مقياس الحكم الرشيد منذ بدء معرفة البشر بأنظمة الحكم المتعددة هو -ببساطة- ودون تعقيد أو فلسفة أو تنظير هو "مدى رضاء المحكوم عن الحاكم".
"مستوى الرضا" هو أدق مقياس لاستمرار أي حاكم وأي نظام في إدارة شؤون البلاد والعباد.
في الولايات المتحدة يتم استخدام نظام استطلاعات الرأي العملية عن عينات مختلفة معبرة عن كافة قطاعات المجتمع، ليستدل بها على مدى رضاء المواطنين على أداء الحاكم والحكومة لوظائفهم التنفيذية.
في الولايات المتحدة هناك مؤشر الرضاء عند الرئيس في أول مائة يوم في الحكم، وهناك المؤشر الشهري، وهناك استطلاعات الرأي التي تسبق انتخابات الرئاسة وبين المتنافسين على مقعد الرئاسة ومقاعد مجلسي الشيوخ والنواب وحكام الولايات ومنصب عمدة المدينة.
الحكم مع استمرار الرضا عن الحاكم هو مقياس ومؤشر النجاح، أما مسألة الحكم والإكراه فهي مسألة تنتهي في معظم الأحيان بثورة أو انقلاب أو فوضى أو تقسيم للبلاد والعباد.
الحكم بالإكراه، أي حكم قوة الاستبداد محكوم عليه مهما طال الزمان أو قصر بالفشل وبالنهايات التراجيدية.
تأملوا ماذا قال التاريخ عن قيصر روما وهولاكو والحجاج بن يوسف وصدّام حسين ومعمر القذافي وعلي عبدالله صالح وأوغستو بينوشيه وأدولف هتلر وبينيتو موسوليني وعيدي أمين وبابادوك!
الآن تأملوا جيداً وراقبوا مستقبل حكام إيران واليمن وفنزويلا وكوريا الشمالية.
في الوقت ذاته، هناك أنظمة أدركت أنّ حكم "اليد الثقيلة" القابضة على نفَس الحكم وأفواه الناس وتعابيرهم وأفكارهم، هذه الأنظمة على مفترق طرق تاريخي، إما أن تبدأ خطوات الإصلاح الرشيد.. وإما أن تستمر في طريق القبض على مصائر البلاد والعباد.
من يدرك أهمية الإصلاح الآن وليس غداً نجا واستمر، ومن أصر على الاستمرار في الحكم بالحديد والنار، فهو هالك لا محالة.
من يقرأ التاريخ ويفهمه جيداً سوف يعرف مصير الاستبداد والمستبدين.
نقلا عن صحيفة الشرق
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة