الجيش السوداني يستعيد السلطة من باب "تصحيح الثورة".. ودعوات للعصيان
أعلن الجيش السوداني، اليوم الإثنين، السيطرة على السلطة في البلاد من خلال حلّ المؤسسات الانتقالية وإعلان حال الطوارئ وتشكيل حكومة جديدة، بينما ندّد مدنيون في السلطة بـ"انقلاب" وذلك بعد اعتقال مسؤولين حكوميين وسياسيين.
وقال الفريق أول عبد الفتاح البرهان الذي كان يرأس مجلس السيادة في كلمة نقلها التلفزيون السوداني إن الجيش "اتخذ الخطوات التي تحفظ أهداف ثورة ديسمبر 2018" التي أطاحت بنظام عمر البشير، متحدثا عن "تصحيح الثورة".
وأعلن "حالة الطوارىء العامة في كل البلاد، وحل مجلسي السيادة، والوزراء برئاسة عبدالله حمدوك".
ورغم إعلانه "تعليق العمل" بمواد عدة من "الوثيقة الدستورية" التي تم التوصل إليها بين العسكريين والمدنيين الذين قادوا الاحتجاجات ضد البشير في 2019، قال إنه متمسك بها، وبـ"إكمال التحوّل الديمقراطي إلى حين تسليم قيادة الدولة إلى حكومة مدنية".
كما أعلن أنه "سيتم تشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة" تدير شؤون البلاد إلى حين تسليم السلطة إلى "حكومة منتخبة".
محطات منذ عزل البشير
وأطاح الجيش في أبريل/ نيسان 2019 بنظام عمر البشير الذي حكم السودان لأكثر من ثلاثين عاما بقبضة من حديد، بعد انتفاضة شعبية عارمة استمرت شهورا.
وتسلّم الجيش بعدها السلطة. لكن الاحتجاجات الشعبية استمرت مطالبة بسلطة مدنية وتخللتها اضطرابات وفض اعتصام بالقوة سقط خلاله قتلى وجرحى.
في أغسطس/آب 2019، وقّع العسكريون والمدنيون (ائتلاف قوى الحرية والتغيير) الذين كانوا يقودون الحركة الاحتجاجية، اتفاقًا لتقاسم السلطة نصّ على فترة انتقالية من ثلاث سنوات تم تمديدها لاحقا.
وبموجب الاتفاق، تم تشكيل سلطة تنفيذية من الطرفين (مجلس سيادة يرأسه عسكري، وحكومة يرأسها مدني)، على أن يتم تسليم الحكم لسلطة مدنية إثر انتخابات حرة في نهاية المرحلة الانتقالية.
وحصلت محاولة انقلاب في سبتمبر/أيلول تم إحباطها، لكن قال المسؤولون على إثرها إن هناك أزمة كبيرة على مستوى السلطة.
وبرزت إثر ذلك إلى العلن الانقسامات داخل السلطة، لا سيما بين عسكريين ومدنيين.
اعتقالات
وأعلنت وزارة الإعلام الاثنين أن "قوة من الجيش اعتقلت رئيس الوزراء عبدالله حمدوك ونقلته إلى مكان مجهول، بعد رفضه تأييد الانقلاب"، على حد وصفها.
وذكرت أن "قوى عسكرية" اعتقلت "أغلب أعضاء مجلس الوزراء والمدنيين من أعضاء مجلس السيادة".
وقال مكتب حمدوك إن الأخير "اختطف مع زوجته".
وأضاف في بيان "ما حدث يمثل تمزيقاً للوثيقة الدستورية وانقلاباً مكتملاً على مكتسبات الثورة التي مهرها شعبنا بالدماء بحثاً عن الحرية والسلام والعدالة".
وحمّل "القيادات العسكرية في الدولة السودانية المسؤولية الكاملة عن حياة وسلامة رئيس الوزراء حمدوك وأسرته".
"استعادة الثورة"
ودعا البيان "الشعب السوداني للخروج والتظاهر واستخدام كل الوسائل السلمية (...) لاستعادة ثورته".
في هذا الوقت، انقطعت شبكة الإنترنت عن البلاد، وتوجد صعوبة بالغة في إجراء مكالمات هاتفية.
وأعلنت وزارة الإعلام أن "قوات عسكرية مشتركة اقتحمت مقر الإذاعة والتلفزيون في أم درمان"، المدينة التوأم للخرطوم، و"احتجزت عددا من العاملين".
ووصف تجمّع المهنيين السودانيين، أحد المحركين الأساسيين للانتفاضة التي أسقطت عمر البشير عام 2019، الاعتقالات بـ"الانقلاب".
