أين يتمركز تنظيم داعش في إقليم غرب أفريقيا؟
العديد من التساؤلات تثار حول هوية الفاعل الحقيقي للعمليات الإرهابية التي تستهدف مدنيين وعسكريين في النيجر ومالي وبوركينا فاسو.
المقال: Where Exactly is the Islamic State in West Africa؟
الكاتب: يعقوب زين
المصدر: موقع مجلس العلاقات الخارجية
تاريخ النشر :24 مايو/ أيار 2019
هجمات إرهابية عدة أعلن تنظيم "داعش في غرب أفريقيا" مسؤوليته عن وقوعها في عدد من الدول المشاطئة لبحيرة تشاد، خلال الأشهر القليلة الماضية، كان أبرزها الهجوم الذي وقع في 16 مايو/أيار المنصرم، وأسفر عن مقتل نحو 20 جندياً من قوات النيجر في منطقة تونجو القابعة على الحدود مع دولة مالي. وفي أبريل/نيسان الماضي، تبنى التنظيم هجوماً على إحدى المليشيات المسلحة بمالي. بيد أنه ليس من المؤكد حتى اللحظة الراهنة مسؤولية تنظيم "داعش في غرب أفريقيا"، والذي يتمركز بصورة رئيسية في نيجيريا، عن الهجمات التي تستهدف مدنيين وعسكريين في كل من النيجر ومالي، بالإضافة إلى بوركينا فاسو، على وجه التحديد، مما يفتح المجال واسعاً أمام كثير من التساؤلات حول الهوية الحقيقية للفاعل.
انشقاقات داخل صفوف تنظيم داعش في غرب أفريقيا
في الخامس عشر من مارس/آذار لعام 2015، أعلن أبوبكر شيكاو، زعيم جماعة بوكو حرام، ولاءه لتنظيم داعش ودولة "الخلافة". وكان هذا الإعلان إيذاناً بتحول الجماعة إلى أحد فروع داعش في إقليم غرب أفريقيا، ليتحول اسمها إلى "تنظيم داعش في غرب أفريقيا" امتثالاً لأوامر زعيم التنظيم "أبوبكر البغدادي". ويشير الكاتب إلى أن الفترة التالية لذلك الإعلان شهدت جماعة بوكو حرام انقساماً داخلياً إلى فصيلين. فالفصيل الأول وهو "تنظيم داعش في غرب أفريقيا" ويتزعمه "أبوعبدالله بن عمر البرناوي"، ولا يزال الفصيل يدين بالولاء لتنظيم الدولة الأم "تنظيم داعش في العراق والشام المعروف".
أما الفصيل الثاني وهو "بوكو حرام" يدين بالولاء لأبي بكر شيكاو، ويتكون من أتباعه الذين انشقوا عن التنظيم، إثر رفض التنظيم الأم استمرار "شيكاو" زعيماً لتنظيم داعش في غرب أفريقيا. وكلا الفصيلين قد كثفا هجماتهما على المناطق الواقعة شمالي شرق نيجيريا، والمناطق الحدودية لكل من تشاد، والكاميرون، والنيجر المشاطئة لبحيرة تشاد.
وفي معرض الحديث عن اختلاف الفصيلين عقائدياً وتكتيكياً، يشير المقال إلى أن ثمة فارقاً كبيراً بينهما؛ ففصيل "داعش في غرب أفريقيا" يركز هجماته على المواقع العسكرية بينما فصيل "بوكو حرام" يبدو أكثر تشدداً؛ إذ لا يفرق في هجماته بين أهداف مدنية أو عسكرية. وعلى هذا الأساس، يقدم فصيل "تنظيم داعش في غرب أفريقيا" نفسه باعتباره بديلاً مدنياً ومعتدلاً لفصيل "بوكو حرام".
من الفاعل الحقيقي؟
يرى الكاتب أن جميع المؤشرات والقرائن تشير إلى أن تنظيم "داعش في غرب أفريقيا" ليس هو الفاعل الحقيقي وراء الهجمات التي سلف ذكرها بل تنظيم آخر يُعرف بـ "داعش في الصحراء الكبرى"، ويتزعمه "عدنان أبووليد الصحراوي". وقد اضطلع هذا التنظيم بهجوم استهدف قوات أمريكية ونيجيرية في منطقة تونجو في عام 2017، وأسفر هذا الهجوم عن وقوع أربعة قتلى في صفوف قوات العمليات الخاصة الأمريكية، وهو الموقع ذاته الذي تعرض لهجوم في 16 مايو/أيار المنصرم، مما أدى إلى وقوع أكثر من 20 جندياً من قوات الأمن بالنيجر.
وتجدر الإشارة إلى أن "عدنان أبوالوليد الصحراوي" قد بايع داعش في مايو/أيار عام 2015 بالتزامن مع حالة الزخم التي حظي بها التنظيم، والمكاسب الميدانية التي استطاع تحقيقها في كلٍ من سوريا والعراق، مما دفع كثير من التنظيمات مثل تنظيم بوكو حرام، كما سبقت وأشرنا إلى مبايعة "البغدادي". وأفضت تلك البيعة إلى حدوث انشقاقات داخلية في صفوف تنظيم "المرابطين" الذي ينتمي له "الصحراوي". وقد ظلت تلك البيعة معلقة دون إبداء أي رد عليها من قِبل تنظيم "داعش".
بيد أنه في مارس/آذار الماضي، نشر إعلام داعش المركزي صورة لمقاتليه في تنظيم "داعش في الصحراء الكبرى"، لأول مرة منذ إعلان "الصحراوي" مبايعة داعش. وقد أظهرت الصورة، التي بدت متواضعة الجودة، مقاتلين 7 ملثمين يحملون كلاشينكوف وقذاف آر بي جي، ويرفع أحدهم علم داعش الأسود. وفي أول ظهور له منذ عام 2014، أشاد "البغدادي" بالزعيم "الصحراوي"، وهنأ "الإخوة في مالي وبوركينا فاسو على بيعتهم" كما ورد في مقطع الفيديو.
تقاسم مناطق النفوذ بين تنظيمي "داعش" في غرب أفريقيا والصحراء الكبرى
ينتهي الكاتب إلى القول إن علينا التفرقة جيداً بين التنظيمين ومناطق نفوذهما في إقليم غرب أفريقيا؛ فليس كل هجوم يقع في الإقليم ينسب إلى تنظيم "داعش في غرب أفريقيا" أو "بوكو حرام"، الفصيل المنشق بقيادة "شيكاو"، وتوصل المقال في خاتمته إلى استنتاج مفاده أن كل هجوم يقع في النيجر، أو مالي، أو بوركينا فاسو هو مسؤولية تنظيم "داعش في الصحراء الكبرى"، في حين أن أي هجمات تقع في محيط بحيرة تشاد، ستؤول مسؤوليتها إلى تنظيم "داعش في غرب أفريقيا"؛ فبحيرة تشاد هي المسرح العملياتي لهذا التنظيم. بيد أن هناك أمراً قد يعقِّد إمكانية معرفة مناطق النفوذ لكلا التنظيمين، وهي إعادة تموضع مقاتلي تنظيم "داعش في غرب أفريقيا" في شمالي غرب نيجيريا بالقرب من قوات تنظيم "داعش في الصحراء الكبرى"؛ وإذ ذاك فقط قد تتداخل المناطق الواقعة في مسرح عمليات التنظيمين بشكل يجعل من الصعوبة بمكان معرفة مناطق نفوذ كل تنظيم على حده.