لم يكن بوسع الإمارات والسعودية التعامل مع التحديات السياسية والاستراتيجية التي تتسارع وتيرتها في المنطقة دون تحالف وثيق
لم يكن بوسع الإمارات والسعودية التعامل مع التحديات السياسية والاستراتيجية التي تتسارع وتيرتها في المنطقة دون تحالف وثيق يعزز قدرات الدولتين عبر جمعها في مسار واحد يحقق المصالح المشتركة ويحد من عوامل الاضطراب وعدم الاستقرار في المنطقة.
يُطلق باحثو الاستراتيجية العالميون على هذه الصيغة اسم "التحالفات الوثيقة المتوازنة"، والتي تتسم بأنها وسيلة من وسائل الملاءمة ومواجهة المخاطر والتهديدات، وبكونها تستند إلى اعتبارات موضوعية، وتنطلق من التزامات أخلاقية، وتحقق المنافع والمقاصد المرجوة.
في مطلع شهر ديسمبر 2017، أصدر سيدي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، قراراً بتشكيل لجنة للتعاون المشترك بين الإمارات والسعودية؛ وهو القرار الذي نص أيضاً على أن تكون هذه اللجنة برئاسة سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة. ويفيد القرار بأن اللجنة ستختص بالتعاون المشترك مع الشقيقة السعودية في "جميع المجالات العسكرية، والسياسية، والاقتصادية، والتجارية، والثقافية، وغيرها من المجالات التي تقتضيها مصلحة البلدين".
الإمارات والسعودية عبر توثيق عُرى التحالف بينهما تمثلان عمود الخيمة الخليجية وتعالجان الخلل الاستراتيجي الراهن في المنظومة الإقليمية
يكتسب هذا القرار أهمية بالغة بطبيعة الحال، ليس فقط لأن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد سيكون رئيساً لهذه اللجنة، وهو الأمر الذي سيوفر للجنة طاقة فعل وزخماً فائقين، وإنما أيضاً لأن صاحب السمو رئيس الدولة حرص في نص القرار على أن يؤكد اتساع أغراض عمل اللجنة، لتشمل جميع المجالات التي تقتضيها مصلحة البلدين.
لقد قاتلت الإمارات والسعودية في اليمن للذود عن أمنهما الوطني، وتجنيب المنطقة ويلات التدخل في شؤونها، وانتصاراً للشرعية في هذا البلد العزيز عند كل عربي، ودفاعاً عن أهله ومستقبله، واختبر البلدان صلابة التزامهما الأخلاقي، واتساق سلوكهما السياسي مع مبادئ الشرعية الدولية، وقدرتهما على تحقيق الإنجاز.
في ظل ما يبديه النظام القطري من إصرار على العناد ورفض لاتخاذ الخطوات اللازمة للاتساق مع مبادئ ومعايير مكافحة الإرهاب وتمويله، ودعمه الكبير للإعلام التكفيري المتطرف، يبدو مجلس التعاون لدول الخليج العربية في إشكالية جوهرية؛ وهو أمر يتطلب حلولاً عملية لإدامة الاستراتيجية الخليجية الرامية إلى تحقيق مصالح دولنا ومواطنيها.
الإمارات والسعودية عبر توثيق عُرى التحالف بينهما تمثلان عمود الخيمة الخليجية وتعالجان الخلل الاستراتيجي الراهن في المنظومة الإقليمية، وتتوازنان مع المخاطر والتهديدات التي يفاقمها التحدي الإيراني القائم على تصدير التطرف الديني ببعده الطائفي مع الإرهاب بمختلف صوره ومناهجه، والاستثمار العلني والسري للخلافات العربية العربية، ويعززها العناد القطري الداعم الأول والممول الرئيس للإرهاب والمتاجر الوحيد بمختلف القضايا العربية والإسلامية.
ولأن هذا التحالف الذي تعد لجنة التعاون المشترك بين البلدين إحدى أحدث أدواته يجب أن يكون شاملاً ومتعدد المجالات بقدر حاجة طرفيه للتنسيق والتعاضد والتكامل؛ فإن جانب الإعلام المدني والعسكري ينبغي أن يكون جزءاً مهماً فيه.
بسبب تغير أنماط القتال، وتزايد أهمية أنشطة الإعلام والدعاية في الحروب المعاصرة، والدور الكبير للحرب النفسية والأمن المعنوي لا يمكن مواجهة المخاطر المحدقة بالمنطقة دون تحالف إعلامي إماراتي- سعودي على الصعد المختلفة عبر إنشاء آلية لتقنين هذا التحالف، تضم خبراء ومسؤولين من الجانبين، لتطوير الاستراتيجيات وإرساء الأدوات ولمواجهة الرسائل المعادية وتفنيدها وكشف زيفها، عبر تقديم الحقائق الموضوعية من جانب وتطوير أنشطة اتصال ذكية تستهدف تعزيز الصورة الذهنية للدولتين وإبراز مقاصد السياسة المشتركة، وإبقاء المواطنين الإماراتيين والسعوديين وأشقائهم في الخليج والعالم العربي على اطلاع دائم بحقائق الصراع وتطوراته من جانب آخر.
تحتاج الإمارات والسعودية إلى آلية تحالف إعلامي تستفيد من الطاقات الإعلامية المتوافرة لدى البلدين وتعزز انتشارها وتعمق تأثيرها.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة