بيت العود العربي.. أنامل الأطفال تعزف ألحان الشجن، على نشر الثقافة والوعي بآلة العود والآلات الموسيقية العربية وتطوير مهاراتهم.
الإبداع لا حدود له ولا يعترف بعمر أو ظروف معينة، فالموهبة فطرة ومنحة توهب للإنسان منذ مجيئه للحياة، ويكون دورنا هو استكشاف هذه المواهب الدفينة في أنفسنا والعمل على تطويرها، وتعد الموسيقى في مقدمة هذه المواهب حيث تعتبر لغة الجمال المشتركة بين الناس، وتنمية هذه الموهبة في الطفل منذ الصغر تجعله متفرداً وليس كأي طفل آخر حيث يستكشف العالم من حوله بلغة الفن والإبداع.
ولا تقتصر الموسيقى على كونها موهبة فقط، فقد أثبتت الدراسات أنها أيضا وسيلة لتنمية مهارات الطفل الإدراكية والمعرفية وتطوير شخصيته وتعامله في المواقف الاجتماعية المختلفة.
ومن هذا المنطلق يعمل بيت العود العربي الذي هو ضمن مشروعات دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي على نشر الثقافة والوعي بآلة العود والآلات الموسيقية العربية، وتدريس تقنيات هذه الآلات لتطوير مهارات الأنامل المبدعة في الموسيقى الشرقية، إلى جانب تعميق جذور الثقافة العربية في نفوس الأطفال لتنشئة جيل من الموسيقيين المحترفين والحفاظ على تراث الموسيقى العربية.
يقول الطفل شريف جلال وعمره 11 عاما: "وجدت نفسي في العود وأتعلمه هنا في بيت العود على مدار عام ونصف، وتدربت على معزوفات وأغانٍ عربية متنوعة للفنانة فيروز وأم كلثوم، واخترت العود لأنه لفت انتباهي في إحدى الحفلات الموسيقية في التليفزيون فقررت أن أتعلمه، وقد شجعني والدي كثيراً على التدريب وممارسة هذه الهواية.
يضيف: "أحب مقطوعة لي هي أغنية سألوني الناس للفنانة فيروز، وعندي حلم أن أصبح فنانا كبيرا في المستقبل في بيت العود وكل الناس يعرفوني".
بينما يقول الطفل يوسف عبد الوهاب إنه يتعلم العود في بيت العود منذ عامين ونصف، وقد أعجبه العود تحديداً لعذوبة صوته، وفي البداية وجدت صعوبة في تعلمه خاصة في التعامل مع الوتريات للوصول للإيقاع السليم ولكن مع التدريب تغير الأمر.
أما الطفلة ورد إياد ذات العشر سنوات والتي تتدرب على آلة القانون في بيت العود منذ 3 سنوات، تقول "لفتت هذه الآلة انتباهي في البداية فقررت أن أحاول تعلمها، وأتمنى أن أصبح طبيبة في المستقبل دون أن أغفل عن التدريب على عزف القانون الذي أحبه كثيرا وأن أصبح عازفة قانون شهيرة لها حفلات ضخمة".
الموهبة طريق التفوق الدراسي
ويقول جلال والد الطفل شريف إن لديه 3 أبناء يدرسون في بيت العود على آلات مختلفة، حيث كانت البداية مع ابنته الكبرى التي اكتشف أن لديها ميولا موسيقية فقرر تنمية موهبتها بالتدريب بشكل متخصص وكانت البداية مع آلة الأورج ثم التشيللو، ثم جاء شريف الذي لاحظ اهتمامه الشديد بالعود فقرر إلحاقه ببيت العود ليتدرب عليه بشكل احترافي.
ويضيف والد شريف: "في هذا العصر الرقمي ووسائل التواصل الاجتماعي والذي يؤثر على هذا الجيل بشكل كبير، وجدت أنه علينا نحن الآباء أن نسكتشف مواهب الأطفال وننميها، وقد لمست تأثيرا إيجابيا كبيرا على شريف ابني مع تعلمه للعود حيث أجده يعيش إحساسا قويا ويتأثر بما يقوم بعزفه، بل وينعكس ذلك على تفوقه ويكون دافع له للتميز والتفوق في الدراسة".
منهج بيت العود لتعليم تقنيات العزف
وعن نظام التعليم في بيت العود العربي يقول محمد سعيد أستاذ عود في بيت العود العربي بأبوظبي: "نعمل على تعليم الموسيقى داخل عدة أقسام من بينها العود والقانون والغناء والتشيللو والربابة والموشحات، ونعتمد على منهج علمي نظري وعملي مُقسم على عدة مراحل يتم فيها تأهيل الدارسين على عزف المقطوعات العربية الأصيلة والتعرف كذلك على مدارس العود الموجودة في العالم".
ولفت سعيد إلى أن هناك شروطا لقبول الدارسين في بيت العود العربي لها علاقة بالعمر حيث يتم قبول من هم بين عمر 7 سنوات وحتى 40 سنة، مشيرا إلى أنه إذا توافرت الموهبة لدى من هم دون هذا العمر يتم قبوله، خاصة أن المتقدمين يتم اختبارهم لتحديد إمكانيات المتعلم للتعرف على الحس الإيقاعي لديهم.
الآلات الشرقية دليل على تفرد الطفل
أشار جرير الكندي المشرف في بيت العود إلى أن الأطفال الذين يرغبون في تعلم الآلات الشرقية يكونون نادرين ويتمتعون بالتفرد والتميز، مؤكداً أن تشجيع الأهل يكون له التأثير الأكبر في استكشاف مواهبهم والعمل على تنميتها.
وأضاف أن بيت العود العربي يقدم ما يقرب من 14 حفلا خلال العام الواحد ما بين حفلات تخرج وحفلات عود وقانون وغيرها، لافتا إلى أن بيت العود لا يهتم فقط بالموسيقى ولكن بالحفاظ على الهوية العربية ونشر الثقافة العربية بدءاً بالموسيقى والغناء ووصولاً إلى ورش تصنيع العود والأنشطة الثقافية المتنوعة التي تقدم للكبار والصغار، لتحقيق رؤية بيت العود في تأسيس جيل من الموسيقيين الموهوبين.