"التوك توك" يدهس كبرياء الشارع اللبناني.. وضاع "البرستيج"
"برستيجه لا يسمح له باقتنائها والتنقل بها، لكن الانهيار الاقتصادي الكبير أجبر اللبناني على التنازل عن المظاهر".
هكذا تحدث أحمد حسون الذي يمتلك عددا من مركبات "التوك توك" التي تعمل على نقل الركاب بين طرابلس والكورة في شمال لبنان لـ"العين الإخبارية".
وأضاف: "الانهيار الاقتصادي وما تبعه من نفاد الوقود وتوقف سيارات الأجرة عن العمل ومن ثم ارتفاع أسعار المحروقات، أدت لقبول اللبنانيين بالأمر الواقع لكي يتمكنوا من إكمال حياتهم في ظل الظروف الصعبة".
الأزمة الاقتصادية التي يمر بها لبنان، فرضت أنماطاً جديدة على حياة اللبنانيين، منها "التوك توك" الذي لم يخطر ببال أحد منهم أن ينتشر في مناطق عدة، بداية بالاستعمال الفردي، ثم كمركبة للأجرة، حتى أصبح لنقل العرسان يوم الزفاف.
وبات تواجد "التوك توك" بين السيارات على الطرق أمراً مألوفاً بعد أن كان اللبناني قبل الأزمات التي تعصف ببلده لا يعرفه إلا من خلال الأفلام.
يقول حسون: "في البداية تعامل اللبناني مع التوك توك كأمر فكاهي، حيث كان يصعد به من باب التسلية، يلتقط صوراً مستغرباً وجود هكذا مركبة في بلده".
عدد كبير من الموظفين وطلاب المدارس باتوا زبائن دائمين لـ"توك توك تكه" اعتادوا على الظاهرة الجديدة وتوقفوا عن الخجل من التنقل في المركبة الصغيرة. يضيف حسون "كما يتجول موظفونا طوال اليوم في المناطق لإيصال من يطلب منهم ذلك، أما التعرفة فتختلف بحسب بعد المسافة وفيما إن كان سيتم إيصال الزبون داخل الأحياء الفرعية أو على الأوتوستراد".
وعن السلامة العامة لاسيما أن لا أبواب لإغلاق "التوك توك" أجاب: "هي أولى أولوياتنا، وفي القريب سيتم تركيبها أولاً لحماية الركاب وثانياً لكوننا على أبواب فصل الشتاء".
وفي البقاع أيضا انتشرت ظاهرة "التوك توك" بشكل كبير، وذلك بعد أن كان الأهالي يرفضون شراءه رغم العروض التي طرحت من التجار لجذب المستهلكين، بحسب ما قاله وسام عراجي (صاحب شركة البركة) في بلدة بر الياس لـ"العين الإخبارية".
يشرح عراجي: "كنا نبيعه بالتقسيط بـ30 دولارا شهرياً للعسكريين والموظفين ومع ذلك لم يبال أحد بالأمر، لكن بعدما توغل الفقر في لبنان ارتفعت نسبة مبيعه، وأتوقع مع الأيام سيصبح لدى كل بيت لبناني توك توك؛ كون مميزاته كثيرة، فهو يتسع لثلاثة ركاب في الخلف، ويوفر المحروقات".
نقل التلاميذ ممنوع
إضافة إلى بيعه لـ"التوك توك" يعمل عراجي على تشغيل عدد منها لنقل الركاب ولفت إلى أن "الإقبال كثيف على التنقل بهذه المركبة في البقاع، لاسيما من قبل اللاجئين السوريين؛ نظراً للعدد الكبير للمخيمات هنا"، ورغم الإقبال عليه يشير إلى أن "هذه المركبة ليست آمنة فوزنها 370 كيلو فقط من هنا أرفض نقل تلاميذ بها".
وفي خطوة فريدة أقدم عراجي على طلاء عدد من "التوك توك" باللون الأبيض وخصصها كمركبات للعرسان وشرح "لاقت هذه الفكرة ترحيب عدد من اللبنانيين ليس فقط ممن هم من الطبقة الفقيرة لا بل حتى من الطبقة المتوسطة، فبدلا من أن يدفع العريس مئتي دولار على الأقل لاستئجار سيارة لعروسه، يقتصر الأمر على 50 دولارا".
ولّى زمن "البرستيج" بحسب تعبير نهى هوشر (25 سنة)، التي أكدت أنه "في ظل هذه الأسعار أحاول بكل ما في وسعي لكي يكفيني راتبي لآخر الشهر، فأنا موظفة في محل ألبسة في طرابلس، إذا تنقلت بسيارة أجرة يعني أني سأفقد نصف راتبي، من هنا ليس أمامي خيار آخر سوى التوك توك".
وأضافت: "علينا التأقلم وتقبل الواقع الجديد إلى حين عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه سابقاً".
وبعكس نهى ترفض سهام سعيد "29 سنة" التنقل بـ"التوك توك" قائلة: "هو خيار غير مقبول لدي، حتى لو اضطررت إلى تكبد أعباء مالية إضافية، فهذه المركبة دخيلة علينا وطالما أنه بامكاني تسيير أموري لن ألجأ إليها".
الصعوبات الاقتصادية أجبرت اللبنانيين على تغسير نمط حياتهم وتقبل أفكار وحلول كانت بعيدة عن مخيلتهم لسنوات، لكن هل يكون "التوك توك" هو آخر تلك الظواهر الجديدة؟.. سؤال ستحمل الأيام وإجراءات الإصلاح الاقتصادي إجابته بالتأكيد.
aXA6IDMuMTM1LjIwNi4xNjYg جزيرة ام اند امز