وفي بيان نشره على حسابه على "تويتر"، دعا التجمع إلى "المقاومة الشرسة للانقلاب العسكري الغاشم".
وقال: "لن يحكمنا العسكر والمليشيات. الثورة ثورة شعب.. السلطة والثروة كلها للشعب".
كذلك دعت نقابة الأطباء ونقابة المصارف إلى العصيان المدني.
وقطع متظاهرون في بعض أنحاء الخرطوم طرقا وأحرقوا إطارات احتجاجا، بينما قطع الجيش جسورا تربط الخرطوم بالمناطق المجاورة.
ردود فعل عربية ودولية
وقال ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في السودان فولكر بيرتس إنه "قلق جداً بشأن التقارير حول انقلاب جارٍ ومحاولات لتقويض عملية الانتقال السياسي في السودان".
واعتبر أن "الاعتقالات التي طالت بحسب ما أفيد رئيس الوزراء والمسؤولين الحكوميين والسياسيين غير مقبولة"، داعيا الى "الإفراج الفوري" عنهم. كما "حث جميع الأطراف على العودة فوراً إلى الحوار والمشاركة بحسن نية لاستعادة النظام الدستوري".
وقال مبعوث واشنطن الخاص للقرن الأفريقي جيفري فيلتمان في بيان على تويتر، "تشعر الولايات المتحدة بقلق بالغ حيال التقارير عن سيطرة الجيش على الحكومة الانتقالية"، مشيرا إلى أن ذلك "يتعارض مع الإعلان الدستوري (الذي يحدد إطار العملية الانتقالية) وتطلعات الشعب السوداني للديمقراطية".
ودعا وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل المجتمع الدولي الى "إعادة العملية الانتقالية الى مسارها"، بينما حضت جامعة الدول العربية على "الحوار"، داعية الى الالتزام بالعملية الانتقالية.
وندّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "بأكبر قدر من الحزم بمحاولة الانقلاب في السودان"، ودعا إلى "احترام مكانة رئيس الوزراء والقادة المدنيين".
وأدانت ألمانيا محاولة الانقلاب التي يشهدها السودان، داعية إلى "وقفها فورا"، بينما دعا الاتحاد الإفريقي لمحادثات "فورية" بين العسكريين والمدنيين.
وبدورها، دعت إثيوبيا لاستكمال انتقال السودان إلى الديمقراطية واحترام الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية.
وحثت إثيوبيا في بيان أصدرته مساء الإثنين، جميع الأطراف في السودان على الهدوء ووقف التصعيد وبذل كل جهد ممكن من أجل إنهاء الأزمة سلميا.
وقالت أديس أبابا، نحن نتابع عن كثب التطورات في السودان وينبع ذلك من الروابط الأخوية القوية التي التي تربط شعبي البلدين، ونؤكد ضرورة احترام التطلعات السيادية لشعب السودان وعدم تدخل الجهات الخارجية في الشؤون الداخلية.
الوثيقة الدستورية
وتابعت، سنواصل دعمنا للسودان حكومة وشعبا والوقوف بحزم مع التطلعات الديمقراطية لشعب السودان.
من جانبه، أعرب السكرتير التنفيذي للهيئه الحكومية لتنمية شرق أفريقيا "إيجاد" ورقنه جبيو عن قلقه من التطورات السياسية الحالية في السودان وقال إنه يتابع الوضع عن كثب.
وأكد جبيو على استعداد المنظمة لدعم الحكومة الانتقالية في السودان والشعب السوداني لتوطيد السلام والمكاسب الديمقراطية.
وأعرب رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي، عن قلقه العميق إزاء تطورات الأوضاع في السودان، مشيرا إلى أنه يتابع بقلق تطورات الأوضاع.
ودعا لإطلاق سراح جميع القادة السياياسين في السودان والاستئناف الفوري للمشاورات بين المدنيين والعسكريين في إطار الإعلان السياسي والوثيقة الدستورية.
وأكد على أن الحوار والتوافق هو السبيل الوحيد المناسب لإنقاذ البلاد وانتقالها الديمقراطي
ومن القاهرة، دعت مصر الأطراف السودانية كافة إلى التحلي بالمسؤولية وضبط النفس لتغليب المصلحة العليا للوطن
السعودية أيضا أكدت من جانبها على استمرار وقوفها إلى جانب الشعب السوداني ودعمها لكل ما يحقق الأمن والاستقرار له، ودعت إلى ضبط النفس.
aXA6IDMuMTM4LjM2LjE2OCA= جزيرة ام اند امز