بالصور.. "توتي" جزيرة سودانية تحتفظ بخصوصيتها التراثية
"جزيرة توتي" يرجع تاريخها لقرون مضت، وتحافظ على خصوصيتها التراثية وطابعها القروي بشوارعها الترابية وحظائر الأغنام التي تملأ جنباتها
تتميز جزيرة توتي السودانية بموقعها الاستراتيجي الذي يتوسط ملتقى النيلين الأبيض والأرزق، في قلب العاصمة السودانية الخرطوم، وتعرف بـ"درة النيل" أو "عروس النيل" كما يحلو لسكانها تسميتها.
ولا تزال "جزيرة توتي"، التي يرجع تاريخها لقرون مضت، تحافظ على خصوصيتها التراثية وطابعها القروي بشوارعها الترابية وحظائر الأغنام التي تملأ جنباتها على حافة النيل، مما أكسبها ميزات أهلتها لتكون قبلة للسياح من داخل البلاد وخارجها، خاصة بعد أن خرجت من عزلتها ببناء جسر يربطها ببقية أرجاء العاصمة مطلع الألفية الثانية.
ويقع بصر الداخل إلى "جزيرة توتي" على جسرها الطائر المقابل لفندق كورنثيا فخم الأبنية الكلاسيكية، ووسائل النقل البدائية وحدائق الليمون والمانجو التي تعتبر مقصداً للأسر في العطلات.
ويقول حسن النور، أحد سكان الجزيرة لـ"العين الإخبارية": "توتي بالنسبة لنا كل شيء، ارتبطنا بها وجدانياً، ولن نسطيع العيش خارجها، جربت شخصياً هذا الشيء وفشلت، هي ساحرة ونحن خلقنا لنعيش في هذا المكان".
وكانت الجزيرة السودانية إلى وقت قريب منعزلة تماماً ثقافياً واجتماعياً، ويرفض سكانها المنحدرين من إثنية واحدة سكن أي شخص غريب معهم أو ارتياد مرافقها العامة، لا سيما تلك التي تحمل طابعا ثقافيا، ولكن حدث نوع من الانفتاح عقب تشييد جسر طائر ربطها بمدينة الخرطوم فتغير الواقع واختلط السكان.
وما تزال الصورة القديمة لتوتي تدور في مخيلة "حسن النور" الذي ولد وترعرع في الجزيرة، ويقول: "كنا لا نقبل بالدخلاء، محافظين كالأسرة الواحدة، ونعيش على واقع القرية، ولكن الجسر أسهم في تغيير نمط الحياة هنا، لأنه أتى إلينا بأشخاص آخرين".
ويضيف النور : "الواقع الاقتصادي أجبر سكان توتي على إيجار جزء من أراضيهم السكنية لمواجهة مصروفات المدارس والاحتياجات المنزلية مما أدى إلى قطع الأشجار وتحويلها لمبانٍ سكنية مما أفقد الجزيرة قدراً كبيراً من هويتها".
وبحسب "النور" فإن عدد سكان جزيرة توتي ارتفع إلى حوالي 27 ألف نسمة، بعد أن كان في حدود 9 آلاف خلال التعداد السكاني الأخير الذي أُجري بالسودان عام 2009، مما يعكس مدى تدفق الأشخاص من الخارج إليها خلال العقد الماضي.
ويقول محمد علي كدابة، أحد الوافدين حديثاً إلى جزيرة توتي: "واجهتني كثير من الصعوبات عندما جئت للسكن في الجزيرة لأول مرة، وكان السكان الأصلييين يسألونني إلى أين ذاهب ومن أين أتيت، ولكن بمرور الوقت أصبحت الأشياء تمضي بشكل طبيعي".
وأضاف كدابة خلال حديثه لـ"العين الإخبارية": "السكان هنا عبارة عن أسرة يجمعهم المسجد الوحيد الذي يتوسط الجزيرة والنادي والسوق، وما يقربهم أكثر أنهم ينحدرون من إثنية واحدة خاصة السكان الأصليين".
وتابع: "أكثر ما شدني وجذبني إلى توتي طبيعتها البدوية، فهي تحمل كل تقاليد الريف وتفاصيلها رغم موقعها الذي يتوسط العاصمة".
وأنجبت جزيرة توتي العديد من الشخصيات الوطنية والسياسية والأدبية والرياضية والعلمية التي كان لها دور بارز في تاريخ السودان القديم والمعاصر، من بينهم البروفيسور داوود مصطفى الذي قدم للحقل الطبي السوداني خدمات، بوصفه أقدم طبيب سوداني تخرج في أول دفعة لكلية (جردون) سابقاً جامعة الخرطوم حالياً.
كما قدمت الموسيقار السوداني صاحب الصوت الشجي حمد الريح، والفريق حسان عبدالرحمن وزير الدفاع الوطني، وشخصيات وطنية وسياسية أمثال الدكتور مضوى مختار، والسيد عبدالحميد عشم الله، وشخصيات أدبية أمثال الشاعر المعروف مصطفى طيب الأسماء، وشخصيات رياضية أمثال أمين زكي لاعب فريق الهلال السوداني سابقاً.