الحقيقة أن فلسطين كلها محتلة، ونقل السفارة أو تسمية القدس عاصمة لإسرائيل لن يغير شيئاً،
القدس أسيرة لأيدي البغاة الطغاة العداة، فكلما نذكر الأقصى ندعو الله بفك أسره وقرب تحريره، وتعتصر قلوبنا حسرة على ما جرى له ويجري من هؤلاء الصهاينة المعتدين، فقضيته قضيتنا ومصابه مصابنا وانتفاضته في قلوبنا.
لا شك إن اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارتها إليها، هو تأكيد للاحتلال الإسرائيلي من جديد الذي يتوافق مع مرور ١٠٠ عام على وعد بلفور .
الحقيقة أن فلسطين كلها محتلة، ونقل السفارة أو تسمية القدس عاصمة لإسرائيل لن يغير شيئاً، فنحن لا نعترف بإسرائيل فكيف نقبل بغيره؟، فإسرائيل بالنسبة لنا ستبقى جيشاً محتلاً لأرض عربية ، وهنا تكمن المشكلة، والتي انتقل الناس بدون وعي من عدم الاعتراف بإسرائيل إلى تريدد القدس ليست عاصمة إسرائيل .
إن الهدف الإسرائيلي باتفاق أمريكي من كل هذا كله هو المساومة على موضوع القدس مع الدول العربية، بحيث تجعل تنازلها عن جعل القدس عاصمة لإسرائيل بشرط قبول التطبيع، وخاصة الدول التي ترفض التطبيع لتتفاوض معها على هذه الورقة بعيداً عن اتفاقية السلام، وبذلك تتنصل من اتفاقياتها السابقة لتفاوض على ورقة واحدة، لأنها في النهاية لن تغامر بأمنها من أجل نقل عاصمتها للقدس .
المشكلة أن هناك بعض الفلسطينيين من المغرر بهم لا يَرَوْن الدور الكبير الذي تقوم به السعودية ودول الخليج لنصرة القضية، واقتصرت رؤيتهم على دور قطر وحزب الله، وذلك بدعم وتشويه من الإعلام القطري المؤدلج، وبدعم من إعلام الظل الإخونجي وعصابات الممانعة.
إن الدعوة موجهة إلى المسلمين جميعاً بالواجب المتحتم في مثل هذه الظروف العصيبة لدعم ونصرة الإخوة في فلسطين، بكل ما تيسر من سُبُل و بالدعاء لهم بالنصر وعدم التسويق لأكاذيب، أو الانتقاص أو الاستهزاء والاستخفاف بالجهود التي بُذِلت وستُبذَل لخدمة القضية .
إن ظهور مظاهر الاستخفاف على المتاجرين بالقضية الفلسطينية، ومن بعض المنزعجين من جهود المملكة وغيرها لخدمة المسجد الأقصى، يؤكد أنهم يتاجرون بالقضية لأغراض أخرى لا علاقة لها بفلسطين، فهؤلاء ضررهم أكثر من نفعهم، وما أكثرهم هذه الأيام.
إن فلسطين ليست قضية فئة مأجورة، ولكنها قضية المسلمين الشرفاء جميعاً، وأن انتصارها انتصار يشفي صدور الجميع، ويبعث الأمل في أمتنا من جديد.
إن حال الشرق الأوسط بعد الربيع العربي أصبح معقداً، والحرج على السعودية قد ازداد؛ حيث تحولت دول الربيع إلى ساحات فوضى بلا ضابط مما أبعدهم عن الاهتمام بالقضايا العربية والإسلامية والتقوقع داخلياً، وهو ما جعل المملكة ممسكة بالثقل الإسلامي وبمسؤولياتها الدينية والعربية، وجعلها تبادر في حل الأزمات التي تمر بها المنطقة وتضع ثقلها لنصرة قضايا الإسلام، وأن لا تجامل في سبيل ذلك، فالسعودية لم توقف دعمها السياسي والاقتصادي والدبلوماسي لفلسطين حتى مع انشغالها في الصراعات التي تأتي من هنا وهناك، حيث استمرت المملكة على دعمها الثابت للقضية الفلسطينية، ولم تدع سبيلاً لتحقيق الوحدة وتوحيد الصف بين الفصائل الفلسطينية إلا و سلكته.
فنحن في المملكة لا نزايد ولا نساوم ولا نناور في تحقيق السلام العادل والشامل للقضية الفلسطينية، وفقاً لمبادرة السلام العربية، وقرارات الشرعية الدولية، وهو المبدأ الذي تسير عليه الدبلوماسية السعودية ولا تزال، وتسعى إلى تحقيقه وليس لاستغلالها لمشروعات سياسية وأجندات إيديولوجية أصبحت مكشوفة، فالمبادئ لا تتجزأ ولا تتغيّر ولا تُمليها المصالح المشبوهة.
إن المسؤولية التي منحها الله لقادة هذه البلاد المباركة في خدمة الحرمين الشريفين، ورعاية قضايا الأمتين العربية والإسلامية تؤكد ذلك، وتوطّدها الجهود الكبيرة التي بذلها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز (حفظه الله)؛ لرفع الضيم الذي طال المسلمين في الأرض المباركة في وقت مضى؛ تكللت ولله الحمد مساعيه بالنجاح في رفع الضرر والظلم الذي تعرض له المصلون في المسجد الأقصى، مما أوقف الانتهاكات والأعمال العدائية ضدهم، وحل معضلة البوابات والكاميرات والسيادة على أبواب المسجد الأقصى والضغط باتجاه إزالتها بمبادرتها الإيجابية القوية، التي تؤكد ثبات مواقفها في حفظ حق المسلمين في المسجد وأداء عباداتهم فيه بكل يسر وطمأنينة واحترام لقدسية المكان، وإحلالاً للأمن والسلم الدوليين، تم ذلك دون مزايدات إعلامية أو تصريحات صحفية أو معارك إلكترونية، وأكدت بأنها لم ولن تتخلَّى عن واجباتها وثوابتها تجاه فلسطين المحتلة، ولم تكن ظاهرة صوتية في أوقات الأحداث والأزمات، بل كانت وما زالت صاحبة أفعال مشهودة وجهود مبذولة بوعي وحكمة وعقل رشيد، وتسعى على الدوام أن يتحدث العالم عن أفعالها وليس أقوالها، وتتحمل في سبيل ذلك الكثير من العمل والصبر لتحقيق أهدافها بلا ضجيج أو تسلّق على الأزمات، أو تردد في اتخاذ القرارات، وهي من الثوابت التي لا تقبل الجدل، وهو الأمر المتأصل والمتجذّر في سياستها، فهي لا تزال صاحبة الريادة في تبني قضايا الأقصى والدفاع عنه ونصرته قولاً وعملاً.
المشكلة أن هناك بعض الفلسطينيين من المغرر بهم لا يَرَوْن الدور الكبير الذي تقوم به السعودية ودول الخليج لنصرة القضية، واقتصرت رؤيتهم على دور قطر وحزب الله، وذلك بدعم وتشويه من الإعلام القطري المؤدلج، وبدعم من إعلام الظل الإخونجي وعصابات الممانعة، عبر خطب شعبوية لتمرير عواطف مشحونة لصرف الأنظار ولتخفيف الضغوط، بعدما خدموا مشروع إسرائيل في المنطقة بكل حذافيره، ووصل بهم الأمر إلى بناء مستوطنات للصهاينة على أرض فلسطين كما فعلت قطر، والتزمت بأن تجعل سيناء وطناً للفلسطينين عوضاً عن وطنهم في زمن حكم الإخوان والرئيس المعزول (مرسي).
إن ما يجب على الشعوب العربية أن تعلمه أن مواقف السعودية، السياسية والشعبية، هي مواقف أصيلة وثابتة في الوقت الذي انكشفت فيه أقنعة الكثير من الدول، وأن مواقفها وثوابتها ومكانتها وعلاقاتها أكبر من حسابات الخَوَنة المتاجرين والمتسلقين، كإيران التي تدّعى الإسلام، وقطر التي تتاجر به وبالعروبة، فكلتاهما تسيء للإسلام والمسلمين، وكلتاهما تمارس الإرهاب باسم الإسلام ، وتخون الإسلام والعروبة، وأن تضامنهما مع القضية الفلسطينية والمسجد الاقصى هو كبكاء قاتل في عزاء ضحيته، بعدما أشغلوا العرب بقضاياهم الداخلية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة