أمر محيّر لمن أراد أن يصل إلى تشخيص واقعي وموضوعي لتحديد مفهوم مصطلح الإرهاب وفهم دواعيه ورصد أسبابه بدقة
التسيير والتخيير من أكثر القضايا الشائكة عقدياً، ومما توصل إليه العلم الحديث أن الشخصية الإنسانية معقدة جداً، ونحن نؤمن أن الإنسان نفخة من روح الله، وأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، كما أنه يحمل جينات وراثية، ناهيك عن ظروف التنشئة والتعليم والتربية.
هناك سياقات يمكن فهمها وتفسيرها وهناك ما يصعب ويتعذر الإحاطة به حول هذا الموضوع الشائك، فيما يظل السؤال يطرح نفسه هل الإرهابي مسيّر أم مخيّر؟
أمر محيّر لمن أراد أن يصل إلى تشخيص واقعي وموضوعي لتحديد مفهوم مصطلح الإرهاب وفهم دواعيه ورصد أسبابه بدقة، وعلى حد علمي لم تنجح دول ومنظمات في الخروج بتصور جامع مانع له، ما يدل على أنه من العسير الجزم بتعريف ووضع تصور في ظل التعاطي مع منتج تتداخل فيه أزمات الخاص بالعام وتتقاطع الظروف النفسية والذهنية بالمعطيات الاجتماعية والاقتصادية، إضافة إلى كون الإرهاب مشتركاً غير أخلاقي يقع فيه أفراد وجماعات ومنظمات وأحيانا دول.
بالتأكيد الأديان ليست من أسباب الإرهاب؛ لأن الرسل عليهم السلام دعاة وهداة وليسوا جباة ولا غلاة، إلا أن القائم على تفسير النصوص وتوثيقها وتسويق فهمه المتطرف وعلله المتزمتة على حساب الوحي متوفر تاريخياً، ويمكن استدعاء نماذج لا حصر لها من الصور والمشاهد تمتد من رعيل أول إلى ثان وثالث.
التفسير العاطفي للدين يشبه النميمة التي يغذي بها جاهل الضغينة بداخلك، لتتحامل على شخص أو أشخاص وتحقد عليهم ثم تتبنى إلحاق الضرر بهم.
لم ننج كلياً من مغذيات التطرف وإن نجحت بعض الجهود في تحجيمه، إلا أني أرى أن تراجع البعض عن التزمت الديني تكتيكياً ومرحلياً، وليس اقتناعاً ببشاعته وانعتاقاً من براثنه بحكم أن التدين السلبي يمنح صاحبه زهواً ويشعره بمثاليته وأهليته لتغيير مجريات التاريخ عبر تحوير النص إلى سلطة متى عجز عن ممارستها انحشر داخل نفسه، وتحولت روحه لعبوة ناسفة لكل معاني الإنسانية وصلة الرحم والانتماء لقيم الخير والحب والجمال والوطن.
هناك سياقات يمكن فهمها وتفسيرها وهناك ما يصعب ويتعذر الإحاطة به حول هذا الموضوع الشائك، فيما يظل السؤال يطرح نفسه هل الإرهابي مسيّر أم مخيّر؟
نقلاً عن "عكاظ"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة