انتخابات فيينا.. مأزق للإخوان وبوابة لعودة بطل"إيبيزا"
سكان العاصمة النمساوية يترقبون الانتخابات البلدية التي ستجرى في 11 أكتوبر/تشرين الأول
"عمدة فيينا أهم من مستشار النمسا".. عبارة دارجة كثيرا في العاصمة النمساوية مدفوعة بثقل المدينة تاريخيا واقتصاديا وسياسيا في الاتحاد الفيدرالي للبلاد.
ويترقب سكان العاصمة النمساوية الانتخابات البلدية التي ستجرى في 11 أكتوبر/تشرين الأول، إذ يصوت ما يزيد على مليون شخص لانتخاب برلمان الولاية، وحكومتها، ورؤساء أحيائها الـ23.
ويشير آخر استطلاع للرأي نشرت نتائجه هذا الأسبوع أن الحزب الاشتراكي الديمقراطي (يسار وسط) يتصدر نوايا التصويت بـ44%، يليه حزب الشعب (حزب مستشار النمسا) سبستيان كورتز" بـ16%، فيما حصد حزب الحرية (يمين متطرف) 11%.
لكن المفاجأة الكبيرة كانت حصول قائمة "هانز كريستيان شتراخه" الذي يوصف بـ"عراب اليمين المتطرف" وبطل فضيحة الفساد" المدوية أطاحت بحكومة المستشار سبستيان كورتس الأولى في 2019، على 6% من الأصوات.
بوابة عودة شتراخه
في صيف 2019، تفجرت فضيحة فساد مدوية عرفت إعلاميا باسم فضيحة "إيبيزا" إثر نشر مجلة دير شبيجل وصحيفة زود دويتشه تسايتونغ الألمانيتين مقطع فيديو يظهر فيه شتراخه، نائب مستشار النمسا ورئيس حزب الحرية المتطرف في ذلك الوقت، مع سيدة روسية تدعي قرابتها لملياردير روسي، وهو يبدي استعداده لمساعدة الملياردير عن طريق إرساء عطاءات حكومية على شركاته.
ووفق المقطع، فإن اللقاء بين شتراخه والسيدة الروسية حدث في الـ24 من يوليو/تموز 2017 في جزيرة إيبيزا السياحية الإسبانية، ودارت فيه اتفاقات أيضا لاستحواذ الملياردير الروسي على صحيفة "كرونه"، أوسع الصحف النمساوية انتشارا.
كما عرضت السيدة على شتراخه خلال اللقاء استثمار قريبها، ربع مليار يورو في النمسا، مشيرة إلى أنه هذه الأموال غير شرعية.
ورغم إقرارها بعدم شرعية الأموال، استمر نائب مستشار النمسا السابق في الحديث معها حول ضخ الأموال في الاقتصاد النمساوي.
وفجر هذا الفيديو أزمة سياسية عنيفة في البلاد، أدت لانهيار الحكومة المكونة من حزبي الشعب والحرية، وطرد على إثرها شتراخه من حزب الحرية الذي أسسه وقاده لمقدمة الأحزاب السياسية في البلاد بخطاب يميني متطرف معاد للأجانب والإسلام.
وحينها، توقع الجميع نهاية الحياة السياسية لاشتراخه بشكل كامل، لكنه شكل قائمة من مؤيديه لخوض الانتخابات البلدية في فيينا، أملا في تسجيل عودة للحياة السياسية، وتشير استطلاعات الرأي أنه قريب من دخول برلمان الولاية بالفعل.
مأزق الإخوان
رغم تصدر الحزب "الاشتراكي الديمقراطي" الذي يحكم فيينا في الوقت الحالي، صدارة استطلاعات الرأي، واقترابه من تجديد بقائه في السلطة إلا أن علاقة الحزب غير المفهومة بتنظيم الإخوان الإرهابي تخلق مأزقًا كبيرًا قبل حلول موعد الاقتراع.
فالحزب الاشتراكي الديمقراطي يسيطر على برلمان فيينا وحكومتها المحلية منذ عقود طويلة، لكن علاقة الحزب بشخصيات مرتبطة بالإخوان مثل عمر الراوي، عضو برلمان فيينا ومرشح الحزب في الانتخابات المقبلة، يضعه في مرمى الانتقادات، وفق صحيفة فولكس بلات النمساوية "خاصة".
الأمر لا يتوقف عند ذلك، حيث كشفت الصحيفة أن سياسيين رفيعي المستوى من الحزب يترددون على مسجد البيت المعمور، المحسوب على الإخوان في فيينا، للمشاركة في ندوات وفعاليات واحتفالات.
وقالت الصحيفة إنهم متهمون على نطاق واسع بمعاداة الديمقراطية والدستور، والدعوة للكفاح المسلح في مناطق متفرقة من العالم.
ومن بين سياسيي الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذين يترددون على المسجد، الراوي، ورئيس حي فافوريتن في فيينا، ماركوس فرانز.
ووفق الصحيفة، فإن تردد مسؤولين في مقاطعة فيينا على هذا المسجد يفتح باب الشكوك حول تلقيه أموالا حكومية منذ تأسيسه.
ونقلت عن الخبير في التنظيمات المتطرفة، أرفان بيتشي، قوله: "دخول المسؤولين مرارا وتكرار يفتح باب الشكوك حول تلقي المسجد أموالا حكومية حتى اليوم"، مضيفا: "هذا الأمر يضع الاشتراكيين الديمقراطيين في موقف صعب قبل الانتخابات البلدية".
وبصفة عامة، تملك الإخوان وجودا كبيرا في النمسا، وخاصة في فيينا وغراتس، وتعد الجمعية الثقافية أو Liga Kultur ذراعها الأساسية، إضافة إلى مجموعة من المساجد والمراكز الثقافية مثل النور في غراتس، والهداية في فيينا.
مرشحون من أصول عربية
وبخلاف الراوي المحسوب على الإخوان، يتواجد المرشح عبد العاطي كريمي، على قائمة حزب الخضر "يسار" للانتخابات البلدية في فيينا.
لكن الأكثر إثارة للجدل، هو تواجد النمساوية من أصل عراقي، سلوى مقصود، في قائمة شتراخه "يمين متطرف"، رغم معاداة عراب اليمين المتطرف للأجانب والإسلام.
وفي قائمة حزب الشعب "يمين وسط"، يتواجد المرشح ذو الأصول المصرية، ميسرة سليمان، الذي سبق له الترشح لانتخابات البرلمان الأوروبي في مايو/أيار 2019، ولم يحالفه الحظ.
وبصفة عامة، تعتبر انتخابات فيينا الحدث السياسي الأبرز في النمسا في 2020، وتشهد محاولات حثيثة من اليمين المتطرف لتحقيق قفزة قوية.
aXA6IDE4LjIyNi4xNy4yNTEg جزيرة ام اند امز