الإمارات تحلّق بشركات ناشئة إلى فضاء العالمية والمؤسسات المليارية

حجزت الإمارات موقعا فريدا في ساحة ريادة الأعمال، وأثبتت أنها لاعب مهم على خارطة الاستثمار العالمية، بفضل قدرتها على الجمع بين الابتكار والفرص الواعدة، ما أسهم في تعزيز ثقة المستثمرين وتأكيد مكانتها وجهة مثالية للأعمال.
وتأتي الحملة الوطنية "الإمارات عاصمة رواد الأعمال في العالم"، التي أطلقها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، بهدف ترسيخ مكانة دولة الإمارات كوجهة عالمية لريادة الأعمال.
وتشرف على الحملة، وزارة الاقتصاد والسياحة بالتعاون مع المكتب الإعلامي لحكومة دولة الإمارات، وبمشاركة مجلس الإمارات لريادة الأعمال وأكثر من 50 من الجهات الحكومية والخاصة وحاضنات ومسرّعات الأعمال والمؤسسات الأكاديمية.
الإمارات أرض الفرص
وشكّلت مقولة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: "الإمارات هي أرض الفرص والوجهة المثالية للشركات والأفكار الواعدة"، بوصلة واضحة للطامحين من رواد الأعمال والمستثمرين الباحثين عن العالمية انطلاقاً من أرض الإمارات التي استطاعت عبر بيئتها الاستثمارية الناجحة تحويل الأحلام إلى واقع ونقل الأفكار البسيطة الإبداعية إلى فضاء العالمية ودخول نادي الشركات المليارية.
وقد جاءت مقولة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بمناسبة تبوؤ دولة الإمارات المرتبة العاشرة عالمياً كأكبر وجهة لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الواردة في العالم، حيث سجلت الدولة مستوى غير مسبوق في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الواردة بقيمة 167.6 مليار درهم (45.6 مليار دولار) في عام 2024، بحسب تقرير الاستثمار العالمي 2025 لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد".
وباتت منظومة الاستثمار في الإمارات نموذجاً عالمياً يحتذى به بفضل استقرارها وشفافيتها والانفتاح التجاري للدولة وسهولة مزاولة الأعمال فيها، وفتح آفاق جديدة للشركات العالمية الساعية إلى الابتكار والتوسع في أسواق المستقبل.
ثقة عالمية
كما ظهرت آثار هذه الثقة العالمية لرواد الأعمال والمستثمرين في البيئة الاستثنائية في دولة الإمارات في كونها اليوم تعد بيئة حاضنة لنمو أعمال الشركات المليارية (اليونيكورن)، حيث أظهرت إحصائية في مطلع العام الجاري تم إطلاقها خلال فعاليات القمة العالمية للحكومات 2025 أن دولة الإمارات احتلت المرتبة 17 عالمياً في احتضان الشركات المليارية؛ وتعمل في السوق الإماراتية 11 شركة ناشئة من نوع "يونيكورن"، تقدر قيمة الشركة الواحدة منها بأكثر من مليار دولار.
منها 5 شركات ناشئة انطلقت من دولة الإمارات إلى نادي «اليونيكورن» وهي شركة «تابي» بقيمة 3.3 مليار دولار، و«فيستا غلوبال» بقيمة 2.5 مليار دولار، و«كيتوبي» بقيمة 1.55 مليار دولار، و«أندلوسيا لابس» بقيمة مليار دولار، و«دوبيزل» بقيمة مليار دولار.
وتنوعت قصص نجاح الشركات التي بدأت ونشأت في دولة الإمارات ثم لم تلبث أن عانقت الفضاء العالمي، ومن بينها شركة "كريم" التي تعد واحدة من التجارب الناجحة التي تبرهن على قدرة البيئة الاستثمارية المشجعة في دولة الإمارات على صناعة النجاح وتحويل الأفكار الرائدة إلى نماذج عالمية ناجحة.
فقد وصل ماغنوس أولسون، الشريك المؤسس لشركة "كريم"، إلى دولة الإمارات في عام 2006، وبادر في عام 2011 إلى تأسيس شركة على شكل تطبيق شامل يقدم خدمات النقل، وطلب الطعام، والدفع وغير ذلك.
وسعى أولسون وفريقه، إلى إنشاء خدمة متميزة عالمية المستوى في الإمارات ومنطقة الخليج، وبادرت الشركة بمنح موظفيها خيارات امتلاك أسهمها، في خطوة استهدفت تعزيز ثقافة الملكية، وبلغ نجاح "كريم" ذروته، عندما استحوذت عليه شركة "أوبر" العالمية مقابل 3.1 مليار دولار في عام 2019، ما شكّل علامة فارقة في مشهد الشركات الناشئة في المنطقة.
قصص النجاح
ومن قصص النجاح أيضاً، شركة "دوبيزل" التي تأسست في دولة الإمارات في عام 2005، وأصبحت منذ انطلاقها المنصة الأولى للمستخدمين لشراء وبيع أي شيء في مجتمعهم.
وفي عام 2020 أعلنت مجموعة إيميرجنغ ماركتس بروبرتي غروب، المالكة لمنصة "بيوت" ومقرها دبي، ومجموعة "أو إل إكس" المالكة لمنصة "دوبيزل"، دمج عملياتهما في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا، لتنشأ بذلك شركة مليارية، تصل قيمتها السوقية إلى 3.6 مليار درهم.
ومن الشركات الناجحة "مجموعة يلا المحدودة"، التي تعد أول شركة "يونيكورن" تكنولوجية تتخذ من دولة الإمارات مقراً لها يتم إدراجها في بورصة نيويورك، وتعد واحدة من أكبر شركات التواصل الاجتماعي والألعاب الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وقد أعلنت في أغسطس/ آب الماضي عن تحقيق إيرادات خلال الربع الثاني من العام الجاري تخطت حاجز 310.7 مليون درهم "84.6 مليون دولار" بنسبة نمو بلغت 4.1 % ما يعكس النجاح المستمر للشركة في تحقيق أهدافها الإستراتيجية وتطوير عملياتها.
ومن التجارب الرائدة أيضاً شركة "كيتوبي" العاملة في مجال المطابخ السحابية والتي أنشئت بدبي في يناير/ كانون الثاني 2018، وخلال بضع سنوات استطاعت إثبات حضورها وقدمت للعالم ابتكاراً انطلق من دبي والإمارات، ودخلت في شراكة مع أكثر من 200 مطعم لمساعدتها على توسيع نطاق توصيلها، حيث تقوم على إيجاد حل لتحدٍ يواجه قطاع المطاعم والمقاهي، وهو الطلب المتزايد على خدمة التوصيل للمنازل، وذلك من خلال بناء شراكات مع المطاعم، لمساعدتها على توسيع نطاق انتشارها، عن طريق الطهي نيابةً عنها في مطابخ كيتوبي الحديثة.
جذب الشركات الكبرى
واستطاعت دولة الإمارات أيضاً جذب العديد من الشركات الكبرى إلى بيئتها الاستثمارية، فقد شهد عام 2025 إعلان عدد من الشركات الكبرى تأسيس مقرات جديدة في الإمارات، أو اكتمال عملية نقل مقراتها، ومن ضمنها باي بال "PayPal" التي افتتحت في أبريل/ نيسان 2025 مقرها الإقليمي في دبي ليكون الأول لها في الشرق الأوسط وأفريقيا، لخدمة أكثر من 80 سوقاً في المنطقة، وشركة فيون العالمية للاتصالات المدرجة في ناسداك نهاية العام الماضي التي نقلت مقرها الرئيسي العالمي إلى دبي لتصبح من أكبر الشركات العالمية التي تتخذ من دبي مقراً رئيسياً، و"بارتنرز غروب" للشركات العالمية العاملة في مجال أسواق الاستثمارات المالية الخاصة التي افتتحت مكتباً إقليمياً لها في أبوظبي في يونيو/ حزيران 2025، و"بيتكوين دوت كوم" التي أعلن مركز دبي للسلع المتعددة، عن انضمامها لمركز كريبتو التابع لـمركز دبي للسلع المتعددة، و"فورتريس إنفستمنت غروب" الأمريكية التي أعلنت في مايو/ أيار 2025 عن تأسيس مكتب في أبوظبي لتعزيز نشاطها الاستثماري.
ولا تقتصر جاذبية دولة الإمارات على الشركات التي أعلنت حديثاً عن خططها، فقد سبق لعدد كبير من كبريات الشركات العالمية الشهيرة أن اتخذت من الدولة مركزاً لعملياتها الإقليمية، ومنها على سبيل المثال "ميتا"، و"غوغل"، و"أوراكل"، و"مايكروسوفت"، و"أمازون"، و"سيسكو"، و"فيزا"، و"ماستركارد"، وغيرها الكثير.
بيئة مثالية للشركات
ولا شك في أن هذا الإقبال من رواد الأعمال على الاستثمار في دولة الإمارات جاء لما تتميز به الدولة ببيئة مثالية للشركات الصغيرة والمتوسطة للنمو والتطور في ظل ما تقدمه لها من حوافز مميزة ما يمكنها في نهاية المطاف من التوسع وتحقيق النمو المستدام، يدعم ذلك أيضاً تبني الذكاء الاصطناعي والأدوات الرقمية في الابتكار وريادة الأعمال مما يخلق فرصاً جديدة لتسريع المشاريع الصغيرة والمتوسطة، كما حرصت دولة الإمارات على تطوير العديد من الإستراتيجيات والمبادرات المعنية بالأدوات الرقمية، ووفرت بنية تحتية تكنولوجية ورقمية عززت مكانتها كوجهة عالمية رائدة للذكاء الاصطناعي والابتكار.
يضاف إلى ذلك المرونة الفائقة للسياسات الاقتصادية في الدولة، إلى جانب البنية التحتية المتقدمة والتشريعات الداعمة للاستثمار، ما عزز ثقة الشركات العالمية الراغبة في التوسع بالمنطقة.
وعلى مدار عقود أطلقت الإمارات العديد من المبادرات الداعمة للشركات الناشئة والمتوسطة، من أبرزها تأسيس مدينة دبي للإنترنت في عام 1999، لتكون منطقة اقتصادية حرة وقاعدة استراتيجية لشركات التكنولوجيا التي تستهدف الأسواق الناشئة، وباتت بعد أكثر من عقدين من النمو والتطور نقطة انطلاق للعديد من شركات "اليونيكورن" العالمية.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuOTYg جزيرة ام اند امز