السياحة تنتصر في معركة الفيروس.. 70 دولة تتأهب للاحتفال
السياحة العالمية ستشهد خلال الفترة المقبلة انتعاشة كبيرة في ظل توجه 70 دولة لفتح أبوابها أمام الزوار بداية من يونيو المقبل.
على ما يبدو أن التوقعات السلبية لمنظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة لنمو القطاع للعام الجاري، ستتلاشى تدريجيا خلال الفترة المقبلة.
العالم قرر وبكل ثقة أن يمحو الخسائر التي كبدتها الجائحة للعديد من القطاعات وعلى رأسها السياحة التي تعد مصدر دخل مهم للعديد من الدول.
وتوقع الأمين العام لمنظمة السياحة العالمية زوراب بولوليكاشفيلي، انخفاض السياحة الدولية 70% هذا العام، بسبب تفشي جائحة كورونا.
لكن ما يقرب من 70 دولة من أبرز الوجهات السياحية حول العالم تتأهب للاحتفال بتراجع الفيروس، بعد أن قررت فتح حدودها أمام السياح خلال الأيام القليلة المقبلة، وهو ما سيغير هذه التوقعات.
ويشهد شهر يونيو/حزيران الجاري فتح الحدود السياحية من قبل 30 دولة وهي (ألمانيا، بلغاريا، اليونان، كوريا الجنوبية، النمسا، سويسرا، اليابان، بولندا، المجر، رومانيا، هولندا، الدنمارك، ألبانيا، فنلندا، إيرلندا، النرويج، قبرص "الجانب التركي"، أذربيجان، صربيا، التشيك، تركيا، مقدونيا، ليتوانيا، قطر، كازاخستان، البوسنة والهرسك، إستونيا، قيرغيزستان، لاتفيا وسلوفاكيا".
أما شهر يوليو/تموز سيشهد عودة السياحة في 29 دولة، وهي (أستراليا، بلجيكا، بيلاروسيا، الصين "بكين فقط"، السويد، كندا، كولومبيا، كوسوفو، ماليزيا، مولدوفا، أوزبكستان، تايوان، تركمانستان، أوكرانيا، إندونيسيا، الهند، باكستان، الجزائر، المغرب، الفلبين، جنوب أفريقيا، جورجيا "مدينة جورجيا فقط"، المملكة المتحدة، الكويت، ليبيا، لبنان، الأردن، روسيا وإسرائيل).
وستفتح 10 دول أبوابها أمام السياح خلال شهر أغسطسس/آب، وهذه الدول هي (البرازيل، أرمينيا، فرنسا، العراق "ممر جوي"، إيران، إسبانيا، إيطاليا، مصر، المملكة العربية السعودية وتونس).
أما الولايات المتحدة الأمريكية ستفتح أبوابها أمام السياح في مطلع سبتمبر/أيلول 2020.
وفرضت العديد من الدول قيودا على السفر وتم إلغاء الرحلات خلال الأسابيع الماضية للحد من تفشي الفيروس، ومع تخفيف الحظر المفروض نظرا لتراجع نسب الإصابة ستبدأ دول العالم فك القيود المفروضة على قطااع السياحة.
وكانت منظمة السياحة العالمية قد توقعت مطلع العام أن تسجل السياحة العالمية نموا بنسبة 3 إلى 4%، لكنها عدلت توقعاتها في 6 مارس/آذار بسبب التفشي السريع لفيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) وتنبأت بأن يبلغ التراجع 1 إلى 3%.
وتوقعت منظمة السياحة العالمية، مارس/آذار الماضي، أن يتراجع عدد السياح في العالم بنسبة 20 إلى 30% في عام 2020 بسبب فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19).
وكشف المجلس العالمي للسفر والسياحة (WTTC)، في تقرير صدر نهاية مارس/آذار الماضي، أن فيروس كورونا المستجد يمكن أن يتسبب في خسارة 75 مليون وظيفة في صناعة السياحة العالمية، ما يؤدي إلى خسارة في الناتج الإجمالي العالمي تصل إلى 2.1 تريليون دولار عام 2020.
وكانت الأمم المتحدة توقعت سابقا بأن يبلغ التراجع 1 إلى 3% مقارنة بالعام 2019.
وتوقعت وكالة الأمم المتحدة المتخصصة ومقرها في مدريد أن تتراجع الإيرادات السياحية من 300 إلى 450 مليار دولار، أي قرابة ثلث عائدات 2019 التي بلغت 1.5 تريليون دولار.
وأشارت الوكالة إلى أن السياحة العالمية تراجعت 4% خلال الأزمة الاقتصادية عام 2009 كما فقدت 4% عام 2003 في أعقاب تفشي متلازمة سارس التي أودت بحياة 774 شخصا في أنحاء العالم.
الأرقام السابقة رغم كونها سلبية إلا أنها لا تدعو للتشاؤم، لأن للتاريخ رؤية مغايرة.
قطاع السياحة يمتلك ميزة هيلكية يتفرد بها، وهي أنه يحظى بـ"قدرة تكيّف" عالية ستساعده في تخطي أزمة فيروس كورونا المستجد، على الرغم من أنه لم يشهد سابقا أزمات بهذا الحجم، وفق تقدير المؤرخ يوهان فنسنت.
وفنسنت ينجز حاليا أبحاث ما بعد الدكتوراه في الدراسات العليا للسياحة والخدمات الفندقية في جامعة أنجيه الفرنسية، وشارك في تحرير كتاب "السياحة والحرب الكبرى: رحلات على جبهة تاريخية مجهولة (1914-2019)"، المنشور عام 2019 عن دار كودكس.
ويوضح المؤرخ أن الحرب العالمية الأولى لم تمنع الناس من التنقل، حيث تنقل الفرنسيون من المنطقة الباريسية مثلا إلى السواحل، وتم استقبال عسكريين أجانب أمريكيين وكنديين وأستراليين تمكنوا من اكتشاف البلاد.
وتابع: "أكسبهم ذلك دراية بالمناطق، وفتح آفاق لقدوم سياح مستقبليين".
وأضاف: "كما أدت أزمة عام 1929 التي عشناها مع فارق زمني بسيط، إلى انهيار السياحة الفاخرة، بينما حوّلت الحرب العالمية الثانية السواحل إلى منطقة نزاع، ما أدى إلى توجه السياحة إلى المناطق الداخلية".
وأضاف: "نلاحظ وجود المزاج نفسه مع انتهاء الحرب، يضاف إليه تحديث القطاع الفندقي في المدن التي تعرضت للقصف، خصوصا على السواحل".
وبينما أدى الهجوم على مركز التجارة العالمي عام 2001 إلى تراجع وجيز للسياحة العالمية، كان تشجيع السياحة إحدى الإجابات عن الأزمة الاقتصادية في أوروبا عام 2008.
ويؤكد فنسنت أن القطاع السياحي التقليدي سيتعافى من هذه الأزمة، لكن قد تؤدي هذه الأزمات إلى تغيّرات.
وقال فنسنت إن الوضع الحالي سيظهر كامل قدرة القطاع على التكيّف، على الرغم من أننا لا نعلم إن كان جميع المهنيين قادرين على التعامل مع الإشكاليات الحالية، أم لا، حيث يتطلب الأمر ضخّ استثمارات في قطاع كان يعيش أصلا تغيّرات مع بروز خدمات مثل "آر بي إن بي" والاقتصاد التشاركي والتضامني.