"قطار الشرق السريع".. رحلات شتوية مثيرة في تركيا
تستقبل زخارف زاهية ومفارش مائدة بيضاء وزجاجات جذابة الركاب لحظة صعودهم على متن "َإيسترن إكسبرس"أكثر القطارات استقطابا للرواد في تركيا، للغوص في أجوائه الساحرة والاستماع بمنظر الهضاب المكسوة بالثلوج في الأناضول ومنطقة الفرات.
ويُقدم القطار المعروف محلياً باسم Turistik Dogu Ekspresi، إحدى أكثر التجارب الجديدة الرائجة في البلاد.
تشق العربات التسع طريقها حول المسارات الجبلية في رحلة تستغرق 32 ساعة وتمتد على 1300 كيلومتر من العاصمة أنقرة إلى مدينة قارص التاريخية قرب حدود تركيا الوعرة مع أرمينيا وجورجيا.
وكانت الخدمة عُلقت بعد أقل من عام من البدء بسبب جائحة كوفيد-19، لكنها عادت مع تخفيف القيود.
كما أن التذاكر تباع في غضون دقائق من طرحها رغم سعرها الباهظ نسبيا.
وقال مدير الهيئة التركية للسكك الحديد حسن بيزوك، لوكالة فرانس برس، إن "المدوّنين المتخصصين في السفر يصنفون خط أنقرة-قارص من بين أجمل أربعة خطوط قطارات في العالم".
وتقول زولان نور كوموركو، (26 سنة) التي تحتفل بعيد ميلادها على متن القطار "إنها حقاُ لحظة خاصة جداُ لي ولعائلتي".
وتوضح الشابة السمراء باسمة، "هذه هديتي (في عيد ميلادي)"، بعدما زينت مقصورتها بأضواء أرجوانية، وعلقت إكليلاّ من الفرو على الباب ووضعت البسكويت وإبريق الشاي الخزفي على مفرش طاولة مطرز.
ثلاثة أشهر من الثلج
يعمل القطار مرتين في الأسبوع من 30 ديسمبر/كانون الأول إلى 31 مارس/آذار لتحقيق أقصى استفادة من المناظر الطبيعية للجبال المغطاة بالثلوج.
ويسلك طريقا هو نسخة مصغرة من تلك الخاصة بالقطار الروسي العابر لسيبيريا، وفق المهندس فاتح يالتشين.
ويقول وهو يعمل وقد أدخل رأسه في حجرة للإمدادات الكهربائية "هناك دائما شيء ما يجب إصلاحه".
ويوضح يالتشين، "الأسبوع الماضي كانت درجة الحرارة 24 درجة مئوية تحت الصفر... كان الماء متجمداً"، مشيرا إلى أن الحرارة تتدنى أحيانا إلى 40 درجة تحت الصفر.
ويضيف "أتدخل عند اللزوم من دون إزعاج الركاب. رؤيتهم سعداء هي متعة حقيقية بالنسبة لي".
على عربة الطعام، يمكن للركاب أن يتناولوا أطعمة طوال الليل تحت كرة شبيهة بتلك الموجودة في الملاهي الليلية.
وفي هذا المكان تلتقي إيلهمور إيرماك، وصديقاتها المتقاعدات لتناول الشاي مع غروب الشمس وألوانه المتوهجة.
وتنحدر النساء الأربعون من مدينة بورصة المطلة على بحر مرمرة غرب البلاد.
وتقول إيرماك، "نحن في إجازة من أزواجنا وآبائنا" مثيرة ضحكات جميع من حولها.
يسيّر قطار آخر رحلات على طول الطريق عينه تمتد 20 ساعة من دون توقف، ما يتيح التمتع بالمناظر عينها لكن برحلة أقصر وأجواء أقل احتفالية.
غير أنّ هذا القطار صُمم من أجل المتعة المطلقة للسفر عبر محافظات مذهلة لكن يصعب الوصول إليها مثل قيصري وسيواس وأرزنغان وأرضروم، إضافة إلى الاحتفالات الصاخبة طوال الليل.
حنين للماضي
حرص المحامي يوروك جيريس، وصديقاه على الاحتفاظ بكميات كافية من الطعام حتى نهاية الرحلة. وقد أحضر الرجل المولع بالحفلات إكليلاً من الضوء الأبيض، ورجل ثلج من الجبس، وشموعا ومكبر صوت محمولا.
ويقول جيريس، البالغ 38 عاما "كان هذا حلما قديما"، فيما انتشر على طاولته ما لذ وطاب من المأكولات والمشروبات.
ويضيف "كان علينا أن نجعل من الرحلة تجربة ممتعة. وقد أعددنا لها كثيرا".
مع حلول ساعات الليل، يبدأ الناس بالاجتماع في الممر لمشاركة الموسيقى والرقص. من بين هؤلاء ثنائيان متزوجان في الخمسينيات من العمر، "أصدقاء منذ المدرسة الثانوية"، أتوا من أجل "قضاء وقت ممتع معاً".
ومن بين هؤلاء الأزواج، يقر أحمد قاووش، بأنه شعر "بالحنين" لرحلات القطار التي أجراها في ريعان شبابه.
ويقول "نقوم مجددا بالرحلات التي أجريناها خلال الطفولة مع أجدادنا".
ويستقطب القطار أطيافا متنوعة من المجتمع التركي، مع أناس من مختلف الأعمار والأنماط، من المحافظين إلى الأكثر تحررا.
في أرضروم، المحطة الأخيرة قبل قارص على علو 1945 مترا، يؤدي ركاب كثر رقصة تقليدية على المنصة المجمدة، على وقع نغمات راديو بائع الشاي.
ويظهر مقياس الحرارة على المحطة 11 درجة مئوية تحت الصفر، من دون أن يحبط ذلك عزيمة أحد من الركاب.
aXA6IDE4LjIyNi4yNDguODgg
جزيرة ام اند امز