نشاط مكثف لعناصر تنظيم داعش الإرهابي وخلاياه في أفريقيا ينذر بخطر داهم على بلدان القارة السمراء
بعد الأعمال الهمجية التي ارتكبها تنظيم داعش في سوريا والعراق يُدرك الإرهابيون أنهم لم يحسنوا صنعاً، فقد نتج عن أفعالهم رفض قاطع من طرف المجتمعات الإسلامية وحتى غير الإسلامية ضدهم في كل أنحاء العالم، لذلك يُدرك هؤلاء الإرهابيون أنه يتوجب عليهم تغيير طريقة نشاطهم، الطريقة الجديدة المقصودة هنا قد بدأ التنظيم اختبارها حالياً في المنطقة الحدودية بين نيجيريا والنيجر وتشاد.
كل ذلك يحتمل قراءة ثانية، وهي أن كل هذه المستجدات تطرأ لأن هناك مفكرين قرروا انتهاج هذه الاستراتيجية الجديدة، وقد أعطى داعش تعليماته بتوحيد ولاية داعش بغرب أفريقيا وتنظيم داعش في الصحراء الكبرى، وهكذا يتمكّن التنظيم من تغطية كل من مالي، بوركينا فاسو، النيجر، نيجيريا، الكاميرون وتشاد
وتعرف هذه المنطقة من نيجيريا بكثافة هجمات بوكو حرام، كما هي معروفة أيضاً بحادثة اختطاف فتيات شيبوك سنة 2014، ومنذ تأسيسها سنة 2002 مرَّت بوكو حرام بالعديد من المراحل تنوعت حسب الاختلافات الموجودة بين أمرائها، ولم تكن لزعيمها الحالي أبوبكر شيكاو أيّ رغبةٍ في التوسّع أبعد من بحيرة تشاد، ويتميز بهمجيته المُفرِطة ضد المسلمين وغير المسلمين، بل طالت حتى مقاتليه، وفي المقابل توجد جماعات نيجيرية أخرى مثل "أنصارو" (غير ناشطة حالياً) والتنظيم المنشق عن بوكو حرام وولاية داعش بغرب أفريقيا التي تسعى لأن تكون عالمية وتهدف لمقاتلة الحكومات وإداراتها.
وبغرض فهم السياق المحلي الذي توجد فيه مناطق اهتمام ولاية داعش بغرب أفريقيا يجب الإشارة إلى أنها أماكن تفتقر إلى مستويات المعيشة الأساسية، وبالكاد تصلها السلع، ينعدم فيها الأمن، السرقات معتادة كما لا توجد بها لا مدارس ولا قضاة ولا وسطاء والحياة فيها صعبة للغاية.
جماعة داعش أو ولاية داعش بغرب أفريقيا في هذه الحالة قد توظف التقصير الحكومي بشمال نيجيريا من أجل احتلال تلك المناطق بسلطة أبوية مع احترام السكان (ما داموا مسلمين)، موفرة أساسيات العيش بالتوسّط في النزاعات بين التجار والمزارعين ومُلّاك المواشي، بفرض تطبيق قانونه (الشريعة)، وبذلك يقضي على الإجرام، كل ذلك يكون مقابل ضرائب مخفّضة يقبل المواطنون دفعها بكل قناعة، فهي أقل بكثير مما كانوا يدفعونه للحكومة النيجيرية.
الصور التي تنشرها هذه الجماعة مؤخراً هي عنيفة، لكن ذلك العنف موجه حصراً ضد الجنود الحكوميين والثكنات العسكرية، لكن من جهة أخرى يعمدون إلى تصوير المنطقة التي يسيطرون عليها وكأنها المكان الأنسب للعيش، فيدعون سكان المناطق المجاورة للانتقال إليها للعيش، ولنفترض أنهم قد نجحوا في إبقاء المنطقة تحت سيطرتهم لعشر سنوات، حينها سيكون من الصعب تخيُّل أن السكان لن يصبحوا مؤيدين لهم، وحين ترغب الجهات الحكومية في التعامل مع إدارة المنطقة لا بد أن تتعامل مع ولاية داعش بغرب أفريقيا.
كل ذلك يحتمل قراءة ثانية، وهي أن كل هذه المستجدات تطرأ لأن هناك مفكرين قرروا انتهاج هذه الاستراتيجية الجديدة، وقد أعطى داعش تعليماته بتوحيد ولاية داعش بغرب أفريقيا وتنظيم داعش في الصحراء الكبرى، وهكذا يتمكن التنظيم من تغطية كل من مالي، بوركينا فاسو، النيجر، نيجيريا، الكاميرون وتشاد. وقد استطاعوا بذلك خلق مناطق عدم استقرار شاسعة والتي إذا واصلوا نشاطهم بها ضد الجيوش والشرطة والإدارات وليس ضد السكان فإننا سنجد أنفسنا حينها أمام تحوُّلٍ في طريقة عمل داعش، ومن دون شك هو سلاح بالغ الخطورة.. إنه إتقان العمل.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة