديكالية وعابرة للدول، فأصبحت تغير تبعيتها بشكل سريع جدًا، فالتنظيم الذي يتبع داعش اليوم ربما بعد أسابيع يعلن تبعيته للقاعدة وهكذا.
وأوضح عضو المجلس الوطني لمكافحة الإرهاب بمصر، أن "معظم دول تجمع الساحل والصحراء بها مناطق مشتعلة بهذه الأخطار، ففي شمال مالي، وجنوب الجزائر والنيجر والتشاد مليشيات تطلق على نفسها المعارضة التشادية وتنشط في جنوب ليبيا، ووصل بها الأمر لمهاجمة نقاط نفطية بليبيا في وقت سابق".
وأضاف أن المناطق الحدودية المشتركة بين الدول بشكل عام يتم استخدامها كممرات للتنقل والعبور من دولة إلى أخرى، بل من القارة إلى قارات أخرى مثل المهاجرين غير الشرعيين من منطقة القرن الأفريقي الذين يستخدمون هذه المعابر في الحدود للوصول إلى البحر الأبيض المتوسط.