لم يشهد تاريخ منطقة الخليج العربي وشرقي المتوسط ساعة تشبه تلك الساعة حين دوى تصفيق الحضور وعلا صوت الهتاف حين أطل الوالد المؤسس
لم يشهد تاريخ منطقة الخليج العربي وشرقي المتوسط ساعة تشبه تلك الساعة من ضحى يوم الخميس الثاني من ديسمبر للعام 1971؛ حين دوى تصفيق الحضور وعلا صوت الهتاف حين أطل الوالد المؤسس، المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد وتقدم في الساحة الرئيسة لقصر الجميرا ليرفع علم الإمارات للمرة الأولى على السارية الرئيسية للقصر، وحين أطلقت المدافع 21 طلقة احتفالاً بهذا الحدث العظيم.
في تلك الأيام، كانت الدول، ولا تزال، تنقسم وتتشتت وتتباعد، فأذهل العالم كيف يتمكن حكيم العرب ومعه أخوه المغفور له بإذن الله، الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم من جمع الشتات، وتوحيد الصفوف وجعل الإمارات البعيدة عن بعضها دولة واحدة تجتمع تحت مظلة سارية علم واحد، وتتحد بخيوط ذهبية أصيلة مُطرّزة بالحب والرضى والسعادة والرغبة المشتركة بالتقدم والازدهار والرخاء.
المفكرون يقرون أن جمع اثنين على رأي وكلمة واحدة مسألة في غاية التعقيد، وأن اتحاد الدول بقيادة وعلم ومؤسسات وعملة واحدة ضرب من المستحيلات، قد تقدر أن تقيم تحالفاً أو اتحاداً يضمن سيادة الدولة وقيادتها وعلمها ومؤسساتها، ولكن أن تتآلف تلك الدول أو التجمعات تحت مظلة واحدة كما فعلت الإمارات فإن ذلك نادر تاريخياً لأن القوى العالمية والمنافسة تسعى إلى التفكيك، لما يساهم في إضعاف التجمعات ويسهّل اختراقها.
ومع ما أصاب العالم آنذاك من دهشة كبيرة لإعلان مولد دولة الإمارات في الثاني من ديسمبر في العام 1971، فإن أنظاره اتجهت بعمق وتركيز شديدين إلى الشخصية العملاقة التي تقف وراء هذا الحدث التاريخي، البعض منهم راهن على الفشل والبعض الآخر راح يراقب غير مصدق التطورات المتسارعة التي أعقبت قيام الاتحاد، ففي 4 أيام فقط وتحديداً في السادس من ديسمبر للعام 1971 انضمّت دولة الإمارات العربية المتحدة إلى الجامعة العربية، وكذلك في التاسع من ديسمبر أصبحت الإمارات عضواً في الأمم المتحدة.
اليوم يحتفل الإماراتيون وكل من يحب الإمارات بمرور 46 عاماً على تلك اللحظات التاريخية، إنه يوم وطني عظيم أقيم على إرث حضاري وإنساني هائل؛ وارتفع بسواعد حكام الإمارات وقيادتها وشيوخها وأبنائها الذين قدموا الشهداء والنفوس الكريمة المعطاءة، واجتهدوا ورفعوا علم الدولة عالياً خفاقاً
منذ تلك اللحظة التاريخية، ومع كل ما شهده اتحاد الإمارات من تقدم مذهل وتسارع يوصف بأنه الأفضل عالمياً في كافة المجالات، كُتِبت آلاف الكتب والمقالات عن شخصية الشيخ زايد رحمه الله، ويجد الباحث المتخصص، أن كل ما كُتِب عن هذا الراحل العظيم، لم يعطه حقه، فبينما يظهر في كل كتاب أو مقالة أو تقرير بعد جديد عن الوالد المؤسس، تظل الكلمات عاجزة عن توصيف شخصيته الفذة وحكمته وصبره ومثابرته وحنكته، وما يتمتع به قلبه الجميل من وهج متألق لا مثيل له.
يتفق المؤرخون ومنهم الكاتب جان نانو، وهو من أوائل من قدموا شهاداتهم في مولد اتحاد الإمارات في كتابه «اتحاد الإمارات العربية» أن شخصية المؤسس الوالد الشيخ زايد بن سلطان، طيب الله ثراه، تتصف بالرجولة والإخلاص والحنكة والدراية، والحرص على تطوير بلده وإسعاد شعبه وتوحيد منطقة الخليج العربي على أسس سليمة. وقد فتح البلاد على مصراعيها أمام أبناء الخليج، وخصوصاً لأبناء ساحل عُمان على اختلاف مدنهم، وجعل لهم فيها حق العمل والمواطنة كأي فرد من أبناء أبوظبي.
اليوم يحتفل الإماراتيون وكل من يحب الإمارات بمرور 46 عاماً على تلك اللحظات التاريخية، إنه يوم وطني عظيم أُقيِم على إرث حضاري وإنساني هائل، وارتفع بسواعد حكام الإمارات وقيادتها وشيوخها وأبنائها الذين قدموا الشهداء والنفوس الكريمة المعطاءة ،واجتهدوا ورفعوا علم الدولة عالياً خفاقاً ونافسوا بالإبداع والابتكار، وقارعوا أكثر الدول تقدماً وفتحوا قلوبهم وبيوتهم لكل مبدع مخلص؛ يؤمن أن الإمارات هي وطن الحب والسعادة والعلم والابتكار.
نقلا عن "البيان"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة