السيسي لم يبدأ حرباً، بل تركيا وقطر هما اللتان أطلقتا شرارتها قبل 8 أشهر.
من الواضح أنهم إذا داسوا على أقدامنا فسوف نشكو. لكن ماذا لو كرروا الدوّس عليها 6 مرات كما فعلت ولا تزال تفعل تركيا وقطر لمصر وقبرص وليبيا واليونان وسوريا وغيرها، من الطبيعي أن يكون الرّد أكثر حسماً من مجرد التنديد وإبداء الأسف.
يجب ألا ننسى أنهم يدوسون على أقدامنا، وينتظرون منا الرّد. كيف سيكون ذلك؟ هل سيكون بشرعنة هجوم تركيا على أي من هذه الدول؟.
لم يعد لا لأردوغان ولا للنظام القطري أي عذر سياسي أو تجاري أو ديني أو غيره لتسويقه من أجل مواصلة سرقة الموارد الليبية.
منذ نهاية 2019، تحاول تركيا ومن خلفها قطر في الظل، كما اعتادت فعل ذلك دائماً، إقامة خط أحمر شديد المرونة وقابل للتمدد والتقلص.
ويرى الأوروبيون كيف يتمدد ذلك الخط، كما تراه أيضاً معظم البلدان المغاربية، ولم تحرك الأطراف ساكناً، باستثناء مصر، التي حذّر رئيسها، عبد الفتاح السيسي، في خطابه في 20 يونيو/ حزيران الجاري، تركيا من أن التقدم بمقدار سنتيمتر واحد نحو سرت سيكون بمثابة إعلان حرب.
وحاولت قطر لسنوات عديدة استعمال جميع أنواع الحيل للتغلغل أو التأثير على دول النصف الشمالي من القارة الإفريقية، إما بطريقة مباشرة أو في الخفاء.
وقد وجدت الدوحة في أردوغان صديق السفر المثالي، ولكنهما يريان خططهما تفشل، ولعل ليبيا هي آخر الأوراق التي في أيديهما.
ومنذ أوائل العام الحالي، وجدت قطر وتركيا نفسيهما مضطرتان لإزالة القناع، وبالتالي انكشاف نواياهما في محاولة غزو ليبيا بشكل يائس ومفضوح، إنه خطأ فادح.
وفي هذا السياق، يأتي الرّد المصري، في انتظار تحرّك الاتحاد الأوروبي، والذي حتى وإن تأخر، كما عوّدنا على ذلك دائماً، ولكنه حتماً سيأتي.
ولم يترك أردوغان لبقية الأطراف أي خيار باستثناء الحرب، نعم الحل العسكري فقط.
ولم يعد لا لأردوغان ولا للنظام القطري أي عذر سياسي أو تجاري أو ديني أو غيره لتسويقه من أجل مواصلة سرقة الموارد الليبية واستخدام البلد كنقطة انطلاق للتوسع، لقد خلقوا وضعا أجبر الرئيس السيسي على إلقاء خطاب هو جزء من تحذيره الثاني لأردوغان.
وينبغي على تركيا وقطر إدراك أن كلام الرئيس المصري لا يُمثل مصر لوحدها، بل هو الموقف الرسمي لأكثر من عشر دول.
وبعد خطاب السيسي، يجب أن نتوقع ردود أفعال ساعية لتهدئة التوتر، وهو أمر طبيعي ومألوف في العلاقات الدولية، ولكن علينا أن نضع في الحسبان أيضاً أن كل تحركات أردوغان، على مدار السنة الأخيرة تقريباً، ليست طبيعية وهي أبعد ما تكون عن المألوف.
وفي نفس اليوم، أي 20 يونيو/ حزيران الجاري، نشرت وكالة الأنباء القطرية (قنا)، خبراً مفاده أن أردوغان اتصل بأمير قطر، لمناقشة ما ورد في خطاب الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي. ونتساءل هنا، هل توجد فائدة من نشر مثل هذا الخبر؟ إطلاقاً لا.
لقد كانت رسالة ضمنية إلى الخصوم لإيقاف أي هجوم ضدهما. لماذا؟ لأنه ينبغي على أمير قطر، وهو القائد الفعلي للجوقة في الصراع الليبي، تقييم عمل اللوبيات والتدخلات في شؤون الدول الأخرى ووسائل الإعلام التي يمتلكها، ووضع الحرب في ليبيا في ميزان الربح والخسارة.
وعلى أية حال، فهي حرب عبثية لا طائل من ورائها بدأتها تركيا قبل 8 أشهر، وتحاول الآن تحميل السيسي المسؤولية عنها، لكن علينا أن لا ننسى أنها سعت جاهدة – أي تركيا - لخلق الوضع الحالي الذي يناسبها لوحدها.
وفي ساعة متأخرة من يوم 23 يونيو/ حزيران الجاري، وصلت أنباء تفيد بوصول 150 من المرتزقة الذين أرسلتهم تركيا من سوريا إلى ليبيا.
وبعد اجتماع حكومة الوفاق الوطني مع المسؤولين الأمريكيين، نقترب شيئاً فشيئاً من الحقيقة التي لا مفر منها، وهي أن السيسي لم يبدأ حرباً، بل تركيا وقطر هما اللتان أطلقتا شرارتها قبل 8 أشهر.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة