يوضح هذا المنعطف الخطير الوجه الحقيقي للنظام التركي بقيادة أردوغان والذي لا يحترم القوانين والأنظمة المتعارف عليها عالميا.
استغلت تركيا الأزمة في ليبيا لتقوم بتوقيع مذكرة التفاهم لترسيم الحدود البحرية مع حكومة السراج، مما أثار موجة استنكار واحتجاج وغضب الدول المجاورة في البحر المتوسط على رأسها اليونان ومصر وقبرص وإسرائيل، ومما زاد الطين بلة، ضمت الاتفاقية مناطق ضمن الحدود البحرية اليونانية، خاصة جزيرة كريت وأيضا أجزاء من المياه الإقليمية لقبرصية.
وفي تلك الأثناء وقعت مصر اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع اليونان، ماسبب غضب الجانب التركي، نظرا لأن هذه الاتفاقية سوف تلغي مفعول اتفاق أردوغان والسراج حول ترسيم الحدود البحرية، ثم يقرر النظام التركي إرسال سفن تنقيب عن الغاز في شرق المتوسط متحدياً بذلك كل دول العالم وقوانينه.
يوضح هذا المنعطف الخطير الوجه الحقيقي للنظام التركي بقيادة أردوغان والذي لا يحترم القوانين والأنظمة المتعارف عليها عالميا، ولو رجعنا لجذور الخلافات التركية اليونانية، نجدها خلافات عميقة تمتد لقرنين وأكثر، وكان أوجها الخلاف الذي أدى إلى التصادم العسكري عام 1974 ، حينما وقع انقلاب في قبرص وتدخل الجيش التركي عسكرياً دون وجه حق وسيطر على ثلث الجزيرة قبل أن تستجيب للضغوط الأوروبية وتوقف إطلاق النار. وكان من مبررات التدخل العسكري التركي في جزيرة قبرص الدفاع عن حقوق السكان القبارصة الأتراك.
واليوم نستذكر نفس هذه المبررات التي أطلقها أردوغان لتبرير تدخله عسكرياً شمال سوريا، حيث كان أحدها حماية حقوق التركمان أو ذوي الأصول التركية من سكان تلك المنطقة، ونفس الأمر تكرر مجددا في ليبيا إذ أرسل أردوغان المقاتلين المرتزقة إليها، وكان المبرر حماية جزء من شعب ليبيا من الأصول التركية.
قد يتبادر إلى أذهاننا سؤال حول سبب إصرار أردوغان على تحدي القوانين والأنظمة الدولية شرق المتوسط؟
وللإجابة على هذا السؤال، أولا: فإن أردوغان يعتقد بذلك أنه يعزز شعبيته التي تعيش أسوأ فتراتها، وبالوقت نفسه يحاول جذب دعم شركاء الائتلاف القومي المتطرف، خاصة مع ضعف أداء حزب أردوغان خلال الانتخابات المحلية التي حدثت سابقاً بما في ذلك الخسارة التي لحقت بحزبه في إسطنبول.
ثانيا: حجم التقديرات لاحتياطيات الغاز كبيرة جدا في شرق المتوسط لذلك يرغب أردوغان عبر ممارسة سلوكه العدواني أن يكون جزءا من الاتفاق الذي تم بين كل من مصر واليونان وقبرص وإسرائيل.
ثالثا: لتغطية فشله بقيادة الاقتصاد التركي الذي يعيش أسوأ فتراته. وهنا مربط الفرس، ومع ذلك لن ينجح النظام التركي في مخططه عبر تحديه المجتمع الدولي بخرق القوانين الدولية، وأوروبا كلها ستقف مع اليونان وقبرص وربما سنسمع عن عقوبات أوروبية بشكل جماعي ضد تركيا، وهذا إن حدث سوف تكون له تداعياته السلبية على الاقتصاد التركي والليرة التي قد تهبط مقابل الدولار بشكل أكبر.
طبول الحرب تدق في شرق المتوسط، وحال اندلعت سوف تكون نهاية نظام أردوغان والذي جعل من تركيا مصنعا للخلافات مع دول العالم.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة