هذا المشهد هو ذاته ما نراه اليوم في عالمنا، فالانقسام بين ذات المعسكرين والتحالف معهم لا يخفى على أحد
قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية انقسمت دول العالم بين معسكرين رئيسين هما معسكر الرأس مالية والذي كانت تمثله أمريكا وأوروبا، ومعسكر الاشتراكية الذي كان يقوده الاتحاد السوفيتي قبل حله، وقد اختارت أغلب الدول أحد المعسكرين ليكون حليفاً له، هذا المشهد هو ذاته ما نراه اليوم في عالمنا، فالانقسام بين ذات المعسكرين والتحالف معهم لا يخفى على أحد، وهي ذات المشهد الذي سبق الحرب العالمية الثانية.
ندرك جميعاً أن العالم يعيش أسوأ وأخطر أيامه منذ الحرب العالمية الثانية، فالحروب والقتل والخوف تنتشر في أكثر من بلد وأكثر وقارة، وهذا الأمر أثر على الحياة السياسية والاقتصادية وحتى الاجتماعية لهذه الدول، والأخطر هو الصراع الدائر بين ديانات وثقافات تتوافق نظرياً لكنها تتناحر عملياً، بالإضافة إلى صراع بين أفكار ومجتمعات تجتهد في البحث عمّا يفرقها.
الأخطر من كل ما ذكر تلك الرغبة الجامحة من قبل الجميع للقتل، ويمتلك الجميع أيضاً كماً كبيراً من الحقد والكراهية، ولكن المساواة في قيمة الروح البشرية معدومة تماماً، ومن الواضح أن معسكر من المعسكرين الذي يمسك بأدوات التعبير والتنديد والقلق يميز بين الضحايا بشكل سلبي فاضح، ويصر على تذكير العالم بأن الإرهاب اختصاص شرقي وبأن روح الإنسان الغربي أغلى من روح الإنسان العربي.
ولعل تلك التصريحات التي أطلقها هنري كيسنجر مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق، والمقرب جداً من مركز صنع القرار الأمريكي، والتي تحدث فيها عن إشارات تنذر بوقوع حرب عالمية ثالثة طرفاها هم الولايات المتحدة من جهة والصين وروسيا وإيران من جهة أخرى، تؤكد أن العالم اليوم يشبه تماماً العالم ما قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية.
ودليلاً على الصراع الذي ما زال قائم بين المعسكرين الاشتراكي والرأس مالي يقول كيسنجر، إن واشنطن تركت الصين تعزّز من قدراتها العسكرية، وتركت روسيا تتعافَى من الإرث السوفييتي السابق، مما أعاد الهيبة لهاتين القوتين، لكن هذه الهيبة هي التي ستكون السبب في سرعة زوال كل منهما.
في النهاية أخطر ما في هذه الحرب أولا أنها متعددة الأطراف ومفتوحة الجغرافيا، ثانياً لا تهدف إلى أي مصالح مادية أو هيمنة ونفوذ وحدود برية وبحرية ، بل دوافعها روحية دينية وبالتأكيد عندما تحضر هذه الأمور يغيب العقل تماماً.
هذه الحرب التي توشك أن تقع ستكون كارثية على العالم كله فالمسلمون سيقاتلون ضد الغرب، مسلمون في ضد مسلمين، غرب ضد مسلمين، غرب ضد غرب في بلادهم، غرب ضد غرب في بلاد خارجية، باختصار هي وصفة مثالية لأنهار من الدماء والأشلاء، وسنوات طويلة من الأحقاد والعداء.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة