الإمارات والبحرين.. علاقات تاريخية راسخة تزداد قوة
الإمارات تشارك البحرين هذه الأيام احتفالاتها بأعيادها الوطنية في وقت تشهد فيه العلاقات بين البلدين تطورات نوعية.
علاقات تاريخية راسخة تجمع دولة الإمارات ومملكة البحرين وسط حرص مشترك على تعزيزها وتنميتها بما يخدم مصالحهما المتبادلة ويلبي تطلعاتهما المستقبلية.
وتشارك الإماراتُ البحرينَ هذه الأيام احتفالاتها بأعيادها الوطنية، في وقت تشهد فيه العلاقات بين البلدين تطورات نوعية، مستندة على أسس من الود والاحترام المتبادل ورابطة الدين والدم والتاريخ ووشائج النسب والقربى والمصير الواحد.
وتحتفل البحرين بأعيادها الوطنية يومي 16 و17 ديسمبر، إحياء لذكرى قيام الدولة البحرينية الحديثة في عهد المؤسس أحمد الفاتح؛ دولة عربية مسلمة عام 1783، والذكرى الثامنة والأربعين لانضمامها إلى الأمم المتحدة كدولة كاملة العضوية، والذكرى العشرين لتسلم عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة مقاليد الحكم.
ولا يمكن أن تمر مناسبة وطنية مثل احتفال مملكة البحرين بأعيادها الوطنية دون أن تحظى بأهمية خاصة من قيادة وشعب دولة الإمارات العربية المتحدة؛ لأن شعبي البلدين الشقيقين يرتبطان بوحدة المصير ووحدة التاريخ ويواجهان التحديات نفسها ويتطلعان إلى تحقيق الآمال ذاتها.
زيارات متبادلة ومباحثات متواصلة
وتتسم علاقات دولة الإمارات ومملكة البحرين بأنها تتجاوز الأطر الرسمية إلى العلاقات الاجتماعية الراسخة والممتدة، وذلك لكونها تستمد قوتها من الروابط الأسرية والتبادل الثقافي وعلاقات المصالح الاقتصادية، لكنها اليوم تزداد تماسكا ورسوخا في ظل القيادة الحكيمة للشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات، وعاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة.
وأكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، خلال اللقاء، عمق العلاقات الأخوية التاريخية المتجذرة بين الإمارات والبحرين وشعبيهما الشقيقين، والتي تعزز قوة ومتانة البيت الخليجي بما ينعكس خيرا على جميع شعوب المنطقة.
وشدد على أهمية تعزيز التشاور والتنسيق والتعاون الثنائي بين البلدين وفي إطار مجلس التعاون لدول الخليج العربية بما يحقق الخير والتقدم والازدهار لشعوب دول المجلس إضافة إلى مواجهة مختلف التحديات الراهنة.
من جانبه، أعرب الملك حمد بن عيسى آل خليفة عن بالغ اعتزازه بعمق الروابط الأخوية الوثيقة التي تجمع البلدين وشعبيهما الشقيقين وما وصل إليه التعاون والتنسيق المشترك من مستوى رفيع في المجالات كافة، مثمنا الدعم المتواصل لدولة الإمارات ومواقفها المشرفة إلى جانب مملكة البحرين وشعبها.
وأشاد بالدور الريادي الذي تقوم به الإمارات على الصعيدين الإقليمي والدولي ومساعيها الخيرة في الدفاع عن المصالح والقضايا العربية ودعم العمل العربي المشترك إضافة إلى إرساء دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، مؤكدا تضامن البحرين ووقوفها الكامل إلى جانب شقيقتها الإمارات في كل ما تتخذه من إجراءات لحماية أمنها واستقرارها والحفاظ على مصالحها.
وقد جاءت تلك الزيارة بعد شهر من استقبال عاهل البحرين يوم 16 أبريل/نيسان الماضي في المنامة الفريق الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، الذي زار البحرين على رأس وفد لحضور أول اجتماعات اللجنة الأمنية الإماراتية البحرينية المشتركة.
وجرى خلال اللقاء التأكيد على أهمية تعزيز العلاقات القائمة المتميزة بين البلدين الشقيقين والارتقاء بها وتوسيع آفاق تعاونهما والتنسيق المشترك بما يحقق المصالح المتبادلة والمزيد من التقدم والازدهار.
وكان الفريق الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية قد ترأس وفد الإمارات في الاجتماع الأول للجنة الأمنية المشتركة بين الإمارات والبحرين الذي عقد في اليوم نفسه، فيما ترأس الجانب البحريني الفريق أول ركن معالي الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وزير الداخلية.
وجرى خلال الاجتماع بحث توسيع وتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين في المجالات الأمنية والشرطية وتطوير مجالات التعاون على جميع أصعدة العمل كتجسيد لنهج سلكه البلدان.
جاء هذا اللقاء بعد شهر من استقبال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان يوم 11 مارس/آذار الماضي في مجلس قصر البحر الملك حمد بن عيسى آل خليفة.
وتبادل الزعيمان خلال اللقاء الأحاديث الودية التي عبّرت عن متانة العلاقات الأخوية التاريخية الراسخة بين الإمارات والبحرين وشعبيهما الشقيقين والحرص المشترك على تعزيزها وتنميتها بما يخدم مصالحهما المتبادلة ويلبي تطلعاتهما المستقبلية.
وجاءت تلك الزيارة بعد أسبوعين من زيارة قام بها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، إلى البحرين يوم 2 مارس/آذار من الشهر نفسه، والتقى خلالها عاهل البحرين.
وأكد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، خلال اللقاء، توافق رؤى دولة الإمارات ومملكة البحرين حول مجمل القضايا ذات الاهتمام المشترك، وتطابق وجهات النظر بشأن الموضوعات المتعلقة بمستقبل المنطقة، وما تستدعيه الأوضاع الإقليمية والدولية من ضرورة توسيع آفاق التعاون لرصد الفرص التي من شأنها تأكيد قدرة المنطقة على ترسيخ أسس الأمن والاستقرار والرخاء المأمولين لشعوبنا سواء على مستوى منطقة الخليج أو على الصعيد العربي عامة.
كما تطرق الحديث حول أهمية تنظيم المهرجانات الرياضية المتخصصة في مختلف أنواعها ومن بينها قطاع الفروسية والحرص الدائم على دعمها والارتقاء بها بما يُسهم في خدمة رياضة الفروسية وتطورها على مختلف الأصعدة.
وكان الشيخ محمد بن راشد قد شهد جانبا من سباق كأس ملك البحرين للقدرة، الذي نظمه الاتحاد الملكي البحريني للفروسية في قرية البحرين الدولية لسباقات القدرة الذي تم تنظيمه خلال الفترة من 27 فبراير/شباط الماضي حتى 2 مارس/آذار من الشهر نفسه.
وتجسد تلك المباحثات المتتالية والزيارات المتبادلة مدى قوة العلاقة بين البلدين وتطابق الرؤى بينهما، وحرص قادة البلدين على المضي بها إلى آفاق أرحب .
لجان واتفاقيات مشتركة
وإضافة إلى اللجنة الأمنية الإماراتية البحرينية المشتركة التي عقدت اجتماعها الأول أبريل/نيسان الماضي؛ فقد شكلت اللجنة العليا المشتركة بين الإمارات والبحرين حافزا نحو إطلاق مشاريع ومبادرات في جميع المجالات الحيوية؛ حيث وقع البلدان خلال الاجتماع الأخير للجنة في دروته الثامنة يومي 29 و30 أكتوبر/تشرين الأول 2018 مجموعة من الاتفاقيات الثنائية أهمها اتفاقية تعاون ثقافي ثنائي بين مركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث ووزارة الثقافة وتنمية المعرفة للبدء في مشروع حضاري يستهدف ترميم بيتين أثريين في مدينة المحرق.
وبالفعل، وتنفيذا لتلك الاتفاقية، افتتحت الإمارات ومركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث في أكتوبر/تشرين الأول الماضي "نُزُل السلام" في مدينة المحرق البحرينية، أحد مشاريع استعادة المباني التراثية الذي تدعمه دولة الإمارات ضمن مشروع ثقافي مشترك يهدف إلى إعادة إحياء بيت "فتح الله" التراثي، بالإضافة لتشييد "الركن الأخضر"، بعد ترميم البيت وخضوعه لأعمال إعادة تصميم داخلي.
ووجهت الشيخة مي بنت محمد آل خليفة، باسم مجلس أمناء مركز الشيخ إبراهيم، الشكر إلى الإمارات التي تؤمن بأهمية دعم الحراك الثقافي الأهلي ودوره في الارتقاء بالمجتمعات، متمنية لقيادة الإمارات وشعبها كل التقدّم والازدهار.
وتأكيدا على أهمية مواصلة التعاون وتفعيله وقّع الجانبان على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم على مدار العام الجاري.
ففي يوم 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، وقّع البلدان مذكرة تفاهم تهدف إلى توثيق أواصر الأخوة ودعم التعاون المستمر بين البلدين في مجال تقديم خدمات ونظم الملاحة الجوية وإيجاد قاعدة مشتركة للعمل في جميع النواحي الفنية والتشغيلية لتنسيق المواقف وتبادل الخبرات وإيجاد قاعدة مشتركة بينهما في جميع النواحي الفنية والتشغيلية وذلك وفقا للأنظمة والقوانين المعمول بها في كلا البلدين الشقيقين.
ويوم ١٦ من الشهر ذاته، تم توقيع مذكرة تفاهم بين الإمارات والبحرين للتوأمة في مشروع المدارس المنتسبة لليونسكو، وذلك في إطار الجهود الرامية إلى توثيق صلة التعاون بين الطرفين، وصولا إلى تحقيق التوأمة تعليميا بينهما ضمن مشروع المدارس المنتسبة إلى اليونسكو، وهو ما سيسهم في تكريس مستويات جديدة من الوعي لدى المعلمين والطلبة بأهمية أهداف التنمية المستدامة، وتوفير منصة مشتركة لتحقيق تطلعات البلدين في تعزيز أطر التعليم، وتنمية جوانبه ومساراته ونواتجه.
وفي يوم 17 مارس/آذار الماضي وقّع المجلس الوطني الاتحادي ومجلس النواب في البحرين مذكرة تفاهم وتعاون بين الجانبين بما يمكن المؤسسات البرلمانية من مواكبة علاقات الشراكة المتنامية بين البلدين الشقيقين في إطار المصالح المشتركة بين الإمارات والبحرين.
وتفعيلا وتعزيزا للمصالح المشتركة؛ وقّع البلدان الشقيقان خلال السنوات الأخيرة العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في مجالات عدة، من أبرزها استكشاف واستخدام الفضاء للأغراض السلمية، وبروتوكول تعاون في البحوث والتراث، ومذكرة تفاهم في مجالات الثقافة ودعم الشباب، ومذكرة تفاهم المؤهلات وضمان الجودة، ومذكرة تفاهم في المجال الزراعي والثروات المائية الحية، كما وقّع البلدان اتفاقية دراسة تطوير مشاريع الطاقة المتجددة بين المجلس الأعلى للبيئة بمملكة البحرين، وشركة أبوظبي لطاقة المستقبل "مصدر" وغير ذلك من المجالات المتعددة للتعاون.
وترجمة لتلك الاتفاقيات، على الصعيد الاقتصادي، وصل حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 28.3 مليار درهم في العام الماضي، وهذا الرقم رغم أهميته مرشح للارتفاع في الفترة المقبلة بالتوازي مع الجهود المبذولة والإرادة المشتركة الصادقة للمضي بعلاقات البلدين قدما إلى الأمام.
تطابق وتناغم
وتكتسب هذه العلاقات أهمية كبيرة في ظل تمتع البلدين بثقل سياسي وموقع جغرافي واستراتيجي مميز على الصعيدين الإقليمي والعالمي، وتبنيهما سياسة حكيمة ومعتدلة تدعم الأمن والسلم الإقليمي والدولي، والتعايش السلمي بين الأديان والثقافات والحضارات، والحرص المشترك على أمن الخليج العربي وتقدمه وتعزيز التضامن العربي والإسلامي، ونشر رسالة التسامح والسلام في المنطقة والعالم، ووقوفهما صفا واحدا إلى جانب المملكة العربية السعودية في قيادتها للتحالف العربي في مكافحة الإرهاب، ودعم الشرعية وإعادة الأمل في اليمن.
كما يرفض البلدان بشكل قاطع التدخلات الإيرانية السافرة والمتكررة في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين والدول العربية واستنكارهما لدعم إيران للجماعات الإرهابية وتمويلها بما يهدد الأمن والاستقرار في المنطقة، وشددا على ضرورة التزام إيران بمبادئ ونصوص القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة القاضية بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول واحترام سيادتها واستقلالها ومبادئ حسن الجوار.
كما يتشارك البلدان في التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بهدف إعادة الأمن والسلم في اليمن ومساعدة أبناء الشعب اليمني في جميع الجوانب وفي مقدمتها الجوانب الإنسانية والتوصل إلى حل سياسي بمشاركة جميع فئات الشعب اليمني ويستند على المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني وقرار مجلس الأمن رقم 2216.
وتأتي المواقف السياسية للبلدين متطابقة دائما إزاء القضايا الإقليمية والدولية؛ حيث يحرص البلدان على دعم ونصرة القضايا الخليجية والعربية والإسلامية استنادا إلى عضويتهما ودورهما الفاعل في مجلس التعاون الخليجي، وجامعة الدول العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، ومنظمة الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات.
aXA6IDMuMTQ0LjQxLjIwMCA= جزيرة ام اند امز