من الأقوال المأثورة للرئيس الأمريكي الراحل إبراهام لنكولن: "تستطيع أن تخدع كل الناس بعض الوقت، وبعض الناس كل الوقت، لكنك لن تستطيع خداع كل الناس كل الوقت".
من الأقوال المأثورة للرئيس الأمريكي الراحل إبراهام لنكولن:
"تستطيع أن تخدع كل الناس بعض الوقت، وبعض الناس كل الوقت، لكنك لن تستطيع خداع كل الناس كل الوقت".
حقيقةً كان يفترض في القيادة القطرية أن تعيها تمام الوعي قبل أن تُصعِّد إجراءاتها العدوانية تجاه جيرانها من الدول الخليجية، التي احتضنتها زمنًا تحت مظلة مجلس التعاون الخليجي متغاضية عن كل مؤامراتها، وما كانت تبثه من سموم عبر قناتها وماكينتها الإعلامية "قناة الجزيرة"، وسياساتها التي عملت على تبنّي الوقيعة بين شعوب المنطقة، وتبنّي كل ما من شأنه الإساءة إلى المملكة العربية السعودية والدول الخليجية، والرموز الحاكمة فيها مخالفة كل القيم التي تربّى عليها أبناء الخليج.
بلغ السيل الزبى، وتجاوزت القيادة القطرية في تصرفاتها وممارساتها كل الخطوط الحمراء، ولم يعد بالإمكان التعامل معها بسياسة التغاضي والتسامح السابقة، وكان لا بد من تصرف يضع الأمور في نصابها الصحيح
فمنذ انطلاق قناة الجزيرة القطرية في منتصف التسعينيات ركزت القناة على إنشاء لوبي إعلامي تعوِّض فيه بعضًا من ضآلة الحجم الدولي لدولة قطر، والذي لا يتناسب مع جموح قيادة قطر وتطلعاتها لممارسة دور عربي وخليجي، بل دولي يمكن أن يجعل منها دولة فاعلة في القضايا الخليجية والعربية والعالمية، وكان من أهم تطلعاتها أن تواجه القوة الجغرافية والاقتصادية والدينية للسعودية.
وأوهمت قناة الجزيرة الشعب العربي في البداية بأنها تتبنى قضاياه -ولا سيما القضية الفلسطينية- ما أكسبها الثقة والمصداقية، ولكن كما يُقال: "كانت كلمات حق أريد بها باطل" حيث عملت قناة الجزيرة مدفوعة بالذراع الخفية للحكومة القطرية، التي تحركها على استغلال تلك الثقة لتنفذ خططها المُمنهجة في نشر الفوضى، ودعم الإرهاب في المناطق الساخنة في الدول العربية والخليجية والعالم، فجعلت من قطر مركزًا لكل من لفظتهم بلداننا الخليجية، والمطلوبين أمنيًا، وجعلتهم نواة ومرتكزات وماكينات تفريخ للخلايا التخريبية والإرهابية، التي تساعد القيادة القطرية في ممارسة أدوارها الآثمة في تقويض كل جهد خليجي وعربي مخلص. لتؤكد ذاتها انطلاقًا من عقدة الدّونية التي يعاني منها أفراد أسرتها الحاكمة.
إن الوفاء والالتزام بطاعة ولي الأمر من المبادئ والقيم السامية التي تربى عليها أبناء الخليج عمومًا، وهذا لا يعني بالطبع أن تستغل القيادة القطرية ثقة أبناء شعبها فيها لتمارس عملية التضليل بهم، وزجها لقطر في مأزق ونزاعات عربية ودولية أكبر من طاقتها لتُرضي عقدها الدونية وطموحها الجائر لأخذ حيز أكبر من حجمها بكثير على الخريطة الجغرافية والسياسية العالمية.
وقد يكون بوسع قيادة وحكومة قطر أن تنجح في تضليل أبناء شعبها لبعض الوقت، أو تضليل بعض أبناء شعبها طول الوقت، ولكن ليس بوسعها أن تضلل كل أبناء شعبها كل الوقت، وخير تأكيد على ذلك ما لجأت إليه القيادة القطرية من تدابير وقائية واحترازية، من الارتماء في أحضان الدول المارقة مثل تركيا وإيران لتضمن الحماية لنفسها من أبناء شعبها بالدرجة الأولى، وليس للحماية من أشقائها في دول الخليج.
ولطالما راهنت القيادة القطرية على سعة صدر أشقائها في دول الخليج العربي، ورغبتهم في الغض عن أخطائها وتجاوزاتها المستمرة، وممارساتها العدائية، وعملها الدؤوب على فك عُرى اللحمة الخليجية، وزعزعة أمن واستقرار دول المنطقة لا ضعفًا من هذه الدول إنما خوفًا من شق وحدة الصف، وحلول الخلاف بدل الوفاق. ولكن بلغ السيل الزبى، وتجاوزت القيادة القطرية في تصرفاتها وممارساتها كل الخطوط الحمراء، ولم يعد بالإمكان التعامل معها بسياسة التغاضي والتسامح السابقة، وكان لا بد من تصرف يضع الأمور في نصابها الصحيح ولا بد من كشف الوجه السافر والمتآمر الذي تعمل حكومة قطر بموجبه على استغلال كل ما يبديه أشقاؤها في دول المجلس من تسامح وحسن نوايا لتسديد الطعنات الغادرة في ظهورهم.
وأفاق الشعب القطري الشقيق ـ والذي سيبقى شقيقًا رغم كل ما تمارسه حكومته من عداءٍ وتصعيدٍ في المواقف - استفاق ليجد نفسه في عزلةٍ خليجيةٍ وعربية، بل وعالمية، وأن كل ما كانت تمارسه قيادته كان تضليلًا إعلاميًا لم يعد بوسعه أن يعمي عين الحقيقة، وأن كل ما تمارسه الماكينة الإعلامية القطرية من الإيهام بتلاحم الشعب مع قيادته بات وهمًا. وخير دليلٍ على ذلك لو أن تلك القيادة بالحماية التركية، وارتمائها في أحضان الدول المارقة كإيران لتحميها من شعبها بدعوى الدفاع عن قطر من أشقائها، رغم أن دول المجلس لم تبدِ أيَّة نوايا عدوانية عسكرية تجاه الشعب القطري الذي تعتبره جزءًا من نسيجها الاجتماعي الخليجي كونه غير مسؤول عما ترتكبه قيادته من حماقات وترويج للفكر الداعشي والقاعدي، ودعم الإرهاب والجماعات المرتبطة بالحوثيين، والإخوان المسلمين.
لقد نذرت حكومة قطر نفسها للشيطان، وأصرَّت على البغي وأن تبقى ضد التيار الخليجي الذي جمع أبناء ودول المنطقة تحت مظلة مجلس التعاون الخليجي، على أمل أن تسود بتمردها وتآمرها، وأن يحسب لها ألف حساب في سياسات المنطقة، لكنها لم تعلم أن لصبر الدول الشقيقة حدودا.
وآخر القول في الختام نقول لقطر: "اتقِ شرَّ الحليمِ إذا غَضِب".
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة