حين يتصل الأمر باستهداف مصر بالذات، نكون إزاء واحدة من أخطر حلقات المخطط الإرهابي.
في دليلٍ جديد على وحشية التنظيم المدعو بـ«داعش»، ومَن على طرازه من تنظيمات الإرهاب، استهدف التنظيم نقطة تفتيش لقوات الأمن المصرية في العريش، ما نجم عنه استشهاد ثمانية من رجال الأمن.
حماية أمن مصر، كما أمن أي دولة عربية تواجه الجماعات التكفيرية والإرهابية، مسؤولية وواجب وطنيان، يتطلبان وضع استراتيجية شاملة؛ لمعالجة البيئة التي تفرخ الإرهاب وتنتجه، وتتضمن حزمة من التدابير والسياسات
وتتبدى هذه الوحشية لا في العملية الغادرة نفسها فحسب، شأن سواها من عمليات سابقة للتنظيم في سيناء نفسها أو حتى في العمق المصري، وإنما في التوقيت أيضاً، كأن هذا التنظيم الدموي يريد تحويل عيد الفطر السعيد إلى مناسبة حزينة، وهو ما دأبت عليه عناصره في مناسبات سابقة حين استهدفت، أكثر من مرة، الكنائس المكتظة بالمصلين، في مدن مصرية مختلفة، في الأعياد القبطية؛ حيث لا يقيم هؤلاء القتلة أي اعتبار لقدسية المناسبات والأماكن التي يختارونها لارتكاب جرائمهم ضد الأبرياء.
ليس خافيا على الأعين تمادي التنظيمات الإرهابية الممولة والمدعومة من الخارج، من دول وجهات تضمر لمصر ولأمنها كل الشر، في ارتكاب هذا النوع من العمليات، خاصة منذ أن أطاح المصريون في الثلاثين من يونيو/حزيران 2013 الحكم الإخواني؛ حيث أحبطوا مشروعاً سياسياً خطراً استثمرت فيه أموال وجهود كبيرة، كان يراد من خلاله توجيه المنطقة في وجهة تخدم أجندات ومصالح الدول الأجنبية والقوى الإقليمية، هي نفسها التي توفر اليوم الدعم الخفي والمستتر للإرهابيين في سيناء وفي غيرها من المناطق في بلدان عربية أخرى.
حين يتصل الأمر، باستهداف مصر بالذات، نكون إزاء واحدة من أخطر حلقات المخطط الإرهابي، الذي يدرك ممولوه ومخططوه ومنفذوه ما لمصر من أهمية ومكانة في كامل المنظومة السياسية والأمنية العربية، وكأن هؤلاء ينتقمون من مصر؛ لأنها بإفشالها لـ«أخونة الدولة» وجهت ضربة قاصمة لكامل المشروع المشبوه، الرامي إلى وضع مساحات جغرافية واسعة تشمل مصر نفسها وسوريا وليبيا وتونس وغيرها من الدول العربية تحت حكم «الإخوان» المسلمين وبرعاية أجنبية، لم تكن سرية، وإنما مكشوفة.
حماية أمن مصر، كما أمن أي دولة عربية تواجه الجماعات التكفيرية والإرهابية، مسؤولية وواجب وطنيان، يتطلبان وضع استراتيجية شاملة؛ لمعالجة البيئة التي تفرخ الإرهاب وتنتجه، وتتضمن حزمة من التدابير والسياسات سواء منها تلك الموجهة نحو تعزيز الوحدة الوطنية، أو إشاعة ثقافة التسامح وقبول الآخر، ومحاربة كافة أشكال الكراهية والانعزال، وتكريس قيم المواطنة التي تستوعب جميع أبناء الوطن بصرف النظر عن دينهم ومذهبهم وعرقهم، وإشراك القوى الحية في مجتمعاتنا من مؤسسات المجتمع المدني ومن القوى المؤمنة بمثل التنوير والتقدم في خطط التصدي للفكر الظلامي بكافة تنويعاته.
نقلاً عن "الخليج"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة