ما إن تحدث حادثة في بلاد العرب والمسلمين إلا ويخرج هؤلاء بأصوات زاعقة، ولغة دنيا مليئة بالبذاءة والإسفاف، والتعدي على كرامة الآخرين
تعوَّد تنظيم الإخوان الفاشل ومرتزقته من المؤلفة جيوبهم أن يمارسوا دور الوصاية على الأمة، قناعة منهم، أو كما علمهم مرشدوهم، أنهم هم وحدهم الربانيون، وهم وحدهم الوارثون لرسالة الأنبياء؛ إلى حد وصل بهم أنهم هم الناطقون باسم الأنبياء، ومن ثم هم أسياد العالم، وموجهوه إلى طريق السداد، توغلت هذه العقلية في هذا التنظيم وأتباعه، ومن يعيشون على هامشه طلباً للرزق، أو رغبة في الظهور، أو تعويضاً عن مركب نقص معقّد يعاني منه أبناء البيئات الهامشية الفقيرة الذين حصلوا قدراً من التعليم، ولم يكتفوا بما أضفاه العلم عليهم من ميزة؛ بل يريدون أن يكونوا من ذوي السلطان والمكانة الاجتماعية والثراء المالي…هؤلاء وجدوا فيما توفره الدوحة من مؤسسات إعلامية وبحثية ملجأً مثالياً لتحقيق كل تلك الطموحات وتفريغ كل تلك العقد.
ما إن تحدث حادثة في بلاد العرب والمسلمين إلا ويخرج هؤلاء بأصوات زاعقة، ولغة دنيا مليئة بالبذاءة والإسفاف، والتعدي على كرامة الآخرين، والسب العلني لدول وشعوب وحكومات، وكأنهم مقتنعون أنهم ينصرون الإسلام بالبذاء والسباب واللعن والفاحش من القول، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء. رواه الترمذي والحاكم، يبدأ هذا الحزب في توجيه اللوم والطعن والاتهام لكل من خالفهم، أو كانت بينهم وبينه خصومة، يتهمونه بالتخاذل والخيانة، وعدم نصرة المسلمين، والتآمر مع المعتدي…. الخ.
تكرر هذا المشهد عشرات المرات في مواقف مختلفة، ولكنه يكون أكثر شدة مع القضايا التي تتعلق بفلسطين عامة، والقدس خاصة … هنا تكون البذاءة أشد، والاتهام أقسى، والصوت أعلى، وقلة الأدب قد بلغت منتهاها، وذلك لأهمية قضية فلسطين في العقل العربي، ومحورية ومركزية القدس في الروح والوجدان العربي والمسلم، لذلك يستغلها هؤلاء أسوأ ما يكون الاستغلال، ويوظفونها للانتقام من الأعداء والخصوم، وتوجيه أقسى أنواع الشتائم والسباب لهم، وتخوينهم، ونزع كل القيم الوطنية والدينية بل والإنسانية عنهم.
هذا الحزب القديم الجديد الذي يأخذ من دولة قطر مقراً دولياً له يقوم على قاعدتين أساسيتين هما: أولاً، أنه وصيّ على الأمتين العربية والإسلامية، وأن هذه الوصاية إنما منحها له الله سبحانه، بحكم ربانية هذا الحزب وأستاذيته على العالم؛ التي رسّخها في ذهنه مدرس الخط العربي الشاب مؤسس تنظيم الإخوان الفاشل.
هذا الحزب القديم الجديد الذي يأخذ من دولة قطر مقراً دولياً له يقوم على قاعدتين أساسيتين هما: أولاً، أنه وصيٌّ على الأمتين العربية والإسلامية، وأن هذه الوصاية إنما منحها له الله سبحانه، بحكم ربانية هذا الحزب وأستاذيته على العالم؛ التي رسخها في ذهنه مدرس الخط العربي الشاب مؤسس تنظيم الإخوان الفاشل، وأن هذه الوصاية عامة في جميع الموضوعات، فالأمة كأنها أطفال لم تبلغ الرشد، أو مجموعة من المجانين أو المعتوهين الذين لا يستطيعون التصرف، ولا يملكون قدرات التمييز واتخاذ القرار، ولا يحسنون النظر في أمورهم، لذلك يقوم هذا الحزب بالوصاية على الأمة جميعها كبيرها وصغيرها، رجالها ونسائها، في جميع الموضوعات والمجالات الحياتية والسياسية والاقتصادية والعسكرية…إلخ.
هذا النوع من الثقافة الوصائية، أو عقلية الوصاية توغل في تنظيم الإخوان الفاشل، وصار يمارسها الأشبال والصبيان منهم، يصدرون توصيات لدول وحكومات، وشعوب، ويوبخونهم ويلومونهم ويأمرونهم، وهم شباب صغار لم يبلغوا الحلم العلمي أو العقلي، بحيث تجد أنصاف المتعلمين منهم في تخصص شرعي أو لغوي، قد صاروا بحكم انتمائهم للجماعة الربانية من كبار الاستراتيجيين الدوليين، ومن عظماء العلماء في السياسة والعلاقات الدولية والفكر الاستراتيجي، ومن ثم يخُطّون الأوامر والتوجيهات للدول والشعوب والحكومات، يقررون لهم ماذا يفعلون، ويلومونهم ويقرعونهم لقيامهم بأفعال لا تتوافق ورؤية صبيان التنظيم الفاشل، وصغار القوم في حزب الوصاية والإيصاء في الدوحة.
والقاعدة الثانية: أنهم لا يتوقفون عند مجرد ممارسة الوصاية على الأمة، بل هم لا يفعلون شيئاً، وكأنما رُفِع عنهم القلم، أو أنهم ليسوا مخاطبين بالقرآن، أو أنهم ليسوا من الأمة، أو أن القدس ليست مدينتهم المقدسة، أو أن الإسلام ليس دينهم، فهو يوصون الآخرين بالقيام بما ينبغي القيام به، فهم أوصياء على الأمة، ولكنهم عاجزون عن الفعل، لذلك يوصون الآخرين بالقيام بالأفعال، أما هم فلا يفعلون شيئاً، لأنهم إما عاجزون أو من المقعدين أو القاعدين أو القواعد من النساء، أو أنهم فاقدون لأهلية الفعل، أو أنهم خائفون وجبناء. أو من الخوالف الذين لعنهم الله، أو أنهم من الذين قالوا لموسى فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (المائدة 24) … في كل الأحوال هم لا يفعلون شيئاً مما يوصون الآخرين بفعله، ولا يشاركون في الفعل، كل ما عليهم أنهم يمارسون دور الوصاية والقيادة والتوجيه من جانب، ثم يهربون من الفعل ويقتصر دورهم على التوصية بفعله للآخرين فحسب.
سلوكان متعاكسان لا يتسقان مع إنسان عاقل هما: الوصاية والإيصاء، أولها الوصاية يقول إن فاعله في موقع القيادة والتوجيه، هو من يملك الرؤية أكثر من غيره، ومن يملك القدرة أكثر من غيره؛ لذلك ادعى لنفسه أنه وصيٌّ على الآخرين يستطيع أن يحدد لهم ما يجب عليهم أن يفعلوا، وماذا يجب عليهم ألا يفعلوا، والثاني وهو الإيصاء يقول إن من يمارسه لا يستطيع الفعل، ولا يملك الطاقة للقيام به، أو أنه يوشك على الموت، أو أنه قد مات بالفعل، لذلك فهو يوصي من بعده من القادرين على القيام بذلك الفعل، وتحقيق الهدف منه.
هذه الحالة المريضة المعلولة من التناقض تسيطر على ذلك الحزب الذي يمارس الإرباك والتشتيت لكل الجهود العربية في كل القضايا العربية، بغية إفشال كل تلك الدول والجماعات، حتى يكون من يخدمهم حزب الوصاية والإيصاء هم فقط الموجودون على أنقاض العالم العربي، فيبدأون في تأسيس الإمبراطورية التي حلم بها بن جاسم في حواره مع القذافي، هذا الحزب يحقق من الإرباك والتشتيت في القدرات العربية داخلياً وخارجياً ما لا يستطيع القيام به أعداء الأمة، من شرقها وغربها وجنوبها وشمالها.
حزب الوصاية والإيصال صار خطراً لأنه يحول دون ظهور وعي جمعي عربي، أو رأي عام عربي حول القضايا الأساسية والكبرى التي تتعلق بالوجود العربي ذاته، وبالأمن القومي العربي، لذلك لابد من كشف زيف هذا الحزب ولا أخلاقيته، ولابد من تطبيق القانون على كل من يتجاوز منهم في حقوق الأشخاص والمجتمعات والهيئات والدول.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة